السبت، 21 مارس 2020

أدب الأطفال نشأته وتطوره وموضوعاته


أدب الأطفال

نشأته وتطوره وموضوعاته


د. محمد فؤاد ديب السلطان

أستاذ الأدب والنقد الحديث المشارك بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الأقصى

2007/2008

إهداء

إلى من ربياني صغيرا

وتعهداني بالحب والرعاية كبيرا

إلى أمي وأبي

أهدى ثواب هذا العمل

المقدمة 

الأدبْ ... هو وجهْ الحياةِ ومرآتُها التي تعكسُ نموَ المجتمعِ وتفاعَله مع كلِ ما فيه، إذ يتميزُ الأدبُ عن سائرِ ألوانِ المعرفةِ الإنسانيةِ باتساعِ آفاقهِ، وامتدادِ ظلالهِ، حتى يشتملَ الحياةَ البشريةَ بكلِ نواحيها.
والأدبُ واسعٌ وشاملٌ كالحياةْ. عميقٌ كأسرارِها، ينعكسُ فيها وتنعكسُ فيه. إن الدلالةَ  التي تحملُها اللفظةُ في المعجمِ، تختلفُ عن دلالتِها في العملِ الأدبي.
لأنَّ الكلمةَ في العملِ الأدبي قطعةٌ من نفسِ الأديبِ. فيها الكثيرُ من فكرهِ وروحهِ ودنياهِ. فالأدبُ بشكلٍ عامْ يتناولُ في جوهرهِ البشرَ والكونَ، ليعبرَ عن عواطفِهم وانفعالاتِهم وأحاسيسِهم الإنسانيةِ في بعضِ تجاربِهم في كلِ مكانٍ. ولهذا فهو يحققُ للقارئِ والسامعِ والمشاهدِ المتعةَ والإشباعَ من خلالِ الثقافاتِ المتنوعةِ.

وبالرغم من الجهود المخلصة التي بذلت ولا تزال تبذل للعناية بأدب الأطفال، إلا أننا بحاجة ماسة لبذل الجهود في هذا المجال البكر، سواء على مستوى الإبداع  أو الدراسات العلمية.
من هنا كان هذا العمل غيثاً أصاب أرضاً ظمأى، نأمل أن يفيد منه أبناؤنا الطلبة الذين سيصبحون بمشيئة الله تعالى، معلمي المستقبل. كما يمكن أن يفيد منه الآباء والمعلمون وخبراء المناهج، وأمناء المكتبات، والمؤلفون والناشرون والباحثون وغيرهم ... ليضعوا لبنات الغد المأمول لأطفالنا، الذين هم ثروة الأمم، وعدة المستقبل، ومعقد الأمل، ومناط الرجاء  ... أبناؤنا أكبادنا تمشي على الأرض.
فمرحلة الطفولة مرحلة أساسية وهامة في حياة الإنسان، فيها تتحدد معالم الشخصية، وتكتسب أنماطاً قيمة من السلوك، يتعلم خلالها الطفل مختلف عاداته واتجاهاته.
إن العناية بأدب الطفل دليل حضاري، ولقد أصبحت النظرة إلى أدب الأطفال، وكتبهم، وقصصهم، وثقافتهم، والاهتمام بهذا الأدب مؤشراً مهماً لتقدم الأمة ورقيها، وعاملاً جوهرياً في بناء مستقبلها. فعندما سُئِلَ الفيلسوف والفنان الإيطالي (بندتوكروتشي – 1866م) على أي أساس تستطيع أن تتنبأ بقدرة الأمة .. أية أمة على التقدم والرقي والرفاهية؟ فأجاب قائلاً:" إنه الاهتمام الذي يوجهه الجيل الحاضر بالأجيال القادمة. ثم هو بعد ذلك الحرية التي يتمتع بها أفراد هذا الجيل الحاضر، حرية الفكر، وحرية العمل من أجل توفير حياة أفضل لمن يجيئون بعدهم. اذكروا دائماً أننا إذا وفرنا لأطفال الأمة وشبابها الفرصة لتنمية قدراتهم، وإذا استطعنا أن نقدم لهم المعرفة الكافية التي تمكنهم من إدراك ما يجري حولهم بكل ما فيه من حسنات وسيئات، فقد خلقنا جيلاً من الشباب يستطيع أن يقود بلاده نحو مستقبل أفضل... إن الشباب هو الحاضر والمستقبل، وهو ثروة البلاد التي لا تنضب أبداً"( ).
وإذا كانت الطفولة أمل المستقبل وإشراقة الغد المأمول للأمة، فإن إعداد هذه البراعم الصغيرة للغد المأمول يجب ألا يتم عشوائياً.
من هنا فإن صناعة أدب للأطفال، منضبط القيم، مستوعب لمراحل الطفولة، يراعي التطور في الشكل والبناء، ليحدث الأثر المطلوب لدى الطفل المتلقي، ويلقي الضوء على ما ينتظر الأديب الكاتب من تحديات، تحفزه على إعداد نفسه لمهمة سامية، هي إنقاذ عقول وصوغ مشاعر، وحقن إرادة، وإثارة خيال، تصب كلها في تيار هادف يهيئ الطفل من خلال المتعة والإثارة، لمستقبل تنتظره الأمة، لتصحح القيم لديه.
فإذا كانت أهمية الأدب ترتبط  بأهمية الإنسان وعقله الذي يفكر به ووجدانه الذي يوجه سلوكه وأفعاله، فما بالنا في أدب يخاطب عقول وقلوب ووجدان أبنائنا وأطفالنا الصغار التي هي أكبادنا التي تمشي على الأرض.
كما تأتي أهمية هذا الأدب لما له من أهمية في إذكاء روح الأطفال، وإثارة وجدانهم بجوهر الحياة لاسيما في أدبنا العربي عامة والفلسطيني خاصة، لتوفير حياة ثقافية أفضل للطفل العربي على أسس علمية وتربوية ونفسية سليمة.
إن الأدب الجيد يمكن أن يحرر الطفل من عبودية العادات والتقاليد السيئة، ويحصنه من الغزو الفكري الهدام، فيجنبه الأسباب التي تؤدي إلى الفشل. كما يوفر له أسباب الترويح والنمو وشغل أوقات فراغه.

وأخيراً على من يتصدّى للكتابة للأطفال أن يطلّع على مقوّمات شخصية الطفل المعرفية، والوجدانية والسلوكية، قبل أن يكتب لهم رغبة في نفسه فحسب؛ لئلا يكون ما يكتبه في واد، والأطفال في واد آخر! وعليه أن يعي خطورة دور كلّ كلمة بل كلّ حرف يكتبه لهم؛ لأنّ الطفل مُتَلَقِّ تنهمر عليه الرُّؤى والقيم كالمطر لا يستطيع دفعها غالباً، ولا بُدَّ أن يخرج ما تشرَّبه عقله ووجدانه عاجلاً أو آجلاً. من هنا ندرك صعوبة الكتابة للأطفال ومُتعتها...
وإذا كان الكبار ...  هم الذين يصنعون أدب الأطفال، فإن الصغار ...  هم الذين يكتبون له الخلود.
د. محمد فؤاد السلطان


الفصل الأول


مفهوم أدب الطفل وأهميته وسماته الفنية

- مفهوم الأدب.
- أهمية أدب الأطفال وأهدافه.
- نشأة وتطور أدب الأطفال.
- السمات الفنية التي ينبغي توافرها في أدب الأطفال.
- مراحل أدب الأطفال الزمنية.
- وسائل تشجيع أدب الأطفال.

مفهوم الأدب
معنى كلمة أدب، أولاً: في مجمل اللغة:
أدب: الإِدْبُ: الأمر العَجَب، والأَدْبُ: دعاءُ الناس إلى طعامك.
والمأدَبَة، والمأدُبَة بمعنى واحد، والأدِب: الداعي إليها.
قال طَرَفة: * لا ترى الأدِب فينا ينَتقر.
والمآدبِ: جمع مأدَبة: واشتقاق الأدب من ذلك كأنه أمرُ قد أجمع عليه وعلى استحسانه.
وجاء في قاموس الصحاح ما يلي:
الأدَبُ: أدبُ النفس والدرس، تقول منه: أدُب الرجلُ بالضم فهو أديب، وأدبته فتأدَّب، والأدْبُ: العجب.
والأدَبُ في المنجد: مصدر أدَبَ القوم بأدِبهُم، بالكسر، إذا دعاهم إلى طعامه، والأدِبُ: الداعي ..".

وجاء في "أساس البلاغة" للزمخشري عن هذه المادة:
"أدَبَ: هو من أدَب الناس، وقد أدُبَ فلان، وتقول: الأدَبُ مأدُبة ما لأحدِ فيها مأربة. وأدبهم على الأمر جمعهم عليه بأدبهم.

الأدَبُ أدَبُ النفس والدرس ... ومنه الأدَبُ لأنه يأدبُ الناس إلى المحامد أي يدعوهم إليها. عن الأزهري وعن أبي زيد الأدب: اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل".

وأما (لسان العرب) فلقد أورد كل هذه المعاني، واكتفى منها بما يتعلق بالموضوع:
الأدب: الذي يتأدب به الأديب من الناس، سمي أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد، وينهاهم عن المقابح، وأصل الأدب: الدعاء.

الأدب: أدب النفس والدرس والأدب: الظرف وحسن التناول، وأدُب بالضم فهو أديب من قوم أدباء.

وأدَّبَه فتأدب علمه، واستعمله الزجاج في جانب الله عز وجل فقال: وهذا ما أدب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث عن ابن مسعود:"إن هذا القرآن مأدَبهُ الله في الأرض فتعلموا من مأدبته" ... قال أبو عبيدة: وتأويل الحديث أنه شبه القرآن بصنيع صنعه الله للناس، لهم فيه خير ومنافع ثم دعاهم إليه"( ).

وفي دائرة المعارف الإسلامية: أدب: لفظ كان يدل في الجاهلية والإسلام على الخلق النبيل، وما يتركه من أثر في الحياة العامة والخاصة، وهناك قول مأثور جرى مجرى الحديث هو (كاد الأدب أن يكون ثلثي الدين). وللفظ الأدب معنى مجازى، علاوة على هذا المعنى العملي، نشأ عندما طمح الناس إلى الثقافة، وأخذت حياتهم الاجتماعية تصقل يوماً بعد يوم على أسلوب حياة الفرس، وبدأت تزدهر حركة التأليف الأدبي في القرنين الثاني والثالث الهجري، وهو بمعناه المجازي يدل على جملة من المعارف التي تسمو بالذهن، والتي تبدو أكثر صلاحية في تحسين العلاقات الاجتماعية، وخاصة اللغة والشعر، وما يتصل به، وأخبار العرب في الجاهلية( ).

نخلص من هذه الجولة في القواميس والمصادر إلى أن كلمة أدب بدأت ومازالت مرتبطة بالمعنى الأخلاقي التربوي (أدب النفس والدرس) وكذلك بمعنى الجمع على الشيء, وهنا يكون الجمع على الفضائل "أدبهم على الأمر جمعهم عليه" الأدب يدعو الناس إلى المحامد، ويقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل.

ثم أصبح يدل على "مقدار المعرفة التي تجعل المرء متحضراً" ثم البراعة في معرفة الشعراء القدامى، وأيام العرب، وفي الثقافة الشعرية والتاريخية والعربية وذخيرة آثار العرب.

ثم أصبح يدل على الفنون الخاصة "بالشعر والنثر الفني".
والأدب بمفهومه الإسلامي هو تعبير فني عن تجربة الأديب في الحياة من خلال التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان وللخالق عز وجل.

أما المعنى الاصطلاحي للأدب:
هذا المصطلح من المصطلحات التي ترددت مؤخراً في الدراسات الأدبية العربية فهو "ذو دلالة مستحدثة، حيث لم يتبلور في أدبنا العربي الحديث إلا في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين على الرغم من الإرهاصات الأولى لهذا اللون الأدبي، التي تعود إلى بداية القرن العشرين"( ).

 فهو فن لغوي تخيلي تنتظمه أنواع أدبية معروفة شعراً ونثراً، وتتميز اللغة الأدبية بأن " لها جانبها التعبيري، وإن اللغة مادة الأدب، وهي من إبداع الإنسان، ولذلك فهي مشحونة بالتراث الثقافي لكل مجموعة لغويه".
واللغة الأدبية مشحونة بالتصوير، كما أنه التخيل يمثل سمة بارزة من السمات المميزة للأدب.

إن الأديب الحق هو الذي ينتج أدباً جيداً، يساعد على بناء الإنسان نفساً وروحاً وعقلاً. "فتساعد على إرهاف حسه الفني والسمو بذوقه الأدبي ونموه المتكامل، فتسهم بذلك في بناء شخصيته، وتحديد هويته وتعليمه في الحياة"( ).

واللغة هي أداة الأديب التي يعبر بها ويصور تجاربه الشخصية، وتجارب الناس وأحاسيسهم ليحدث من خلالها نوعاً من المشاركة الوجدانية، والتأثير العاطفي، والإمتاع العقلي بعد ذلك.

مفهوم أدب الأطفال:
يرى محمد رضوان: "إنه الكلام الجيد الذي يُحدِثْ في نفوس الأطفال متعة فنية سواء أكان شعراً أم نثراً".
وترى د. هدى محمد: " أنه كل خبرة لغوية ممتعة وسارة – لها شكل فني – يمر بها الطفل ويتفاعل معها.
ويرى آخرون " أنه تشكيل لغوي فني ينتمي لنوع أدب سواء أكان قصة أم شعراً، يقدمه كاتب تقديماً جيداً في إطار متصل بطبيعة الأدب ووظيفته اتصالاً وثيقاً، ويتفق وعالم الطفولة اتفاقاً عظيماً"( ).

ونرى أنه كل شكل فني يعبر فيه الكاتب عن تجربة شعورية سواء أكانت حقيقية أو متخيلة تعبر في الوقت ذاته عن الخبرات الانفعالية لدى الأطفال، مع مراعاة الخصائص النفسية لهم كالإدراك اللغوي وعنصر الخيال وجمال الأسلوب وبساطته، بما يحقق للطفل التشويق والإثارة ويشعره بالاطمئنان والأمل ويزوده بالمعلومات، ويتيح له تنمية قدراته التعبيرية والسلوكية .. بما يمكنه من التعاطف مع المشكلات ومواجهتها.

من هنا كان لزاماً على الأديب أن يراعي خصائص مراحل الطفولة، ويتدرج بها إلى الكمال، وذلك عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والقيم والنماذج والانطباعات السليمة.
 إن الموقف والرؤية والأداة في الأدب العام يجب أن تتعدل بصورة ما لتلائم الأطفال فتقدم لهم أدباً يحمل موقفاً ورؤية بأدوات فنية راقية، وفي الوقت نفسه يكون مفهوماً وممتعاً.. على أن الكتابة للأطفال ليس بالأمر الهين، فقد كان توفيق الحكيم يوم بدأ يسجل بعض الحكايات للأطفال عام 1977م، قد أشار إلى ذلك بقوله:"إن البساطة أصعب من التعمق وإنه لمن السهل أن أكتب وأتكلم كلاماً عميقاً، ولكن من الصعب أن انتقى وأتخير الأسلوب السهل الذي يشعر السامع بأني جليس معه، ولست معلماً له، وهذه هي مشكلتي مع أدب الأطفال"( ).
أهمية أدب الأطفال:
إن الأدب الحقيقي للأطفال هو الذي يساعد على بناء الطفل نفساً وروحاً وعقلاً، مراعياً خصائص الطفولة، متدرجاً بها إلى الكمال، وذلك عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والقيم والنماذج والانطباعات السليمة.

إن المعيار الأخلاقي والديني والاجتماعي لا ينفصل عن المعايير الفنية، من منطلق إن الأدب بنية متراكبة لا ينفصل فيها الشكل عن المضمون، فالأدب تعبير عن حضارة الإنسان، والحضارة التي لا تقوم على قيم دينية وأخلاقية حضارة عرجاء تحكم على نفسها بالانهيار.

الأطفال يفكرون ويشعرون ويعجبون ويدهشون، ويتألمون ويحلمون، وحياتهم مليئة بالحب والخوف، وما أكثر ما يعرفه الأطفال لكن القليل هو ما يعبرون عنه. فالطفل تواق إلى استكشاف الحياة ومعرفة عالم الكبار.

من هنا فإن الطفل بحاجة إلى أن يعرف ذاته ويعرف البيئة المادية المحيطة به، لذا فإن الأدب يساهم بشكل كبير في تهيئة الفرص اللازمة لتلك المعرفة؛ حيث يقدم مجموعة من الخبرات، فيها حكمة الإنسان وآماله وطموحاته وآلامه، وأخطاؤه ورغباته وشكوكه. ومن ثم فإن تنمية القدرة الخلاقة والمبدعة تصبح هي الهدف الأسمى لأي تثقيف. كما أن لأدب الأطفال الأثر الأكبر في صياغة عقل وخيال الطفل، وتنمية إحساسه وزيادة وعيه بالماضي، لتحول دون ذوبان شخصيته في الثقافات المعادية. من خلال تثقيف الطفل بالموضوعات المختلفة في شتى نواحي الحياة.

كما يمكن اعتباره "وسيطاً تربوياً يتيح الفرصة أمام الأطفال لمعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم ومحاولات الكشف واستخدام الخيال، وتقبل الخبرات الجديدة التي يرفدها أدب الأطفال، ويتيح الفرصة أمام الأطفال لتحقيق الثقة بالنفس وروح المخاطرة في مواصلة البحث والكشف وحب الاستطلاع والدافع للإنجاز الذي يدفع المخاطرة العلمية المحسوبة من أجل الاكتشاف والتحرر من الأساليب المعتادة للتفكير"( ).

فالأدب الجيد يمكن أن يحرر الطفل من عبودية العادات والتقاليد السيئة. كما تستطيع الخبرة الأدبية أن توفر أسباب الترويح والنمو وشغل أوقات فراغ الطفل من خلال إمتاعه بطريقة تلقائية، يجد نفسه، ويعرف من خلالها أن الفشل ليس عيباً، ولابد أن يتعلم الفرد من فشله، ويتجنب الأسباب التي أدت إلى الفشل.

ففي النواحي التاريخية: تنمي إحساس الطفل وتزيد وعيه بالماضي، وتحول دون ذوبان  شخصيته في الثقافات المستوردة الغازية.

وفي النواحي الدينية: تأتي القصص الدينية في مكان الصدارة، ويغلب عليها الطابع التاريخي المرتبط بأحداث وردت في الكتب السماوية لاسيما في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وسير الصحابة والأبطال عبر التاريخ الإسلامي.
وفي النواحي القومية: ينمي وعي الأطفال بالأحداث القومية والشخصيات التي ساهمت في بناء التاريخ والدولة والانتصار في المعارك الحاسمة وإبراز بطولة المقاتلين والشهداء.

وفي النواحي الثقافية: تزويد الطفل بالمعلومات المختلفة عن الثقافات والحضارات والعادات والتقاليد المختلفة لدى الشعوب والأمم الأخرى. وذلك من خلال "معرفة قدرات الأطفال العقلية وقابلية تعزيزها، والأهم مكانتها في مراحل النمو وتثميرها في التنمية الثقافية"( ).

وفي النواحي العقلية والعلمية: وهو يتفق مع التقدم المعاصر في مجال العلم والتكنولوجيا والمخترعات العلمية الحديثة وتكوين عقلية علمية مبدعة.

وفي النواحي الخلقية: يركز أدب الأطفال على النواحي الخلقية من خلال الشخصيات الدينية كالأنبياء والرسل والصحابة والتابعين وأفاضل الناس في هذا الجانب، كما يركز على تعلم الالتزام بالعادات الحميدة، والصفات النبيلة، كالصدق، والحب، والإخلاص، والوفاء، والشرف، والأمانة، ونجدة الملهوف، والكرم والشهامة، والعطف على الإنسان والحيوان، ورفع الأذى عن الطريق ومساعدة المحتاجين، وتجنب الرذائل من الأفعال والأقوال، وحب الطبيعة والمحافظة على جمالها وأشجارها وأزهارها. وكذلك المحافظة على المرافق العامة واحترام حرية وحقوق الآخرين، "إذ إن المبدع في أدب الأطفال "لا يعيش تجربة بشرية كاملة، وإنما يعيش موقفاً تربوياً ويتسلح برؤية إنسانية أخلاقية تحسن رؤية الأشياء، وتعمق جوهر الحقائق حتى يصدر الإبداع في أدب الأطفال عن وعي كامل برسالة المبدع"( ).

وفي النواحي الترويحية والنفسية: يستخدم هذا النوع من الأدب للترفيه عن الأطفال وتسليتهم وتطهير وجدانهم وتخفيف أعباء الحياة ومعاناتهم من خلال الأدب الضاحك والأساطير والقصص الخيالية والعلمية والحكم والأمثال التي تناسب عقليتهم.

مساهمة أدب الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة:
 وذلك من خلال دمجهم مع أقرانهم غير المعاقين، وتقبلهم لحالاتهم الخاصة، وذلك بوضع أدب له خصائص متميزة بالنظرة إلى نوع الإعاقة وبالنظر إلى تأهيل هؤلاء الأطفال المعاقين؛ ليتلقوا تعليمهم تماماً مثل قرنائهم العاديين، عن طريق برامج خاصة لتأهيلهم وتدريبهم ودمجهم بالمجتمع. أما وسائل أدب أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فهي نفس وسائل تعليمهم التي تدربوا عليها على أيدي المعلمين والمعلمات، والذين بإمكانهم نقل أدب الأطفال العاديين إليهم بوسائلهم وطرقهم الخاصة. وإذا ما رجعنا إلى التاريخ العربي أو العالمي لوجدنا نماذج رائعة لهذه الفئة. نذكر منهم (بتهوفن) الذي كان مصاباً بالصمم، وخلد للإنسانية روائع موسيقية هائلة ومذهلة وأيضا الأديبة الصماء (هيلين كيلر) .. وغيرهم من أصحاب المواهب الفذة.

 ومن العرب هناك شعراء وعلماء خلدوا ذكراهم بروائعهم الأدبية الشعرية والنثرية، أمثال بشار بن برد، والحصري، القيرواني، وأبو العلاء المعري  وطه حسين وسيد مكاوي ... وغيرهم كثير.




أهداف أدب الأطفال:
1- التعليم هو من أول أهداف أدب الأطفال.
2- تنمية الجانب المعرفي عند الأطفال، وذلك بإمدادهم بثروة لغوية هائلة.
3- تنمية التفكير والذاكرة عند الأطفال، والقدرة على ربط السبب بالنتيجة.
4- تنمية الأحاسيس والمشاعر والمهارات، والذوق الفني عند الأطفال.
5- معالجة بعض العيوب اللفظية والأمراض النفسية عند الأطفال مثل التلعثم، والتأتأة، والخوف، والخجل من مواجهة الآخرين.
6- تخليص الأطفال من الانفعالات الضارة كالعنف بأنواعه، والعدوان وغيره من الانفعالات.
7- تنمية روح النقد الهادف البنَّاء عند الطفل وتنمية قدرته على التمييز بين الجيد والردئ.
8- تعليم الأطفال أشياء جديدة تساعد على فهم الحياة والتكيُّيف معها.
9- تهذيب أخلاق الأطفال بما تتضمنه النصوص الأدبية من قيم إيجابية ومثل عليا نبيلة مثل: القيم الاجتماعية، وتتضمن وحدة الجماعة: الظُّرف واللطافة، وقواعد السلوك مثل: التواضع، الأخلاق، الصداقة، العدالة، الطاعة، والقيم الوطنية مثل: حرية الوطن، وحدة الأقطار العربية، والقيم الجسمانية: كالطعام، والراحة، والنشاط والصحة، والقيم الترويحية: وتتضمن الخبرة الجديدة، والإثارة والجمال، والمرح.
10- تنمية خيال الطفل وتربية ذوقه وتوجيهه للتعليم وتنمية قدرته التعبيرية وتعويده الطلاقة في الحديث.
11- الشعور بالمتعة والراحة والاستمتاع لسماع القصص وغيرها من ألوان الأدب الأخرى.
وهناك أهداف أخرى منها:
الاعتقادية: وتشمل تلقين الطفل كلمة التوحيد العقيدة الصحيحة، والوحدانية لله سبحانه وتعالى وتقدم لهم المثل الأعلى والقدوة التي يحتذون بها، وتوقفهم على النماذج المشرقة من تاريخ الأنبياء والصالحين، "وتجيب على أسئلتهم حول الكون والله والملائكة والجن والشياطين بتقدم تلك المفاهيم في صورة حسية تقرب الفهم إلى أذهان الأطفال"( ).

التربوية: وتشمل أمرين مهمين وهما البناء، كبناء النفس، "باعتباره وسيطاً تربوياً يتيح الفرصة أمام الأطفال لتحقيق الثقة بالنفس والتحرر من الأساليب المعتادة للتفكير"( ). وتعهد الفطرة البريئة على أسس إسلامية. والحماية .. من الانحراف والعبث والضلالات الفكرية، والفساد.

التعليمية: تزويده بالثقافة بمعناها الشامل، التي تساعد الطفل في التنشئة من خلال "الأجناس الأدبية المقدمة للطفل كالقصة والقصيدة والمسرحية وغيرها من هذه الأنواع وما يكتب لهم من معارف"( ).

الجمالية: لتحقيق الجمال النفسي في سلوكه، وإنتاجه، وتذوقه. فأي نص أدبي للأطفال لابد أن يشتمل على قيم ومبادئ أخلاقية وجمالية وتربوية " تنبه إليها منذ القدم أفلاطون وأرسطو بما عناه بوظيفة التطهير التي تسهم في تهيئة الجو، لأن تكون العلاقة بين التربية والأدب علاقة تفاعل"( ).

أدب الأطفال نشأته وتطوره
مر أدب الأطفال بأطوار متعددة حتى أصبح بالشكل والمستوى الذي هو عليه الآن.
إن هذه النشأة قديمة قدم الإنسان. فمنذ أقدم العصور والأم تحكي لأطفالها الحكايات والقصص الطريفة التي تخدم المجتمع فيما تصوره. وينقسم تاريخ أدب الأطفال إلى مرحلتين:
1- مرحلة ما قبل الكتابة الحديثة للأطفال.
2- مرحلة الكتابة للأطفال.

أولاً: مرحلة ما قبل الكتابة الحديثة للأطفال:
عثر على أول تسجيل في تاريخ البشرية لأدب الأطفال، مكتوب على أوراق البردي المصرية، ومصور على جدران المعابد والقصور والقبور  من حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

وقد سجل الفراعنة ما كان يحكي للصغار من قصص تقوم في معظمها على الخرافة، ومنا قصة جزيرة  الثعبان، وقصة التاج والفيروز، وقصة النسر المسحور. وكلها تدور حول الحكمة والنصائح، وهو نوع من الأدب التهذيبي( ).
ويرى البعض "أن السومريين هم أول من سجلوا أدباً للأطفال في حضارتهم، باعتبارها حضارة أسبق من هذا المكتشف الذي أعطى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد"( ).

وهناك حكايات هندية قديمة كتبت للأطفال ما بين سنة (500 – 100 ق.م) ومنها حكايات (اليانجا تنترا برهمي)، حيث كانت تستهدف تربية الأطفال بصورة علمية، وقد ترجمت إلى العديد من اللغات.

وحكايات (كليلة ودمنة) والتي ترجمها ابن المقفع عن اللغة البهلوية إلى العربية، ثم ترجمت منها إلى عدة لغات. وفي الصين هناك قصص خرافية مع الحيوانات والطيور مثل شجرة التوت، والعنكبوت والثعبان. ويعد أفلاطون وأرسطو أعمق مفكرين تناولا مشكلة التربية والتعليم. وقد ناقش  أفلاطون تربية الأطفال وتعليمهم.

وتعد المجموعة الخرافية المنسوبة إلى (إيسوب) الذي ولد عام (620 ق.م) من أقدم المأثورات الأدبية التي لاقت شيوعاً في أوروبا، وقد طبعت هذه المجموعة بين عامي (1475 – 1480م). وعدت من أوائل ما كتب للأطفال، وكانت رافداً قوياً للكتّاب الذين أفادوا منها كثيراً في كتاباتهم. كما كتب الإيطالي (ليونارد دافنيشي) حكايات مفيدة ذات معانِ عميقة جاء بعضها على لسان الطير والنبات والجماد( ).

ثانياً: مرحلة الكتابة للأطفال:
أ‌- مرحلة الكتابة للأطفال عند الغرب: إن الدارسين يتفقون على أن البدايات الأولى المكتوبة، والتي تعد الميلاد الأدبي الحديث لقصص وأدب الأطفال، لم تظهر إلا في القرن السابع عشر ميلادي، ثم تطور هذا الأدب في مختلف البلدان منها:

  فرنسا: تعد فرنسا رائدة أدب الأطفال في العصر الحديث بإصدار أول كتاب أدبي خاص بالأطفال كتبه شاعر فرنسا " (تشارلزبيرو). وكان كتابه (حكايات أمي الأوزة) الذي ألفه عام 1697م، واستعار له اسم ابنه (بيرو)، خشية على شهرته"( ).

وبعد أن نالت شهرة وإقبال، نسب مجموعته الثانية (أقاصيص وحكايات الزمان الماضي) إلى نفسه. وكذلك أصدر مجموعة من القصص منها (سندريلا، ذو اللحية الزرقاء، والجميلة النائمة). "وكذلك الروائي (جون فيرن، 1828 – 1905م) من رواد قصص الخيال العلمي" ... وغيره كثيرون( ).

ثم ظهرت السيدة "(لبرنس دي بوفون) التي قدمت قصصها (مخزن الأطفال)، وتبعها (جان جاك روسو) الذي أعاد الاهتمام بتعليم الأطفال بأفكاره التربوية في كتابه (إميل) ثم ترجم (انطوان جالان) قصص (ألف ليلة وليلة)، ثم ظهر(لافونتين) أمير الحكاية الخرافية في العالم( ).

إنجلترا: قدمت أعمال في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلادي، تهدف للوعظ والإرشاد كما هو الحال في "(البنين والبنات) للكاتب (جون بانيان)، ثم ترجم (روبرت سامبر) عن الفرنسية(حكايات أمي الأوزة) عام 1719م، وبدأ أدب الأطفال الحقيقي عندما قدم (جون نيوبري) أدباً شيقاً.

واختصر (روبنسون كروزو)( ) (رحلات جوليفر)( ) لتناسب الصغار. ونشر (لويس كاروز) حكاياته الشهيرة (أليس في بلاد العجائب) ونال (بيتر ويكنسون) صاحب قصة الكتاب الأزرق جائزة أدب الأطفال عام 1977م"( ).
وأصدر الشاعر الانجليزي (ويلم بليك، 1757 – 1827) مجموعة شعرية للأطفال تسمى (أغاني البراءة).

وفي سويسرا: أصدر (يوهان رادولف فايس ، 1780 – 1830) رواية أسرة روبنسون السويسرية عام 1813م.

 أما في روسيا: فقد نشر (إيفان كريلوف، 1768 – 1840) حكايات عديدة في تسع مجموعات كانت الحيوانات تلعب شخصيات حكاياته. وقد كتب (مكسيم غوركي) يقول عن الأطفال بأنهم:"(القوة الكبرى)، وفي عام 1917م، أرسل هذا الكاتب رسائل إلى أصدقائه، يتحدث عن أهدافه في نشر سلسلة من كتب الأطفال"( ).
كما يقف كبير الخبراء في التربية ورعاية الطفولة أمام أعضاء الحزب المركزي ليردد قول علمائهم المأثور:" لقد ألفت بلادنا الألقاب والامتيازات، ولم يعد لدينا أباطرة ولا قياصرة، لكنا نؤكد في بلادنا قيصراً واحداً سيظل يتمتع بكل الامتياز والتقدير... ألا وهو الطفل"( ).

وقد ازدهر أدب الأطفال بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب الحاجة إلى إقامة ثقافة للأطفال في بلدان المنظومة الاشتراكية، وبعض دول أوروبا وأمريكا اللاتينية، والتركيز على تربية الطفل من جديد، وفق منظور علمي قادر على تنمية الدافع الإنساني في سلوكه( ).

 وفي أمريكا وضعت الروائية الأمريكية (لويزا أماي الكوت، 1831 – 1888) عدة قصص للأطفال من أهمها قصص (الحياة العائلية). كما كتب الاسكتلندي (ماثيو باري 1860 – 1937) للأطفال في عام 1904م قصته (الولد الذي لا يكبر أبدأً).  والروائية (مادلين لنجل) ... من أهم من كتبوا للأطفال في أمريكا" ( ).

وفي إيطاليا تغيرت النظرة إلى قصص الأطفال بعد صدور كتاب (أساطيرنا كانت كذباً) للكاتب (تشالزبيرو)، فكتب (اتيالوكا لفينو) قصصه للأطفال معتمداً على التراث الشعبي( ).

ب‌- مرحلة الكتابة للأطفال عند العرب:
  ولأن مرحلة الطفولة أرض صالحة للاستنبات، فكل ما يغرس فيها من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، وكل ما يبذر فيها من بذور الشر والفساد، أو الغي والضلال تؤتي أكلها في مستقبل حياة الطفل، لذلك حرص العرب القدامى منذ وقت مبكر على تربية النشء. وقد اهتم الدين الإسلامي بالطفل واعتنى به عناية كبيرة، تبدأ من المرحلة المبكرة، مرحلة الاستعداد لتكوين الأسرة قبل ولادة الطفل وإلى أن يصبح رجلاً.

وقد اهتموا بالبيئة التي ستحتضن الطفل، فقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم باختيار المنبت الحسن "تخيروا لنطفكم وزوجوا الأكفاء" ، وأنكحوا إليهم" ( ) و "اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة" ( ).
وفي الحضانة قال تعالى:
 وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ...  [البقرة ، آية 233]
وقوله سبحانه وتعالى:   وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ...،
[الإسراء , آية 31]
  وقوله تعالى :  الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... [الكهف , آية، 46]
وقوله أيضا:  فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ    [الضحى، أية 9] ،

وقال عمر بن الخطاب : "علموا أولادكم السباحة والرماية والفروسية وركوب الخيل".

وما سار من المثل، وحسن من الشعر في التراث الشعري العربي فضلاً من المقاطع التي كانت تغنى للأطفال، لأنهم فطنوا أن أذن الطفل ترتاح للأناشيد والأغنيات الخفيفة.
ومع ذلك حفلت الدراسات العربية الحديثة بالخلاف الأدبي حول وجود أدب الأطفال في التراث العربي، فمن الدارسين من انتصر إلى تاريخ الأدب العربي الإسلامي في نشأة أدب الأطفال، وبعض القدماء وصفوا كتاباً للأطفال في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي المنسوب للأذرعي المولود 750هـ - 1349م. أي قبل أدب الأطفال الأوروبي بـ خمس وثلاثين سنةً.
ويرى بعض الدارسين أن "أدب الطفولة فن مستحدث في أوروبا لم يطرق عالم أطفالنا إلا في العشرينات من القرن العشرين على يد الشاعر أحمد شوقي"( ).

وهذا الأدب حديث في الدول العربية "فالبداية الحقيقية لولادة أدب الأطفال في سوريا كانت عام 1969م، وهو العام الذي ظهرت فيه مجلة أسامة، والبعض يرى غير ذلك.

كما أن أدب الأطفال بالمفهوم الفني المتخصص، لم يظهر في الأردن قبل سنة 1977م، حيث ظهرت مجلة سامر للأطفال، وفي دول عربية أخرى كاليمن والمغرب العربي ظهر بعد ذلك، ويرى عبد العزيز المقالح أن هناك جملة من الأسباب أدت إلى غياب أدب الأطفال في تراثنا العربي منها:
1- أن الأدب في البداية نشأ سماعياً.
2- عندما أصبح الأدب العربي مكتوباً، كانت القراءة محدودة الانتشار ومتاحة فقط للقادرين.

وأدب الأطفال قديم جديد في أدبنا العربي، قديم بالنظر إلى ما كان موجوداً في الماضي  من هدهدات وترنيمات وحكايات، وجديد عندما أصبح شكلاً من أشكال التعبير له أصوله وأسسه ومبادئه وأنواعه وغاياته، واتجاهاته.
وقد تضمن أدبنا العربي الكثير من أدب الأطفال " كالأراجيز التي كانت النسوة يتغنين بها لأطفالهن أو يرقصنهم بها، إلى غير ذلك( ).

ويمكن اعتبار أيام العرب في الجاهلية، حاملة البذور الأولى لأدب الطفل عند العرب كالسير الشعبية، وحكايات ألف ليلة وليلة، وحي بن يقظان، وكليلة ودمنة المترجمة إلى اللغة العربية عن اللغة البهلوية( ).

ويختلف الدارسون حول هوية أول كتاب عربي، فرأى عبد التواب يوسف أنَّ أقدم قصة عربية هي (الأسد والغواص)، ويرى آخرون أن أول كتاب عربي حديث للأطفال هو (النفثات) لرزق الله حسون من حلب، وكان صدوره سنة 1867م.

وقد تأثر محمد عثمان جلال ورفاعة الطهطاوي في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي بالثقافات الأجنبية. ويرى أحمد نجيب أن قصة "(القطيطات العزاز) لمحمد حمدي وجورج روب التي نشرتها دار المعارف 1912م، هي أول كتاب أطفال عربي"( ).

ج- نشأة وتطور قصص الأطفال في الأدب الفلسطيني:
اكتسب العمل الأدبي الفلسطيني جنسية غير الفلسطينية لمجرد أن كاتبه عاش أو ولد خارج وطنه الأم لظروف الاحتلال والتهجير.

قبل النكبة:
خليل بيدس رأس مدرسة روائية، خصص لها مجلة النفائس العصرية التي صدرت في حيفا عام 1908م إلى 1923م، وطبعها بمصر باسم "مسارح الأذهان في المطبعة العصرية"، وقد ولد خليل بيدس عام 1875م. ومن الذين كتبوا أيضاً في أدب الطفل، نخلة زريق 1859م وهو ينتمي إلى عرب الزريقات جنوب فلسطين، ومحمود سيف الدين الإيراني 1890 – 1973 ، وخليل السكاكيني المولود 1878م، ومحمد إسعاف النشاشيبي 1882م، واسكندر الخوري البيتجالي المولود في بيت جالا سنة 1890 – 1973م كتب قصته في الصميم عام 1947م.

و"إسحاق موسى الحسيني المولود في القدس سنة 1904 – 1910م , وكتب قصته مذكرات دجاجة في عام 1943م، وهي تستعير (أنسنة الحيوانات) من كليلة ودمنة من حيث أسلوب التفكير، وكلام الدجاج والحيوان فيها، وتستخدم ضمير المتكلم، وهي مظاهر أسلوبية تهدف إلى التبسيط وملاءمتها لعالم الطفولة"( ).
ولِمَ لا وتاريخ أدب الأطفال العالمي يسجل أن أغلب قصص الأطفال كانت للكبار بداية، ثم وجد فيها الأطفال متعة ونهماً ومضموناً، فضموها إلى قصصهم المحببة.

بعد النكبة:
كتب عبد الحفيظ عمر جعوان رواية بعنوان (الفتى البدوي) عام 1953م، وهي رواية عاطفية تدور أحداثها في مدينة يافا أوائل القرن العشرين، كما كتب قصة (الفدائيون الثلاثة) وهي قصة تقع في 94 صفحة، تشيد بأعمال ثلاثة فدائيين بعد حرب 1948م، تسللوا إلى عمق الأراضي المحتلة وقاموا فيها بأعمال المقاومة... .

وواصل راضي عبد الهادي المولود في نابلس 1910إسهاماته وإصداراته للأطفال منها قصصه (كوكو البطل) و(الشهيد) في العام 1950م. و(فارس وغرناطة) 1952م، و(سمسمة الشجاعة) عام 1953م. وجمعها إصدار مكتبة الأندلس بالقدس، وتميزت القصص برسوم وأغلفة ملونة.

وكان جمال إسكندر قعوار المولود في الناصرة عام 1930م الأغزر كتابة، ومن قصصه: (بشير السلام) التي تتحدث عن حياة المسيح، عليه السلام، 1960م، و(ابنة صانع الأجراس) 1960م، و(زهرة الجنة) 1961م، و(الراعي الصغير) 1962م، و(الشعارات الذهبية) 1962م ... وغيرها الكثير.
وكتب وهيب وهبة (أميرة الفراشات) ، وصدر لغسان كنفاني (1936- 1972) (القنديل الصغير، 1962م). وكتب عبد الرؤوف المصري عام 1957م قصتين هما (رغيف يتكلم)، و(الأم الطموح) ... .

وبعد 1967م كتب مصطفى مراد المولود في طولكرم 1930 (التين والشيطان) 1974م و(الحيوانات الأليفة) 1995م، (لا تفكر نفسك قطار) و(قطة أبو موسى)، و(خروف العيد)، (مسمار جحا) 2002م.

وأصدر سامي طيبي المولود في الطيبة عام 1940م، (البنت والأولاد السبعة) عام 1975م، و(الرحلة إلى القمر) عام 1980م.
وفاز إبراهيم العلم المولود في بيت جالا 1940 بجائزتين في القصة القصيرة قبل 1967م، وكان أول من كتب قصة طويلة للأطفال بعد حرب 1967 وكانت بعنوان (طارق قاهر البرابرة).

وقد أصدر معين بسيسو المولود في غزة 1927 – 1984م قصة (عودة الطائر) 1976م، وكتبت باسمة مرتضى حلاوة المولودة في نابلس (1949 – 1979) القصة القصيرة. ومن مؤلفاتها القصصية للأطفال (قصة الشجرة المباركة).

وطبع أمين فارس ملحس المولود في القدس 1923 – 1955 م مجموعة للأطفال بعنوان (أبو مصطفى وقصص أخرى).
وأصدر محمد خورشيد العدناني المولود في جنين 1903 – 1981م (أقاصيص الأطفال) في عشرين جزءاً ما بين عامي 1967 – 1971م، وكتب سعيد شقير المولود عام 1900م قصته (اليتيمة) ( في فلسطين مأساة عائلات الشهداء والمجاهدين) عام 1946م، وطبعت سنة 1948م، وهي تمثيلية صدرت في رام الله" ( ).
مرحلة الطفولة والمعايير التي يتم على ضوئها صناعة أدب الأطفال:
الأطفال هم الثروة الأساسية والحقيقية للأمة، من هنا كان لزاماً علينا صناعة أدب للأطفال منضبط القيم، مستوعب لمراحل الطفولة، يراعي التطور في الشكل والبناء؛ ليحدث الأثر المطلوب لدى الطفل المتلقي، ويلقي الضوء على ما ينتظر الأديب الكاتب من تحديات تحفزه على إعداد نفسه لمهمة سامية، هي إنقاذ عقول، وصوغ مشاعر وحقن إرادة وإثارة خيال، تصب كلها في تيار هادف يهيئ الطفل من خلال المتعة والإثارة لمستقبل أفضل. "ولا يمكن أن نفصل هذا الأدب المتخصص والموجه للأطفال، عما يسمى بالأدب العام أو أدب الكبار، وإن هذا الأدب العام يبقى مصدراً غنياً لمواد وكتابات يتم اختيارها للأطفال، وأية دراسة لتاريخ الأدب تؤيد هذه الحقيقة، فكثير من الكتابات التي لم توضع أصلاً للصغار، وقد أقبل عليها الأطفال"( ).

"ولا تختلف قصص الأطفال في تقنياتها وبنائها الفني عن قصص الكبار، فلها ما لتلك من العناصر والمكونات"( ).

السمات الفنية التي ينبغي توافرها في النص الأدبي الخاص بالطفل:
الطفولة مرحلة مهمة من مراحل العمر، كالأرض المعطاء التي يمكن أن تستنبت فيها ما تريد، فإذا حظيت بالرعاية والعناية، وتعهدتها الأيدي الأمينة، نشأت صالحة خيرة، وأصبحت تبنى وتعطي كما تعطي الشجرة الطيبة، وإذا لم تنل الرعاية المطلوبة، بل تركت بين يدي الشياطين والمفسدين نشأت شريرة سيئة، وأصبحت تهدم وتفسد كما تعطي الشجرة الخبيثة.
فعالم الطفولة عالم البراءة والطهارة والفطرة السليمة، ولهذا فلابد للأدب أن ينمي في نفوسهم تلك المعاني والمبادئ الإسلامية السامية، وأن يكون الأدب واحداً من وسائل بناء شخصية الطفل والارتقاء به عقلاً ووجداناً، والسمو بغرائزه وانفعالاته وتحقق توافقه وارتقائه.

كما أن أدب الأطفال يحتاج إلى مهارة عميقة في فهم نفسياتهم وأحوالهم، على عكس أدب الكبار، الذي يعكس في غالبه أحوال كاتبه النفسية وأحواله المزاجية الأخلاقية، وتمتد الفروق إلى الأسلوب. ذلك أن أدب الأطفال يتجه إلى متلقِ ذي خصائص جسمية ونفسية وعقلية خاصة، وهي خصائص تختلف عن الخصائص التي يعرفها الكبار عن أنفسهم.

وأدب الأطفال – في أكثر صوره – هو محاولة لتبسيط أدب الكبار، والتبسيط تفصيل، ومن معانيه التكلف، لهذا فلا نجزم بأن أدب الأطفال أدب بسيط غير متكلف، على عكس أدب الكبار " قد يُتقبل أن يُقبل أطفال على قراءة كتب للكبار، بظروف معينة، وبأعداد محدودة، لكن لا يمكن تعميم ذلك على أنه ظاهرة وأصل يمكن أن يُستغنى به عن الاهتمام بوضع قصص تناسب الأطفال فقد ورد في (مؤتمر الكتابة للأطفال وتحديات القرن الحادي والعشرين بتونس 8، 9 أيار 1997م) أن أدب الأطفال يسارع خطواته باتجاه نظرية أدب الراشدين"( ).
 ثم إن مصطلح البساطة يجب أن يكون له معايير محددة تتصل بالنوع الأدبي، فبساطة القصة تتصل بالمفردات والتراكيب، وبناء العبارة، وبناء الشخصية والأحداث والعقدة، وهي معايير لابد أن تستنبط عن طريق تحليل بعض القصص، واستنباط ذلك منها.

ومن أهم القضايا الفنية التي ينبغي توافرها في النص الأدبي:
- البداية المشوقة التي تجذب الطفل وتدفعه إلى الاستمرار في القراءة.
- الحركة والحيوية داخل النص والتي يجب أن تساعد في تطور الموضوع.
- منطقة الأحداث المتتالية التي تدفع إلى نهاية مقنعة.
- التحديد الواضح للشخصيات.
- أن يكون الحوار طبيعياً وعفوياً بين الشخصيات دون تكلف.
- أن تكون العبارة مناسبة لمستوى الطفل، وحافزة على الاهتمام بإثراء اللغة لديه.
- الاهتمام بالصور كعنصر موضح للأحداث، وخاصة في مراحل الطفولة الأولى والمتوسطة.
- إشراك الطفل في النص بإعطائه فرص الحوار مع زملائه، وعدم الاكتفاء بالحديث عنه.
- استخدام الخيال بالقدر المناسب الذي يساعد على التشويق، واكتشاف ما ألمح إليه النص، ولم يصرح به.

ومن الملاحظات التي يجب أن يتنبه لها المبدع أو الكاتب لأدب الطفل:
- إن بعض القصص لا تتوفر لها المقومات الفنية الصحيحة، مما يشير إلى أن بعض من يمارسون هذا الضرب من الكتابة، ليسوا على درجة عالية من الكفاءة الأدبية، مما ينعكس سلباً على البناء الفني لهذه القصص.
- تشابه معظم هذه القصص في أفكارها ومضمونها، التي غالباً ما تتصف بالسذاجة والضحالة والانفصال عن الواقع الحقيقي للطفل – لاسيما الفلسطيني – مما يفقدها المصداقية، والتواصل مع الميول الوجدانية والفكرية للأطفال.

من هنا نرى أن "أدب الأطفال يستحق أن يواجه المستويات نفسها من النقد، وينبغي ألا نحجم أو نتهاون في وصف التافه أو الفج منه، بما يستحق من صفات"( ).

مراحل الطفل العمرية وعلاقتها بقراءته للقصص:
لقد قسم علماء التربية الطفولة إلى مراحل مختلفة، وهذه التقسيمات تبقى افتراضية، لأن هذه المراحل تتداخل زمنياً، ويختلف فيها الذكور عن الإناث، وتختلف باختلاف الشعوب والأفراد، وعوامل البيئة والمناخ، فهي تمتد في البلدان الباردة منذ الولادة وحتى سن السادسة عشرة، في حين يتم اختصارها في البلدان الحارة إلى سن العاشرة أو فوق ذلك بقليل.

أولاً: مرحلة المهد أو الرضاعة (من الميلاد إلى السنتين):
وتكون هذه المرحلة من "ساعة الولادة وحتى نهاية السنة الثانية من عمر الطفل"( ). وبذلك يمكن اعتبار المناغاة أول قصة في حياة الطفل. "فهذه المرحلة والمرحلة التي تليها مباشرة يوضع فيها أساس نمو شخصيته، فإذا كانت عوامل النمو سليمة ومواتية، كان نمو الشخصية سوياً، وإذا كانت عوامل النمو ذات تأثير ضار، كان نمو الشخصية مضطرباً غير متوافق" ( ).

ثانياً: مرحلة الطفولة المبكرة أو مرحلة (الخيال الإيهامي) ( من سنتين إلى ست سنوات).
"وتتميز هذه المرحلة بميزات عامة منها: استمرار النمو بسرعة، والاتزان الفسيولوجي، والنمو السريع في اللغة، وبداية التنميط الجنسي، وتكوين المفاهيم الاجتماعية، وبروز (الأنا الأعلى)، والتفرقة بين الصواب والخطأ"( ).
 وفي هذه المرحلة نكون "قادرين على أن ننمي شخصية الطفل أو نحطمها"( )، ويكون خياله إيهامياً، فيحسب العصا سيارة يركبها، وهذا الخيال يقّوده إلى محبة القصص الخيالية عن الغول أو الذئب وقصص الفروسية وقصص الحيوان والطير والطبيعة.
ومن الخطأ أن نقدم لأطفال هذه المرحلة الحكايات المخيفة، والقصص المفزعة، كأن تشتمل على الغيلان والقتل"( ).

ثالثاً: مرحلة الطفولة الوسطى أو (الخيال الحر) (6 – 9 سنوات).
ويكون الطفل في هذه المرحلة أكثر اعتماداً على نفسه، فيستطيع الركض واللعب مع أقرانه، "وتتميز هذه المرحلة باتساع الآفاق العقلية والمعرفية، وتعلم المهارات الأكاديمية في القراءة والكتابة واطِّراد وضوح فردية الطفل، واتساع البيئة الاجتماعية، والخروج الفعلي إلى المدرسة، وزيادة الاستقلال عن الوالدين، وتوحد الطفل مع دوره الجنسي" ( ).
" لذا يمكن استغلال حبه للقصص لتكون الوعاء الذي يقدم له فيه التوجيه السلوكي والقيمي"( ).

كما أنها مرحلة تشد انتباه الطفل إلى ما وراء الأشياء، وتذهب به إلى آفاق فسيحة من الخيال، وتعمق له الظاهر، وتدعوه إلى كشف الباطن الخفي. وفي هذه المرحلة، يحاول الطفل التركيب، والتجميع، وتفسير كل الظواهر، وهي مرحلة أقرب إلى الخيال، واصطناع الحلول الخرافية للمشكلات، ودورنا يتمثل في تقديم، أدب يشبع خياله، ونهم وجدانه نحو الرؤى الحالمة، مع أخذه بمنهج عقلاني يمجد الفعل الإنساني، بديلاً لغيبية الحل الخرافي والاتجاه به عبر أدب قصصي، إبداعي، وغنائي للسير في مسار الأدب الخيالي، تحقيقاً للمتعة، وإثراءً للعواطف، والأحاسيس وتقوية الخيال، وصولاً إلى معرفة عقلية، يكشف عنها هذا الأدب الخيالي، حتى يكون طريقاً إليها، وفي خدمتها، وتحقيقها أو إلى قيمة فنية جمالية، أو أخلاقية .. المهم أن يكون هذا النوع من الأدب الخيالي، وسيلة لا غاية .. أما الغاية، فهي تقوية الإرادة، والفعل، وإثراء المرحلة بالخبرة، وتزويد الشخصية بالمعرفة، وإشباع الحاجة، وبث الفضيلة، مع قوة التصور الذي ننميه، لدى كل مرحلة، من مراحل عرض الدرس الأدبي.
والمعلم حينئذ يستطيع اختيار قطعة أدبية، تساعد على تقوية الخيال، وتمنح الطفل فرصة للتذوق، أو أن يختار قصة تتميز بخيالها الحر، وبقدرة البطل على التجاوز، والامتداد في المجهول ثم يعود حاملاً ثمار مغامراته، خيراً، واكتشافاً علمياً نافعاً.
رابعاً: مرحلة الطفولة المتأخرة (9  –  13 سنة):
"وهي المرحلة التي تسبق مرحلة المراهقة، فيصبح السلوك أكثر جدية، ويزيد التمايز بين الجنسين، وتظهر أهمية تعلم المهارات اللازمة للحياة، وتعلم التعابير الخلقية والقيم، وتكوين الاتجاهات، والاستعداد لتحمل المسؤولية، وضبط الانفعالات"( ).

والأطفال في بداية هذه المرحلة، يستمتعون بالقصص الشعبية، ويفضلون قصص المخاطرات، والمغامرات، والشجاعة والعنف والتعرض للهلاك والقصص البوليسية وقصص الحروب.

وهي أيضاً المرحلة التي تتحدد فيها معالم الشخصية، وتستفيد من الروافد المغذية القادمة من التربية والتعليم، والأسرة، والمجتمع، والنظام الاجتماعي وفلسفته السائدة، ومن المناخ العام الثقافي والحضاري والاقتصادي، والسياسي، ويظهر في هذه المرحلة، النزوع نحو الفردية (الأنا) وحب السيطرة، وشدة التملك، وحب الظهور، ولذا فإن الأدب الذي يقدمه المعلم ليكون ملائماً لهذه المرحلة. بكل تعقيداتها، وتركيبها، هو أدب البطولات: الشعرية، والقصصية، والمسرحية، وهو الأدب الملتزم بقضايا الحرية، والدفاع عن الأوطان والمعتقدات، والتغني بالأبطال الحقيقيين، ومع هذا اللون يمكن الاهتمام بالأدب الاجتماعي، والإنساني، والتاريخ القديم، والمعاصر، والمشكلات الحضارية والاجتماعية الحديثة، لتشكل منهلاً عذباً لإرواء ظمأ أطفال هذه السن، وينبغي لمن يعمل في تدريس مادة الأدب لأطفال هذه المرحلة الاهتمام بما يلي:
1- توجيه النزوع إلى السيطرة وحب المقاتلة، إلى الحوار العقلاني الهادف، والدعوة إلى السلام باعتباره قاعدة الحياة العامة، إلاً إذا هدد الوطن، أو الأمة، أو المعتقد فلا بديل للسلام، إلا الشجاعة والإقدام، والبسالة في سبيل الأوطان، والشعوب، والمعتقدات.
2- توجيه مرحلة المغامرة، والبطولة، التي يعيشها أطفال هذه المرحلة، نحو التفوق، والخدمة العامة، والانخراط في معسكر العمل والإنتاج، وتعلم فنون الدفاع عن الأوطان.
وبذلك يتضح لنا أن "أدب الأطفال يدخل في إطار الاهتمامات التربوية كما يدخل في صدد المشاغل النظرية للأدب كي يعبر عن عالمهم الخاص ويعمل على صياغة مخيلتهم"( ).

إننا بالفن، وبالشعر خاصة، نحمل الطفل على البوح لنا بكل ما يعانيه، ويحس به، وحينئذ، نكون أكثر إنصافاً له وقدرة على حل مشكلاته، وفي سبيل هذا ينبغي أن ننوع له في التجارب الشعرية، ونأخذ بيده نحو شعر الطبيعة، وشعر الحب العفيف، وشعر الانتماء للوطن وشعر التسامح الديني، وشعر الإيمان .. وشعر الحماسة في اتجاه المثل الأعلى، وأن ننوع له أيضاً في الفن القصصي فنختار له، قصصاً اجتماعياً، وآخر إنسانياً، وتاريخياً.. كما لا نحرمه من الأساطير، التي تفسر نشأة العلوم وتوضح اجتهاد البشرية، لتفسير الكون، واللحاق بالعلم واكتشافاته، والحدوثة، والحكاية، التي يسترجع عن طريقها طعم الحياة الشعبية، التي عاشها، ويعيشها مجتمعه الصغير والكبير.


خامساً: المرحلة المثالية (13 – 16 سنة):
وهي مرحلة الاستقرار العاطفي النسبي، ومن الدارسين "من يضع اسماً توصيفياً يتناسب مع رؤيته للخصائص النفسية التي تلي السنة الثانية عشرة من عمر الطفل فيسمها المرحلة المثالية أو الرومانسية"( )، وهي مرحلة دقيقة وحساسة، يميل فيها الطفل إلى القصص التي تمتزج فيها المغامرة بالعاطفة، وتقل فيها الواقعية وتزيد فيها المثالية، فالشخصيات الرومانتيكية ستكون جذابة على الدوام، وخاصة تلك التي تواجه الصعاب الكبيرة والعوائق المعقدة من أجل الوصول إلى حقيقة من الحقائق، أو الدفاع عن قضية، ويشوقون إلى القصص البوليسية والجاسوسية وكذلك موضوعات الحب. وتبقى هذه التقسيمات افتراضية بهدف الدراسة والبحث لأن " تحديد عمر الطفل اختلف فيه من باحث إلى آخر"( ).

ويشتكي التربويون، والوسط الإعلامي عموماً مما يسمى أدب الأطفال، وخصوصاً ما تعمل على نشره دور النشر من أعمال قصصية بل يشتكون من كلّ ما يقدّم من أدب الطفل، والشكوى هنا لا تخلو من صحة، إذا ما أخذنا العامل النفسي، وعلاقته بالتشكيلة الاجتماعية وسلطاتها الرمزية الساعية على الدوام لتكريس قيم يفترض تداولها من خلال الموضوع المطروح، وفي الغالب سوف يتناسى هؤلاء القيم الجمالية فيما إذا استجاب الكاتب لرغبات هذه السلطات الرمزية، مما يدفع بأدب الأطفال لأن يتخذ مساراً وعظياً ومباشراً لا يختلف عن أي درس يتلقاه الطفل في المدرسة.

أما من جهة الأطفال أنفسهم، فهم في الغالب لا يشتكون، ولكن بإمكانهم أن يتجاهلوا ما يقدّم لهم من وجبات غير مستساغة، مقارنة بما يفضلونه من أدب مترجم، أو ما يشاهدونه من أفلام تسافر بهم إلى ما يحبون، من حيث الحكاية القوية والمشهد البصري الفائق والخيال الممتع، ولكن المشكلة الأخطر تتمثل في استجابتهم لعقلية الوصاية التي يتمسك بها الكبار كامتياز يرفضون التخلّي عنه، حتى في مسائل ذات طبيعة إبداعية وجمالية، قد لا يفقهون شيئاً منها، ولكنهم يخولون لأنفسهم الحق في تتفيه هذا العمل أو ذاك تبعاً لمواقفهم الإيديولوجية أو الأخلاقية، ويمكن لنا أن نضمّ إلى هؤلاء أيضاً الكتّاب الذين يحملون العقلية الوصائية ذاتها على هذا الطفل الحائر بين أن يلبي رغبات الأسرة أو المعلم، وبين أن يلبي رغباته الخاصة في الاستمتاع بما يحبّ ويفضّل، مما يترك آثاراً نفسية واضحة على مجمل سلوكياته. ومن القصص التي تعالج هذا الموضوع بالذات، قصة "القمر لا يعرف" لكاتبها السويدي (نيكلس روستروم) قدمها كرواية للصغار، ويقرأها الكبار، ليمضي بنا في رحلة ممتعة نحو عوالم الحكاية والأحلام التي تغزو قلب وتفكير الفتى (كريستيان)، فيذهب عميقاً في تفاصيلها الآسرة. ولكن الرواية في الوقت نفسه تنطوي على أفكار فلسفية وتربوية عميقة، صيغت ببساطة وعفوية طفل دشّن عامه الرابع عشر منذ قليل، ولكنه ما انفك يرفض الانخراط في عالم الكبار بما يحتويه من أشياء لا يحبها، خلال التعايش مع لحظة الطفولة الخالدة التي يندمج فيها عالم الحلم بعالم الواقع، ليقدّم خلال النصّ قراءته الخاصّة للأشياء المحيطة بأسلوب قل أن نقرأ له مثيلاً في الكتابة الروائية الحديثة.

وتأتي الأهمية الاستثنائية للرواية برأينا أن المؤلف سوف يدفعنا إلى الدوام للمقارنة بين عالمي الطفولة والكبار، لندرك المتغيرات النفسية التي تطال الفتي، وهو يعيش في وسط مفكك أسرياً، ولكنه في الوقت نفسه لا يتعرض لردّات فعل قوية نظراً لوجود جدته التي قادته نحو عالم الحكاية الأخاذ، كما أنه لن يتشبه بمن هم في مثل سنّه من فتية يسعون للتشبّه بالكبار، في سبيل الحصول على الامتيازات التي يخصّ الكبار أنفسهم بها، كالتدخين، أو مصاحبة الفتيات، وغير ذلك من أمور تشغل بال المراهقين كثيراً. وإنما يمضي برفقة جدته التي ودّعت ذلك العالم وعادت إلى لحظتها الطفولية، ليتعايشا سويّة وفق منطقها الخاص في تفسير العالم من خلال الحكاية. وذلك لأنهما بالأساس ينطلقان من لحظة صدق مع الذات، والتعبير عن ذلك بكلّ بساطة النفس الإنسانية الساعية إلى مزيد من الأنسنة للطبيعة والأشياء.

وقد  يبدو للقارئ أن سرّ تشبت (كريستيان) بعالم الطفولة، هو عزلته، وهيمنة جدّته عليه من خلال حكاياتها الكثيرة، ولكن ذلك قد يكون محوراً هامشياً، فيما إذا تمعنّا في شكل ملاحظاته البسيطة على عالم الكبار من حوله، كالطلاق الذي تمّ بين أبيه وأمّه، أو اعتراضه على التدخين، الذي كانوا يعتبرونه شيئاً حضارياً، ثمّ ما لبث أن بدأ يفتك بهم واحداً بعد الآخر، فاضطروا اضطراراً إلى هجره، وعبر السرد سنكتشف أن الصبي لا يعترض فقط على التدخين، وإنما على جملة من الأشياء الخطأ التي تمارس، من قبلهم وتعتبر في الوقت نفسه امتيازاً لهم وحدهم.

 وهذا الموقف من (هانز كريستيان أندرسون)  سوف يقودنا بالضرورة إلى مسألة الضوابط النفسية والتساؤل عمّا يمكن أن يقدّمه أدبنا من قضايا على هذا المستوى من العلاقة بين الآباء والأبناء، أو بين الأبناء والأبناء من قضايا كالحسد والكراهية والنميمة والوشاية وقلة النظافة وغير ذلك، سيما وأن مجتمعنا يحفل بالكثير من المشكلات ومن أخطرها مشكلة الديمقراطية الغائبة عن بيوتنا ومدارسنا ومجتمعاتنا.
وإذا اعتبرنا هذا السلوك شكل من أشكال العنف الرمزي كما يسمّيه (بيير بورديو)، فكيف إذاً في حال من يعتبر أبناءه صنيعته الخاصّة فيمارس كلّ جنون العنف الجسدي" ( ).

والسؤال هل يمكن للأدب الموجه للطفل أن يخرج من فضاء القضايا الكبرى إلى قضايا تربوية مسكوت عنها؟ ماذا مثلاً عن موضوع الاستهانة بالطفل والطفولة واعتباره كائناً في مرتبة أدنى فيعامل كذلك حتى يكبر، وخلال هذا المسافة الزمنية الخطيرة سنراه على الدوام مهمّشاً ومستبعداً من المجالس الكبار لا يحترمونه كما يجب، ولذلك نراه ينتظر بفارغ الصبر أن يصبح كبيراً كي يتخلّص من هذه المرحلة الشائكة، في الوقت المفترض به أن تكون أكثر متعة وسعادة!.

وسائل تشجيع أدب الأطفال:
1) الأسرة: وهي التي يقع عليها العبء في بناء شخصية الطفل وتربيته التربية الإسلامية الصحيحة؛ حيث أنها تنفرد بهذا العبء فترة من الزمن، قبل أن تشاركها في هذا الدور، رياض الأطفال أو المدارس أو وسائل الإعلام. وقبل أن يتعلم الطفل القراءة والكتابة، يستمع من أسرته إلى كثير من القصص والأغاني والأناشيد، التي تترك أثرها الملموس في بناء شخصيته سلباً أو إيجاباً، ويمكن أن يصنف دور الأسرة إلى مرحلتين.
أ‌- مرحلة ما قبل الدراسة: ويكون الطفل في هذه المرحلة محكوماً بحاجاته البيولوجية، "وهو في سبيل ذلك يتفاعل مع جميع المعطيات في بيئته سلباً أو إيجاباً، وهذا التفاعل يقود إلى التعلم واكتساب الصفات المقبولة" ( ).

وفي هذه المرحلة يكتسب الطفل من أسرته كل الخبرات الأولية، وهذا الاكتساب يعمل على بناء شخصيته، وما يكتسبه الطفل من عادات واتجاهات يصعب تغييره أو تعديله، ومن هنا فإن على الأسرة أن تحرص على تقديم القصص والأغاني والأناشيد، ذات الدور الإيجابي، والبعد عن قصص العنف والوحشية والتعصب، ثم إن الأسرة نفسها يفترض أن تكون مؤهلة لتربية الطفل فلا تكون هي المصدر الأول للعنف المسلط على الطفل؛ إذ نلاحظ هذه الأيام ضحايا من الأطفال، نتيجة العنف الأسري والإرهاب الأبوي من الأبويين اللذين هما الأداة المنفذة لتحطيم الطفل.

ب‌- مرحلة ما بعد المدرسة: وهي المرحلة التي أصبح فيها الطفل متقناً للقراءة والكتابة، "وربما بدا الطفل في أحيان كثيرة غير مستجيب للإرشادات والنصائح حين تأخذ طابعاً وعظياً ( )، فتقوم الأسرة بترويضه على التكيف الاجتماعي مع البيئة الجديدة. وتعمل على غرس حب القراءة والاطلاع لديه، وتوفر له الكتب والقصص التي تثير اهتمامه. ونضيف على ذلك توفير الكمبيوتر وتدريبه عليه، وعلى الإنترنت. ودخول المواقع الخاصة بثقافة الطفل، وحمايته من الوقوع تحت سطوة المواقع الإباحية والأفلام الخليعة والبرامج الماجنة. مع مراعاة أن يكون البيت هادئاً وجميلاً ومكاناً لقضاء أجمل أوقات الطفل، لما له من "أهمية كبرى في وجدانه، فهو مركز العالم بالنسبة إلى ساكنه لما يوفره له من حماية وهناءه"( ).

2) المدرسة:  للمدرسة دور كبير في اهتمام الطفل بالكتاب والقراءة، "إذا يمثل الصف الدراسي مجتمعاً مصغراً للطفل" ( ).
علاوة على كونها صاحبة دور أساسي في تنشئة الأطفال، وتربيتهم، وتعليمهم، وتأديبهم، إلا أنها تعمل على تأصيل الأدب لدى الأطفال، باكتشاف مواهبهم وتوجيهها، وتحفيز دوافع الإبداع والابتكار، عن طريق التشجيع على اللغة العربية ونصوصها استماعاً واطلاعاً وقراءة، واحتواء الكتب المدرسية  على ما يحبه الطفل ويستفيد منه، ثم القيام والمشاركة في المسابقات الأدبية والمهرجانات والإذاعة المدرسية والصحافة الجدارية، اليومية والأسبوعية والشهرية، كلها وسائل قوية لتشجيع الطفل على الأدب.

3) المساجد: من وسائل التشجيع بصفتها مدارس أولية في بناء المجتمع، وهذا يحتم على وزارة الأوقاف حسن اختيار أئمة المساجد وخطبائها؛ ليكونوا على مستوى هذه المسئولية الكبيرة والخطيرة؛ وذلك بعمل اختبارات لغوية ودينية وثقافية وتربوية لهؤلاء الخطباء، قبل أن يتبوأ المنابر كل من يصلح أو لا يصلح لهذا الأمر.

4) المكتبات: علينا تعويد الأطفال على ارتياد المكتبات سواء المنزلية أو المدرسية أو العامة من خلال تخصيص قسم خاص بالأطفال، وقيام كل من المكتبات المدرسية والعامة بتطوير برامجها في غير إعارة الكتب.

5) السينما والمسرح: عن طريق مشاهدة الأفلام الدينية والتاريخية والثقافية، وتقديم المواقف الثابتة من خلال هذه الأعمال. والمسرح على أنواع، منه المسرح العام المحترف، الذي يؤسس على مستوى المنطقة أو المدينة، ويهدف إلى الربح، وهناك مسارح عامة تشرف عليها مؤسسات ثقافية، يشترط في مثل هذه المسارح أن يكون فيها ممثلون محترفون، ثم المسرح المدرسي، وهو الخاص بمدرسة أو جامعة، أو كلية، أو معهد ويكون جمهورها من الأطفال وأولياء أمورهم. ويأتي بعد ذلك مسرح الفصل الذي يكون فيه العرض داخل الفصل الدراسي وتتم فيه مسرحة الدروس بكل أنواعها، وأبطاله، وجمهوره الطلبة والطالبات. وأخيراً مسرح العرائس وهو على نوعين هما (الجوانتي) ويكون على مسرح دائم و(ماريوينت) وهو مسرح محلي صغير أو متنقل داخل المدرسة. أو أندية الأطفال. ويحقق المسرح للطفل أهدافاً سلوكية وتعليمية وثقافية( ).

6) وسائل الإعلام المختلفة: كالإذاعة والتلفاز والتسجيلات المختلفة، والفيديو والكمبيوتر والإنترنت، عن طريق ما نقدمه من برامج وأفلام وألغاز وقصص، وغير ذلك ما يثرى ثقافة الطفل ويوجه سلوكه، ويخلصه من الطبائع والعادات السيئة. لاسيما أنها محببة لديهم وأصبحت تلقى رواجاً كبيراً بين جموع الأطفال" ( ).






الفصل الثاني
الفن القصصي للطفل

- المعنى اللغوي للقصة.
- المعنى  الاصطلاحي  لقصص الأطفال.
- نشأة  القصة.
- نماذج  منوعة  لقصص الأطفال.
- العلاقة بين القصة والحكاية.
- أشكال الحكاية.
- أنواع القصة وموضوعاتها.
- عناصر التشويق في قصص الأطفال.
- البناء الفني لقصص الأطفال.


المعنى اللغوي للقصة:
قصّ الأثر: تتبعّه، والخبر: أعلمه .. قال تعالى :  نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... [يوسف: آية 3]، أي نبين لك أحسن البيان، والقاص: من يأتي بالقصة. ولعل القصاص ينتمي إلى هذا الأصل اللغوي، لأن القصاص الأنفع هو الذي يسير في الناس، فيعتبر به أولوا الألباب، وهذا شأن القصة.

والأصل اللغوي للفظة يدور حول معان  أساسية لا تخرج عن حديث الأخبار وتتبع الأحداث المتسلسلة، ولابد من الإشارة إلى وجود اختلاف جوهري بين ثلاث هيئات للفظة، فالقُصة بالضم تعنى شعر الناصية، وجمعها قصص وقصاص، وبفتح أوله (القَصة) تعنى الجِصّة وجمعها قِصاص، أما القِصة بكسر أوله، وهي التي نقصدها وجمعها قِصص مثل سِدْرة ( ).

يصعب وضع تعريف موحّد للقصة، يشتمل على مفاهيم ومواصفات فنية محدّدة، يلتزم بها الكاتب. فالقصة كفن أدبي وكمصطلح فني لا يمكن أن تحدد أو تعرف بشكل قسري نهائي، لأن التحديد أو التعريف غالباً ما يسقط ألواناً من النماذج، ليشمل ألواناً أخرى. كما أنه يتأثر باختلاف وجهات النظر، ومن ثم فإن أيَّ تعريف لا يأتي ملائماً لكل القصص. كما أن التنوع المحيرِّ في التعريفات والمعاني والشعور، بعدم الرضا بها مبعث شكوى بها منذ زمن طويل.



المعنى الاصطلاحي لقصص الأطفال:
ويمكن الوقوف عند المعنى الاصطلاحي للقصة من خلال عرض تعريفات عديدة، في محاولة فهم ماهية القصة ووظائفها، وهي على النحو التالي:

قصة الطفل النثرية: هي جنس أدبي نمطي يسرد أساساً للأطفال كي يقرؤوه أو يُقرأ لهم بقصد التسلية والإمتاع. وتراعى في تركيب عناصره وتحديد أجناسه وأنواعه الخصائص النوعية والذاتية؛ لنموهم الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي والخلقي واللغوي، ثم الخصائص الموضوعية الخارجية، وكذا المكونات العامة للجنس الأدبي وسمات النوع.

وقد تشتمل قصة الطفل على مواقف تعليمية أو تهذيبية، أو تنجز في سبيل تحقيق غايات ومصالح قريبة. "كتثقيفه بمبادئ التسامح والحد من العنف والمساواة بين الجنسين، وتعديل سلوكهم داخل الأسرة والمجتمع" ( ).

غير أن مثل هذه المواقف والغايات لا تدخل ضمن الاعتبار الحقيقي لهذا النمط التعبيري؛ إلا إذا كانت نابعة من صميم البنية العامة للنصوص.

ومادة هذه القصة قد تكون مبتكرة من شتى مظاهر الواقع والخيال، أو مستوحاة، من أجناس أدبية أخرى، أو مقتبسة من التراث الشعبي الإنساني. فالقصة حكاية تروي وجهاً من وجوه الصراع الإنساني في الحياة.

وتقوم القصة على تسلسل الأحداث وتتابعها واطرادها بما يدفع إلى التطور في الأحداث وانتظام الزمن بطريقة معينة. والقصة عبارة عن سرد أحداث مرتبة في تتابع زمني، مع ضرورة وجود الحبكة؛ التي تدل على تأكيد الأسباب والنتائج.

كما يمكن تعريف القصة بأنها عبارة عن كل ما يكتب للأطفال نثرياً. ويقصد به الإمتاع، ويروى أحداث وقعت سواء كانت خيالية أو حقيقية، وكانت تنتمي إلى عالم الحيوان أو الإنسان أو الجان.

- هي كتاب يؤلف للصغار لتزويدها بالمعرفة وبغرض التسلية والترفيه.
- هي فن أدبي وعمل أدبي يعتمد على سرد الأحداث ويقوم على عناصر فنية متكاملة تهدف إلى غرس القيم والمبادئ في الطفل.
- عبارة عن سرد أحداث مرتبة في تتابع زمني مع ضرورة وجود الحبكة التي تدل على تأكيد الأسباب والنتائج.
- هي شريط لغوي قصير نسبياً، يعبر عن سلسلة من الأحداث المترابطة والمشوقة، التي يمكن تخيل وقوعها، وتدور هذه الأحداث حول عقدة تتسم بالوضوح وتتطلب حلاً ما، وتراعي قاموس الطفل اللغوي، وقدراته النفسية والعقلية والاجتماعية.
- هي فن أدبي تهدف إلى كشف أو غرس مجموعة من الصفات والقيم والمبادئ والاتجاهات بواسطة الكلمة المنثورة، التي تتناول حادثة أو مجموعة من الحوادث التي تنتظم في إطار فني من التدرج والنماء. ويقوم بها شخصيات بشرية أو غير بشرية، وتدور في إطاري زمان ومكان محددين، مصوغة بأسلوب أدبي راقِ، يتنوع بين السرد والحوار والوصف، ويعلو ويدنو وفقاً للمرحلة المؤلفة لها القصة، وللشخصية التي يدور على لسانها الحوار( ).
- وهي سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثراً أو شعراً يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء.

ويعرف القصاص والناقد الأمريكي (إدجار آلان بو) القصة بقوله: "تعتبر القصة مجالاً لتدريب القرائح، والرقي والسمو بها، وهي أفضل المجالات النثرية؛ لذلك القصاص الماهر هو الذي يبنى قصته وما فيها من فكر وفلسفة من خلال ملائمة الأحداث مع الشخصيات، التي تترك أثراً مميزاً في نفس السامع أو القارئ".

ويرى أدباء آخرون أن القصة :" حدث حصل لشخص عادي في ظروف غير عادية، أو حدث حصل غير عادي في ظروف عادية".
حيث إنها عبارة عن حكايات قصيرة تقدم درساً أخلاقياً وأكثر شخصياتها من الحيوانات أو الأشياء الناطقة، يمكنها التحدث والتصرف كالإنسان. ولكن ليست هذه القيم والمبادئ هي الغاية من النص؛ لأن النص الأدبي بعناصره هو غاية بحد ذاته.
وليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمى تلك الشخصية، أو قد يأخذ جواً معيناً ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أي تجسده. "ويتم ذلك إما عن طريق الصراع الوجداني بين الشخصيات، وإما بتأثير الأحداث الخارجية"( ).

 ومن أشهر القصص في القرن السابع عشر الميلادي (حكايات أيوب) للكاتب الفرنسي (لافونتين). وقصص الحيوانات وقصص البلاد الأخرى، وقصص الخيال العلمي والقصص البوليسية والاجتماعية وقصص السير وكتب المعلومات.
لذا كان لابد التركيز على الشخصيات وأدوارها في صنع الأحداث التي تكون في الغالب مستمدة من الحياة بكل ما فيها من تناقضات وتآلفات، ينظمها خيالٌ واعِ يهدف إلى الإثارة والتأمل في التجربة الإنسانية الهادفة إلى تقديم نوع من نمط من حياة ما. "ويستحب أن تكون الأحداث مرتبطة بمبدأ السببية، وأن تستبعد الحلول والنهايات المفاجئة كاستلهام تدخلات عامل الصدفة" ( ).

نشأة القصة:
يتداول كثير منا لفظة القصة بطريقة مألوفة للدلالة على أشكال متنوعة من السرد النثري مثل: الحكاية والخرافة والقصص الشعبي وأخبار الملوك الغابرين وقصص العشاق ... وغيرها. والتراث العربي حافل بألوان متعددة من هذا السرد، فكتب السير والمغازي وكتب التاريخ، وبعض كتب الأدب، كلها تحوي ألواناً من ذلك. كما يندرج في هذا المضمار ما في القرآن الكريم من قصص الأنبياء، وما في كليلة ودمنة والمقامات وألف ليلة وليلة، إلى جانب أجزاء من بخلاء الجاحظ وأغاني الأصفهاني.

"أما كيف نشأت هذه القصص، فقد كان الإنسان الأول في حياته يعيش في عالم يكاد يكون لغزاً لديه، وهو في ذلك يكتنفه غموض غريب، وقف هذا الإنسان أمام عالمه في حيرة يتساءل ما السر وراء هذا العالم، وهداه تفكيره آخر الأمر إلى حل رضي عنه واستراح له، إذ قد منح هذه الأشياء روحاً كروحه تعيش كما يعيش، ويعتريها من العواطف والانفعالات ما يعتريه، بل هو لم يكتفِ بذلك فحسب وإنما راح أيضاً يُؤَوِّل ما يجري حوله. فإذا رأى الريح قد هاجت ورأى البحر قد اضطرب، قال عنهما إنهما اتفقا على موته وخرابه، فيسرع إلى تقديم القرابين إليها طمعاً في رضاها، وإذا عاد كل شيء إلى نصابه، قال: إنهما رضيا عنه، وانقلب فرحاً يقص ذلك على أصحابه، وعندما تهدأ الدنيا بكوارثها، ينثني يهنئ نفسه بهذا الفوز العظيم ويذيعه على قومه في ترتيب ونظام، يرضى عنهما عقله الساذج ويتقبله، وهذا العمل كان أول خطوة خطاها الإنسان الأول في سبيل إنشاء الحكاية الخرافية فالأساطير" ( ).
هذه الحوادث التي اكتسبت شكل القصص تروى، وهي في ذلك تتغير وتتبدل إلى أن يتاح لها شاعر يجمع شتاتها في منظومة تكون أقل تعرضاً للتغيير والتبديل أو يتاح لها كاتب – بعد اختراع الكتابة- يلم شعثها في قصة نثرية لا يمكن – أو قلما – يعتريها هذا التغيير وذلك التبديل. ويكاد يكون لكل أمة قصص من هذين الضربين للكلام، فمن الشعر، للهند  (المهابهاراتا)، وللفرس (الشاهنامة)، ولليونان (الإلياذة)، وللعرب أيامهم. ومن النثر (دون كيشوت) في أسبانيا، والأيام العشرة لإيطاليا، والأميرة ذات الهمة، وعنترة للعرب. "ومعظم الحضارات والأمم القديمة لم تهتم بتسجيل حياة الطفولة عندها أو آداب أطفالها، وما وصلنا هو قليل ونادر، وكان متصلاً بعمل من أعمال الكبار" ( ).
وبذلك يمكن اعتبار القصة من أقرب الفنون الأدبية إلى نفس الطفل، وأحبها عنده، تشده بأبطالها وتثيره بأحداثها، يقبل عليها، ويستمتع بها، ويطلب المزيد منها بداية من سنوات عمره الأولى.
"وهي قادرة على تشخيص المواقف الحية، ولها القدرة على الابتكار والتحليق في أجواء الخيال، بعيداً عن محدودية الواقع، كما أنها تعد من الفنون المؤثرة على السلوك القيمي للأطفال في المواقف اليومية.
كما تتميز بقدرتها على الانتشار، ومناسبتها لجميع الأعمار، إذ إن جميع الأمهات والآباء والمربين قادرين على قص قصص شيقة ومحببة لأطفالهم في كل حين.
من هنا يعتبرها البعض وسيطاً تربوياً، يتيح الفرصة أمام الأطفال لمعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم ومحاولات الكشف، واستخدام الخيال، وتقبل الخبرات الجديدة.

وتحقق الثقة بالنفس، وروح المخاطرة في مواصلة البحث والكشف وحب الاستطلاع. وذلك أن القصة تستطيع أن تستوعب كل أنوع التجارب التي تمر بالإنسان، فلا يضيق إطارها عن تناول أي موضوع من الموضوعات التي تشغل البال. ومن أجل ذلك وجد فيها القارئ أصداء قريبة لكل ما يدور حوله، ووجد فيها الكاتب وسيلة سهلة متقبلة لتحليل أي موقف من المواقف أو فكرة من الأفكار" ( ).

ولهذا يندر أن نجد طفلاً لا يهتم بالقصص والحكايات منذ نعومة أظفاره، وقبل مرحلة تعلمه القراءة والكتابة، ولعل الذي يدفع الأطفال إلى التعلق بالقصص بناؤها الدرامي السهل، وما فيه من تشويق وإثارة، ورسم للشخصيات والأماكن، وتشكيل للأحداث يكون أكثر جاذبية للطفل الذي يتفاعل معها، ويتأثر بشخصياتها وأفكارها، بل إن الطفل قد يؤخذ بشخصية بطل القصة، ويتقمص شخصيته، ويعيش معه في جو من المتعة والخيال.
ويرى علماء النفس أن القصة من ألوان اللعب الإيهامي الذي يحتاج إليه الطفل لينمي خياله، ويزيد من قدرته على التجسيد، وهي تشبه الحلم بالنسبة للأطفال.

وفي القصة مجال لهم لإعادة الاتزان إلى حياتهم، حيث يجدون في كل قصة شخصيات تشبه من قريب أو من بعيد، الشخصيات التي يقابلونها في الحياة، أو يتعاملون معها، وعن طريق اندماجهم في أحداث القصة يستطيعون أن يكتشفوا أنفسهم، ويتخطوا الحدود التي فرضتها عليهم القوى الاجتماعية ومستويات العالم المعروفة.

وبهذا يتأكد لنا أن " للقصة في أدب الأطفال مكانة ممتازة بين ألوان الأدب الأخرى. ولا يسع أحداً  أن يشك في مقدرة القصة على شد الطفل واجتذابه نحو قراءتها، لما تحويه من عناصر التشويق، وهي كذلك المؤثرة في وجدان الأطفال وخيالهم التأثير القوي" ( ).

والقصة تأتي في المقام الأول من الأدب المقدم للطفل، فالأطفال يميلون إليها، ويستمتعون بها، ويجذبهم ما فيها من أفكار وأخيلة وحوادث.
والأسلوب القصصي من أفضل الوسائل التي نقدم عن طريقها، ما نريد أن نقدمه للأطفال. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون موضوع القصة قائماً على العدل والنزاهة والأخلاقيات السليمة، والمبادئ الأدبية والسلوكية التي ترسخ في الطفل أهدافاً نصبوا إليها ( ).

وقصص الحيوانات التي تنقل إلينا الحكمة تشبه القصة التعليمية، لكن الفرق بينها هو أن قصة الحيوان تذهب إلى ما وراء المحتمل والممكن، والقصة التعليمية قصة صادقة مع الواقع،  بينما قصة الحيوان صادقة أساساً مع الحقيقة المفروضة.

وفي أدبنا ألوان متعددة من هذه القصص أشهرها كليلة ودمنة، التي ترجمها ابن المقفع من اللغة البهلوية، وكتاب الحيوان للجاحظ، وما ورد في كتب الأمثال للميداني. وقصة (الديك الساخر) لعبد التواب يوسف.

فإذا أضيف  إلى هذا كله سرد جميل وحوار ممتع كانت القصة قطعة من الفن الرفيع المحبب للأطفال، والقصة فوق ذلك ستثير اهتمامات الطفل فعن طريقها يعرف الخير والشر فينجذب إلى الخير، والقصة تزود الطفل بالمعلومات ومعرفة الصحيح من الخطأ، وتنمي حصيلته اللغوية قدرته في السيطرة على اللغة، ومعرفته بالماضي والحاضر فضلاً عن تنمية مهارات التذوق الأدبي لديه.

والأسلوب القصصي أفضل الوسائل التي تقدم عن طريقها ما نريد أن نقدمه للأطفال سواء أكان ذلك قيماً أم معلومات كما أن قص القصص وقراءة التلميذ لها يساعد في امتلاكه لقدرات القراءة.
فالقصص التي تناسب الطفل "هي الكتب التي يسهل قراءتها، وليس الكتب التي يسهل صناعتها" ( ).

ولأن الطفل غير قادر على أن يميز بنفسه الجيد والردئ من القصص التي يسمعها من الأم أو الجدة أو الوالد أو الأصدقاء، إذن لابد من العناية بالأسلوب القصصي؛ حيث أنه أفضل الوسائل التي نقدم عن طريقه ما نريد للأطفال سواء كان ذلك قيماً أو معلومات. وقد تكون القصة واقعية أو خيالية أو أسطورة أو لغز. وجميعها يجب أن يكون موضوعها قائماً على العدالة والنزاهة والأخلاقيات السليمة، البعيدة في الوقت نفسه عن الرعب والخوف، والذي قد ينتاب الأطفال من سرد القصص، بحيث ترسخ في أذهانهم الأهداف التي نريد أن نحققها.
ويعد الفن القصصي أكثر الأنماط أو أكثر أنماط أدب الطفل انتشاراً. إذ يشمل مجموعة من القيم والأخلاقيات والمواقف المؤثرة في نفسية الطفل وشخصيته.
ولنأخذ مثالاً قصصياً عالمياً للأطفال للكاتبة البريطانية (جي كي راولينغ) بعنوان "هاري بوتر والأمير ذو الدم الممزوج"؛ حيث أظهرت شاشات التلفاز في العالم اصطفاف الطوابير لحجز نسخة من السلسلة، والتي بلغ ثمن القصة الواحدة منها ثلاثة وثلاثين دولاراً" ( ).



نماذج منوعة للقصص الأطفال :
القصص الخيالي
يعتمد هذا اللون من القصص على استثارة ملكة الخيال عند الأطفال، فيحلق بخيالهم في أجواء خيالية وينطلق بهم في فضاءات واسعة تتجاوز الواقع وتخترق حدود المنطق، فتنسب إلى الشخصيات أعمال خارقة، وتشخّص الجوامد، وتستنطق الحيوانات، والطيور، والكائنات الأخرى، ولا تتعامل الأحداث مع الزمان أو المكان بصورهما المنطقية، وتمتاح هذه القصص من عالم السحر والخرافة، وتسعى إلى تنمية طاقات الطفل الإبداعية تأكيداً للعلاقة الوثيقة بين الخيال والإبداع، وقد تخصصت بعض المجموعات القصصية في هذا اللون القصصي، منها مجموعة قصص وأساطير للأولاد والشباب لجنة من المربين( )، وقد وصِفت بأنها تجمع بين سعة الخيال والطرافة والمتعة.
نموذج للقصة (القنديل الصغير)
من القصص الرائعة التي كتبت في مجال القصة الخيالية الرمزية، قصة "القنديل الصغير" للشهيد والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني:
القنديل الصغير
صَحَتِ المدينةُ ذات صباحٍ على خبر أليم مُحزن: لقد مات الملكُ الطيِّب العجوز الذي حكم طوال عُمره بالعدل وأحبَّه كافةُ الناس... وقد حزن الجميع أكثر لأن الملك لم يكن قد ترك سوى ابنةٍ صغيرةٍ ليس بوسعها أن تحكُمَ...
ولكنَّ الملك كان قد ترك أيضاً وصيةً لابنته الصغيرة قال فيها شيئاً قليلاً جداً... قالَ: كي تُصبحي ملكةً يجب أن تحملي الشمس إلى القصر.
وقال الملكُ في وصيته القصيرة أيضاً "وإذا لم تستطيعي حَمْل الشمس إلى القصر فإنك ستقضين حياتَكِ في صُندوق خشبي مُغلق عقاباً لك" وبعد أن قرأتِ الأميرة الصغيرة الوصية استدعَتْ حكيمَ القصر وأخبرتهُ أن أباها قد كلّفها بمُهَمَّة عسيرة وأنَّها لا تريدُ أن تكون ملكة أبداً..إلا أنّ الحكيم العجوز قال لها: إن قوانين المملكة المكتوبة منذُ زمن بعيد تُحرِّمُ على الأمير أو الأميرة أن يرفضا الحُكْم وقال الحكيمُ العجوزُ: "إن ابنةَ الملك لا تستطيع إلا أن تكون أميرة.. وقد عاشتْ مملكتُنا بسعادة دائمة لأن كلِّ واحدٍ فيها يعرفُ واجبهُ ولا يهربُ منه، وقد كان والدُك الملكُ حكيماً حين قالَ لكِ إن عَليك إحضار الشمس إلى القصر أو العيشَ في صُندوق" وفي صباح اليوم التالي قررت الأميرة أن تتسلَّق الجبل العالي الذي تمرُّ من جانبه الشمسُ في كلِّ يومٍ، وقد سألت الأميرة الحكيمَ عن رأيه في خُطَّتها فقال لها الحكيمُ: "أيتها الأميرةُ الصغيرة يجب أن تُحضري الشمس دون مساعدة أحد". وهكذا بدأت الأميرة تتسلقُ الجبل العالي...
ولكن الأميرة حين وصلت إلى قمة الجبل اكتشفت أن الشمس ما تزالُ بعيدةً وأنه لا يُمكنُ لإنسانٍ أن يُمسكَ الشَّمس.. فعادت إلى القصر حزينةً وأغلقت غرفتها بالمفتاحِ وأخذت تبكي. وبعد يومين شاهدت الأميرةُ الحزينةُ ورقةً صغيرةً تحت باب غرفتها فركضت وأخذت تقرؤُها.. كان فيها جُملة صغيرة هي: "لن تستطيعي أن تجدي الشمس في غرفةٍ مغلقة". واحتارت الأميرة لأنها لم تعرف صاحب الخطِّ الذي كتب تلك الجملة الصغيرة ولكنَّها قررت أن تُواصل بحثها عن الشمس ولو اضطُرَّتْ لتسلُّقِ الجبل كلَّ يومٍ.. وفي الوقت نفسه علّقت الأميرةُ على جدران القصر الخارجية بياناً قالت فيه إنَّ أيَ رجلٍ يستطيعُ أن يُساعدها في حَمْلِ الشمس إلى القصر سينالُ مكافأةً من المجوهرات...
وفي أيام قليلة عرف كلُ الناس أنّ الأميرة الصغيرة تريدُ حَمْلَ الشمس إلى القصر، ولكنّ أحداً لم يَسْتطع أن يُساعدها، وقرر بعضُ الناس أنّ الأميرة مجنونةٌ لأنها تطمعُ في شيء مستحيل، وقرَّر آخرون أنّها أميرةٌ حكيمةٌ لأنّها تريد أن تُحقِّق شيئاً "مستحيلاً" ولكنّ الجميع عجزوا عن مساعدتها.. وفي صباح اليوم التالي جاء الحكيمُ العجوزُ إلى الأميرة وقال لها إنَّ الفرصةَ التي أُعطيت لها تُوشكُ أن تنتهي، شرح العجوز ذلك فقال: "إنَّ أباك الملك كان قد أوصاني قبل وفاته أن أُشْعل شمعةً كبيرة مباشرةً بعد وفاته, فإذا ذابت قبل أن تهتدي إلى الشمس فإن عقابَك يصيرُ واجباً.."
وحين خرج الحكيمُ من الغرفة حزنت الأميرةُ حزناً شديداً وعرفت أنه لن يتيسّر لها أبداً أن تصير ملكةً، وأخذت تتخيَّلُ نفسها في الملابس الملكية التي لن تستطيع أن تلبسها أبداً... وبينما هي غارقةٌ في حُزنها كان رجلٌ عجوزٌ يحاول أن يَدخُلَ إلى القصر، ولكنَّ الحُرّاس كانوا يمنعونه من الدُّخول ويحاولون طرده بشتّى الوسائل، إلا أنّ العجوز كان عنيداً...
وشاهدت الأميرةُ من شباك غرفتها ذلك المنظر، ثم سمعت صوت العجوز يصيحُ بالحرس: - "أُريدُ أن أدخل لأُساعد الأميرة" وسمعت صوت الحرس: - "هل تستطيعُ أن تساعدها أنت أيُّها العجوز الهرِمُ؟" وعادت تسمع صوت العجوز وهو يصيحُ: - "حسناً.. قولوا لها إنه إذا لم يكن بوسع إنسانٍ عجوز أن يدخل إلى قصرها فكيف تطمعُ أن تُدخل الشمس إليه؟ وفي تلك اللحظة أدار العجوز ظهره ومضى، وحاولت الأميرة أن تُناديه إلاّ أنّه كان قد اختفى في الزّقاق المجاور، وحين طلبت من الحرس أن يبحثوا عنه كان العجوز قد صار بعيداً... عادت الأميرةُ إلى غرفتها حزينةً يائسةً، وأخذت تفكر فيما قاله العجوزُ للحرّاس، إلاّ أنها لم تستطع أن تعرف ما الذي قصده.. وفجأة قررت أن تستدعي قائد الحرس.
كان قائدُ الحرس رجلاً قوياً خدم في القصر أكثر من عشر سنوات، وحين دخل إلى الغرفة سألته عن الرجل العجوز الذي طرده الحرّاسُ، وهل جاء إلى القصر قبل ذلك؟ فقال قائدُ الحرس: إنّ الرجل العجوز يأتي كلّ مساءٍ، إلا أن الحراس يمنعونه من الدخول لأنهم يعتقدون أنه رجلٌ مجنونٌ..
قالت الأميرةُ: "صفهُ لي" فقال القائد: "إنه رجلُ فقيرٌ يحملُ قنديلاً صغيراً دائماً..." قالت الأميرة: "إذا جاء الرجلُ العجوزُ غداً.. فاسمحوا له أن يدخل" إلا أن الرجل العجوز لم يأت في اليوم التالي وعادت الأميرة إلى حزنها ويأسها..
وبينما كانت الأميرة في غرفتها تبكي شاهدت ورقة أخرى تحت الباب، فركضت إليها وفتحتها وقرأت فيها: "الوقتُ ضيّقٌ.. الشمعةُ الكبيرةُ على وشكِ أن تذوب، إن البكاء والحزنَ لا يحلاّن المشاكل".. أحسّت الأميرةُ الصغيرةُ بأنها يجب أن تفعل شيئاً وإلا قضت حياتها في صندوق مغلق، وفجأةً استدعت قائد الحرس وقالت له: -"أريدُ أن تُحضروا إلى القصر كلّ رجلٍ في المملكة يحمل قنديلاً صغيراً.." فقال قائد الحرس متعجباً: - "كل ذلك من أجل العجوز المجنون؟" فقالت الأميرةُ: - " يجب أن أُجرِّب ذلك العجوز فقد يكون الحلُّ عنده" وفي الصباح الباكر وزّع قائدُ الحرس كلَّ الحراس في جميع أرجاء المملكة وأمرهم أن ينتظروا حتى المساء، فإذا حلّ الظلام فإنّ عليهم أن يُلقوا القبض على كل رجلٍ يحملُ فانوساً صغيراً وأن يرسلوه فوراً إلى القصر..
وعند المساء جلست الأميرة أمام النافذة تنظر إلى الشارع، وتنتظر قدوم الرجال الذين يحملون القناديل الصغيرة.. وفجأة شاهدت الأميرة منظراً عجيباً، ففي الأُفق المظلم البعيد كان آلافُ الرجال يحملون القناديل ويتقدمون نحو القصر من كافة النواحي.. وبعد قليل وصل الجميع إلى أبواب القصر التي كانت صغيرة ً ومغلقةً، وازدحموا أمامها، وفي كل لحظة كان الرجال حَمَلةُ القناديل يتكاثرون دون أن يستطيعوا الدخول بسبب الأبواب الصغيرة، فطلبت الأميرة من الخدم أن يهدموا الأسوار العالية، وأن يُوسِّعوا الأبواب كي يتيسَّرَ للجميع الدخول إلى باحة القصر..
ونزلت الأميرة من غرفتها إلى باحة القصر وإلى جانبها قائدُ الحرس ليدلّها على الرجل العجوز، وحين وصلت إلى الباحة كان الضوء يتوهّج كأنه الشمسُ لكثرة الرجال والقناديل، وقال قائدُ الحرس: "أيّتها الأميرةُ، لن أستطيع أن أتعرف على العجوز لأن الوجوه جميعها هنا تتشابه..."
وكانت الأميرة لا تستطيع أن تفتح عينيها جيداً لكثرة الضوء. وقالت لقائد الحرس: "لم أكن أتصور أنه يوجد في مملكتي كل هذه القناديل" فقال قائد الحرس: "إنهم يخافون من اللصوص" إلا أن الحكيم العجوز قال: "كلاّ.. حين يحل الظلام يحمل كلّ رجلٍ قنديله الصغير ليتعرف على طريقه.." ونظر الحكيم العجوز إلى الأميرة وقال: هل تستطيعين أن تحملي كل هذه القناديل دفعةً واحدة" قالت الأميرة: "طبعاً، لا" فقال الحكيم: "وكذلك الشمس... إنها أكبر من أن يُمسكها رجلٌ واحدٌ أو امرأة واحدةٌ.." قالت الأميرة: "لقد فهمت كلّ شيء الآن.. إنّ القناديل الصغيرة مجتمعةً هي الشمسُ التي قصدها والدي".
فقال الحكيمُ: "نعم، ولكن أنظري إلى هناك" وأشارَ إلى النافذة، كانت الشمسُ قد بدأت تُشرق وتدخل أشعّتُها إلى القصر، وصاحت الأميرة "شيءٌ عجيبٌ، هذا يحدث لأول مرة" فقال الحكيم: "نعم هذا يحدثُ لأول مرة لأنك هدمت الأسوار والأبواب.. هل نسيت؟ لقد كانت تلك الأسوارُ هي التي تحجُبُ أشعة الشمس وتمنعها من دخول القصر.." وبعد لحظة ألبسها الحكيم التاج المزنّرَ بالجواهر وقال لها: "أصبحت ملكة لأنك نفّذت وصيّة والدك واستطعت أن تحملي الشمس إلى القصر( ).

القصص الأسطوري:
التفت الخطاب القصصي إلى الأساطير المشهورة، فقدَّمها للأطفال في صورة مبسطة للتعريف بهذه الأساطير من ناحية، ولما تتضمنه من عناصر الخيال والتشويق، وما تفيض به من مغامرات وخوارق وحوادث عجيبة، وما تحفل به من صور البطولة والشجاعة من ناحية أخرى.
ومن أشهر هذه الأساطير أسطورة (سميراميس) تلك الملكة الآشورية الجميلة، وقد كتبها الأستاذ عبد التواب يوسف( ) بأسلوب أخّاذ يناسب مدارك الأطفال اللغوية والمعرفية، وقد حافظ على الإطار الأصلي للأسطورة واهتم بإيراد الروايات المختلفة في إشارات موجزة دون إخلال بالبناء القصصي، وهو ما يتضح في هذا المشهد الذي يمثل بداية القصة:
اقتربت سفينة الفضاء من كوكب الأرض، وبدأت تقلّل من سرعتها، وتستعد للهبوط في "آشور"، وتطلعت الفتاة الجميلة القادمة من بعيد لترى حدائق غنَّاءة، وبساتين مثمرة، وعمارات شاهقة، ففتحت عينيها وهتفت:
- ما أجملها.. وما أبدعها.. وما أحلاها!
لم ينطق الربان بكلمة، فقد كان يشغله عنها آلاته، وأجهزته لكي يرسو قرب المدينة دون أن يلفت نظر أهلها، ونجح في ذلك بعد أن أثار من حوله عاصفة من الرمال، وعلى إثر ذلك فتح باب المركبة، وقال للفتاة في حسم شديد:
- هيا ... اهبطي ... سنعود إليك بعد عام!
ونزلت الفتاة تتلفت حولها في قلق وترقب، بينما أقلعت مركبة الفضاء عائدة من حيث أتت، إلى كوكبها البعيد.
وكان ذلك منذ قرابة خمسة آلاف عام!
وجدت الفتاة نفسها وحيدة وسط الصحراء، بعيدة عما شهدته من خُضرة، وراحت تحاول أن تستكشف موقعها، وقد أحسّت بالحر اللافح ... وسارت بضع خطوات باحثة عن مكان يأويها أو إنسان يساعدها، تُرى هل كانت أول زائر من الفضاء للأرض؟ أول ضيف كوني على كوكبنا؟
الحكاية تقول: إن فتاة جاءت من السماء، وأنها التقت مع رجل من آشور، وأنها أنجبت طفلتها، ثم جاءتها مركبة الفضاء لترجع بها إلى كوكبها البعيد، وربما أخذت معها زوجها، أو اختفى بشكل آخر، وبقيت الوليدة الصغيرة في ظل شجرة، قرب بئر، تحوم من حولها حمامة بيضاء، ناصعة البياض.
وهكذا جاءت سميراميس إلى الحياة!
لكنَّ حكاية أخرى تقول: إنَّ كل هذا لم يحدث، وإن هذه الوليدة الجميلة لها أم وأب من آشور، وقد هاجمها اللصوص وقطاع الطرق عند البئر، وتحت الشجرة، واضطرا لأن يهربا، وكل منهما يتصور أن الصغيرة مع الآخر، بينما هي وحيدة في جوف الصحراء، وقد ارتفعت صرخاتها باكية، مولولة! ... ترى كيف يمكنها أن تعيش؟ كيف تحصل على طعامها وشرابها؟ من يحميها من الطبيعة القاسية والأخطار؟!"( ) .
بمثل هذا الأسلوب الذي يجمع بين البساطة، والتشويق، يمضى الأستاذ عبد التواب يوسف في تناول هذه الأسطورة الشهيرة ملتزماً بإثبات الروايات المختلفة للأحداث. وتضيف الأسطورة أن حمامة بيضاء أخذت تحوم وترفرف حتى لمحت تلك الطفلة الصغيرة الباكية، وهي ترقد عاجزة فانطلقت في الفضاء والحزن يملأ قلبها الصغير، حتى لمحت مضارب وخيام البدو حيث كانت النساء في تلك اللحظة يقمن بحلب الأغنام، فراحت الحمامة تلتقط من الوعاء قطرة لبن تبقيها في منقارها الصغير وتمضى بها إلى حيث ترقد الوليدة، وتضع منقارها في فم الصغيرة ترضعها قطرة الحليب وتطير ثانية من بعدها حمامة أخرى، وهكذا حتى كفَّت الصغيرة عن البكاء. وظل الحمام يقوم بإرضاع الطفلة دون ملل أو كلل ويقوم على حمايتها حتى إنه أنقذها ذات يوم من ثعبان كان يزحف ناحيتها فانقضَّ الحمام طائراً كالسهم، وراح ينقر الثعبان في رأسه حتى تركه جثة هامدة بجوار الطفلة، وعندئذ أحس الحمام أن الطفلة تحتاج إلى من يرعاها ويحميها من الأخطار، فهبطت الحمامة البيضاء بالقرب من إحدى الخيام واقتربت من أحد الأطفال، وراحت تهز رأسها وتشير كأنما تلفته إلى أمر هام، فاقتفى الطفل أثرها حتى وصل إلى مكان تلك الوليدة الصغيرة وهي راقدة تحت الشجرة فانطلق مسرعاً إلى أهله ليخبرهم بما رآه ولم يصدقوه في البداية، لكنهم مضوا معه حتى وجدوا الطفلة بالفعل، فحملوها إلى دارهم واعتبروها هدية من السماء، واعتقدوا أنها شيء مقدَّس حيث قُدّر لها أن تعيش وحيدة في الصحراء، وهم لا يعرفون كيف وجدت طعامها وشرابها، وقد زاد من دهشتهم أن شاهدوا بجانبها ذلك الثعبان الصريع، وتصوروا أنها خنقته بيديها، وأنها بذلك صنعت معجزة، فتناقلوا عنها القصص والحكايات، فمنهم من قال: إنها كانت ترضع ضوء الشمس، ومن قال: إنها خرجت من بيضة حمامة، ومنحوها ذلك الاسم الجميل الذي عرفته الدنيا كلها فيما بعد: (سميراميس).
ويستطرد الأستاذ عبد التواب يوسف في روايته للأسطورة، فيقول: إن سميراميس نشأت نشأة مختلفة عن أقرانها وقد نُسجت حولها الحكايات مع كل خطوة بدأت تخطوها؛ فقيل إنها كانت تتمتع بطاقة حيوية كبيرة، فكبرت بأسرع مما يتوقعون، وكانت تأتي من الأشياء والأفعال ما يتجاوز سنها، وتقول كلمات أكبر من عمرها، خاصة فيما يتعلق بأحلامها التي تراها أثناء نومها، وخلال يقظتها حيث تبدو حالمة دائماً، وقد خرجت لترعى مع الأغنام، وحلمت بأنها ترعى قطيعاً كبيراً – لا من الأغنام، وإنما من البشر، وهو ما تحقق لها فيما بعد؛ فقد تعلمت الفروسية، وتزوجت ضابطاً أشورياً كبيراً، بعد أن أعجب بصفاتها، ورحلت معه إلى سوريا حيث عين حاكماً لها، وعندما وصلوا تنبهت سميراميس إلى أن الحمامة البيضاء، الناصعة البياض كانت معها طيلة الطريق، وأنها ظلت ترفرف من فوقها دون أن تلفت أنظارها، أو تتنبه لوجودها، وطابت لها الحياة في سوريا إلى أن استدعى زوجها في مهمة لفتح إحدى المدن، واستطاع أن ينجز هذه المهمة الصعبة بفضل سميراميس التي أبلت بلاءً حسناً في القتال بعد أن أرشدتها الحمامة البيضاء إلى الثغرات الموجودة بأسوار المدينة، وغمر الملك نينوس البطلة المحاربة سميراميس بهداياه وعطاياه، ونجح في الزواج بها بعد أن تخلص من زوجها، ولم تلبث سميراميس أن انفردت بحكم البلاد بعد وفاة زوجها الملك، وانطلق الناس يهتفون باسمها، بينما امتلأت السماء بالحمام يطير هنا وهناك، وهديله يعلو بعد أن صارت ابنته ملكة، ونجحت "سميراميس" في فتح بلاد كثيرة، وتهالكت الممالك أمامها وما عادت هذه الممالك بقادرة على أن تقاوم هذه الحمامة التي أصبحت نسراً ينقضّ بكل عنف، فتُشتّت الجيوش، وتهزم الأعادي، وتُعلى من قدر آشور في كل الدنيا وراحت تقيم نصباً تذكرياً في كل بقعة نائية تصل إليها، ليبقى شاهداً ودليلاً على عظمة آشور.
وأرادت سميراميس أن تتوّج أعمالها بما يليق بهذه الإمبراطورية الواسعة، فقررت أن تبنى أجمل مدن الدنيا وأعظمها، وفاجأت الدنيا بأعجوبة من أعاجيبها السبع، فشيدت حدائق بابل المعلقة التي كانت أشجارها تلامس السحاب، وتزينها الأزهار من كل لون، فكانت أول زهور تتناثر وسط السحاب.
وقد انتهت حياة سميراميس – كما بدأت – نهاية أسطورية، فهناك قول بأنها – حين أشرفت على الموت – تحوَّلت إلى حمامة بيضاء، أخذت ترتفع إلى السماء حتى اختفت، وقول آخر: إنها حين تحولت إلى حمامة طارت إلى عُشِّها كالحمام الزاجل، لكن هناك حكاية أخرى يرويها الأستاذ عبد التواب يوسف بأسلوبه القصصي الأخاذ فيقول:" اقتربت سفينة الفضاء من كوكب الأرض وبدأت تُقلّل من سرعتها، وتستعد للهبوط إلى (آشور). وكانت سفينة الفضاء هذه قد قامت بهذه الرحلة مرتين من قبل، نقلت في المرة الأولى أم سميراميس إلى الأرض، وفي المرة الثانية حملتها إلى كوكب بعيد. وها هي سفينة الفضاء تكرر الرحلة لتحمل سميراميس إلى ذلك الكوكب لتبقى فيه مع أمها بعد كل ما حققت من أمجاد" ( ).
لقد اندثرت كل المعابد والكتابات والآثار لتبقى سميراميس الأسطورة رمزاً لعظمة (آشور) التي بقيت من يومها تُقدّس "الحمامة".

قصص الخيال العلمي:
تعتمد هذه القصص على الخيال العلمي المدروس أو المنظَّم، وتسعى إلى توجيه خيال الأطفال توجيهاً صحيحاً، كما تهدف إلى تقديم المعلومات العلمية في سياق قصصي خيالي، وربط الأطفال بالمخترعات الحديثة وحفزهم إلى الابتكار والإبداع وغالباً ما تتخذ هذه القصص من الفضاء الخارجي مسرحاً لها، وتحاول اكتشاف علم النجوم والكواكب والأقمار واستشراف ما قد يكون فيها من كائنات وحيوات مجهولة ويدخلون في مغامرات وصراعات مع الكائنات الأخرى المزودة بتقنيات لم تصل إليها عقول البشر، بحيث تكون هذه المغامرات مجالاً للتنافس بين العقل البشري من جهة، والعقول الإلكترونية أو القوى الخارقة من جهة أخرى.
ونمثل هذا اللون القصصي بقصة بعنوان (كوكب الأشباح) بقلم فتحي أمين( ). وتحكي قصة مجموعة من الشباب اختطفتهم سفينة فضائية جاءت من كوكب الأشباح، ويصور المؤلف – من خلال بنية السرد مشهد الاختطاف كما حدث لإحدى شخصيات القصة فيقول( ):" أحست برغبة ملحة أن تلتفت وراءها .. وأدارت رأسها ببطء فوقعت نظراتها على شيء عجيب مخيف .. وأطلقت صرخة صامتة احتبست في حلقها ولم تغادر شفتيها .. واتسعت عيناها في رعب.. كان هناك إنسان أو على الأصح مخلوق يشبه الإنسان.. غريب الشكل، جامد القسمات والملامح .. يسير خلفها في خطوات آلية رتيبة.. كأنه تمثال قد دّبت فيه الحياة فجأة .. وكان يرتدى زياً غريباً جعله يبدو مثل مصارعي الرومان، مُوشَّى بالكثير من الخيوط الذهبية وخاصة الصدرية الجلدية والقلنسوة المعدنية التي يضعها على رأسه. ولم يكن أغرب من زيه سوى أعينه الثلاث .. نعم كانت له أعين ثلاث .. اثنتان عاديتان تعلوهما عين ثالثة صغيرة تتوسط أعلى الحاجبين .. وكانت أعينه الثلاث تتألق وتلتمع مثل أعين القطط في الظلام. تغلبت "داليا" على فزعها، وحاولت أن تنادى "عباس" ولكن الصوت احتبس في حلقها وخرج أشبه بالفحيح، ولم تستطيع "داليا" أن تحوِّل نظراتها عن أعين الغريب وهو يقترب منها في بطء وكأن هناك خيوطاً خفية أو قوى لا تدري كنهها تشدّ نظراتها إليه .. فتح الغريب فمه أخيراً ونطق بكلمة واحدة :"اتبعيني" .. أرادت "داليا" أن تقاوم .. أن تسير إلى الناحية الأخرى، ولكن قدميها لم تطاوعاها فسارت وراءه وهي مسلوبة الإرادة، توقف الغريب لحظة وانحنى إلى الأرض ثم تناول حفنة من التراب وبعض الصخور المفتتة .. تفرَّس فيها لحظة قبل أن يضعها في كيس صغير معلّق في حزامه، واستأنف الغريب سيره و"داليا" معه".
وتتابع الأحداث حيث يساق أبطال القصة إلى غرفة متسعة في السفينة الفضائية وقد ملئت الغرفة بالأجهزة والآلات الغريبة ويشع في أنحائها ضوء بنفسجي مريح، بينما كانت أجهزة السفينة وأدواتها مصنوعة من الذهب، ويعرفون من الكائن الغريب أنهم سينطلقون إلى كوكب (أوزو) أكثر كواكب مجموعة (أوزان) الشمسية تقدماً. وأن زعيمهم (شيما) سيحتفظ بهم كعينة من الكائنات التي تعيش على أحد كواكبهم الشمسية، ويكتشف سامح ورفاقه أن هؤلاء الغرباء لا يأكلون ولا يشربون، وأنهم ذوو قدرات تفوق قدرات البشر، فهم متقدمون في علوم الذرة والإلكترونات ويعرفون من أسرار الطبيعة ما لم يصل إليه العقل البشري. وبعد متاعب ومغامرات في الفضاء استطاع "سامح" ورفاقه أن يتبينوا ملامح كوكب (أوزو)، فرأوا جبالاً وغابات وعمارات عالية تناطح السحاب يتخللها ضوء ذهبي متألق يشع من الكوكب كله، ويفجره ويجعله أشبه بكرة ضخمة من الذهب، ونفهم من الأحداث أن هذا الكوكب كان من أكثر كواكب مجموعة (رودى) الشمسية تقدماً، حيث برع أهله في العلوم والفنون وكانت مخترعاتهم تجذب السائحين من مختلف الكواكب الأخرى، وهنا يلعب الخيال دوره، فيضرب المؤلف مثلاً بما حققوه من تقدم من خلال دور السينما التي تُعرض فيها أفلام مجسمة ذات أربعة أبعاد، حيث يجد المتفرج نفسه مشتركاً في الأحداث الحقيقية للفيلم، "ويعيش مع الممثلين ويتأثر بما يمر بهم من مؤثرات .. فيشعر بالحر والبرد، ويشم روائح الورود والأزهار، وتبلله مياه المطر، ويتساقط عليه الثلج، وقد يرتبط بالصداقة أو الحب مع أبطال الفيلم"( )، وكان كل شيء يجرى في هذا الكوكب من خلال الآلات والعقول الإلكترونية، حيث يقوم الرجال الآليون بكل شئون الحياة حتى إن الموسيقى كان يعزفها الآليون، وقد انعكس ذلك سلبياً على الناس، فأهملوا العلم، وازدادوا كسلاً، ونشأ عن هذا الوضع أن ازداد الرجال الآليون قوة، والناس ضعفاً فأعلنوا الثورة على البشر، وحوّلوا أهل الكوكب إلى عبيد لهم مقابل أن يمدوهم بالطعام والمأوى والملبس، وطمعوا في غزو الكواكب الأخرى المجاورة لتخليص الآلات فيها من عبودية البشر. وفي المقابل تبدو (جزيرة الحب) أو الكوكب المجاور حيث تسيطر عليها القيم والمبادئ الروحية، وتخلى أهلها من عبودية الآلة، ويحاول زعيم (أوزو) أو كوكب الأشباح أن يغزو (كوكب الحب) لفرض سيطرته عليها، ولكنه يفشل في ذلك بفضل تضافر جهود سامح ورفاقه مع أهل كوكب الحبّ.
والقصة تمثل دعوة صريحة لعدم الوقوع في أسر عبودية الآلة أو الاستنامة إليها على حساب المبادئ الروحية. إنها تدعو إلى إقامة توازن بين الآلة والجهد البشري.
وقد بُني الخيال العلمي في القصة على أُسس علمية مدروسة، فالخطة التي وضعها زعيم جزيرة الحب ترتكز على أساس علمي، فهو يعرف أن قوة الرجال الآليين مستمدة من طاقة مشعة كامنة في صدورهم في مكان القلب، ولذلك فهو يبتكر سلاحاً جديداً، عبارة عن أنابيب يوضع فيها حجر (الأوميج) وحجر (الكوارتز المتبلور) وعند اتصال الحجرين، تنطلق منهما أشعة تقضى على الآليين وتجعلهم يتساقطون قطعاً من (الخردة) ( ).
ويهتم المؤلف بتفسير الظواهر الطبيعية والخوارق تفسيراً علمياً –  بعيداً عن التفسير الخرافي الساذج – وهو ما يتضح من المشهد الذي ظهر فيه لسامح في الغابة وحش هائل الحجم يزيد حجمه عن حجم الفيل بضع مرات، وكانت الأرض تهتز تحت وقع أقدامه، وهو يندفع بجسمه الضخم بين الأشجار فيهشمها كأنها عيدان من الكبريت، وقد فوجئ سامح بأذرع قوية تلتف حول جسمه من الخلف وتمنعه من الحركة، وهي أذرع كثيرة خضراء لزجة مثل أذرع الإخطبوط، وقد عرف من خلال (هيمسا) ابنة زعيم جزيرة الحب التي أنقذته من الموقف أن هذا ليس وحشاً بل هو نوع من النباتات المفترسة، وهنا يتدخل سامح لتقديم معلومة إلى الأطفال القراء، فيقول إن لدينا على الأرض بعض أنواع من الزهور تفترس الحشرات الصغيرة كالفراش أو النحل عندما تحط عليها، إذ تغلق عليها أوراقها وتمتص حيويتها ولكنها لا تستطيع افتراس الحيوان أو الإنسان( ).

القصص العلمية:
يهدف هذا اللون القصصي إلى تقديم المادة العلمية من خلال البناء القصصي، وقد ساهم كامل كيلاني في ذلك بمجموعة من القصص المبسطة التي تتناول طبائع بعض الحيوانات والحشرات، وتكشف عن عاداتها وأسرارها وخصائصها، ومن ذلك (أسرة السناجب – جبَّارة الغابة – العنكب الحزين – النحلة العاملة).
يتحدث في قصة (العنكب الحزين)( ) عن صداقة تنعقد بين عنكبة وثلاثة أطفال أشقاء، وتتحدث العنكبة عن كيفية ولادة العناكب ونشأتها فتقول:" إننا – معشر العنكبات – نبيض من عشر بيضات إلى مائة بيضة، وقد يبلغ ما يبيضه بعض بنات جنسنا ثمانمائة بيضة، فإذا فرخ البيض، خرجت العناكب إلى الجُعدبة (بيت العناكب) نامية الخلقة، ولا تزال تنمو، متدرجة في نمائها، حتى تصبح مثل أمهاتها"( ). وتذكر العنكبة أن أكثر العناكب يهلكن بعد أن يضعن البيض، أو عقب تربية أطفالهن الناشئين، على أن بعضها قد يُعمّر أربع سنوات كاملة( )، وتذكر أن العنكبة أكثر نفعاً من العنكب؛ لأنها تؤدي من جلائل الأعمال ما لا يؤديه، فهي تغزل، وتنسج بيتها، وتقوم بالعمل كله. أما العنكب، فهو لا ينشط إلى النسج إلى مضطراً، كما أنه أصغر جسماً، وأقلّ قوة( ). وتمضى العنكبة في التعريف بصفاتها وطبائعها ومكوناتها الجسدية وأعضائها، فتذكر أن عيونها لا تتحرك كما تتحرك عينا الإنسان، ولهذا جعل اللّه لها كثيراً من العيون لترى بها كل ما يكتنفها من أشياء. وحين يذكر الأطفال لأبيهم ما دار بينهم وبين العنكبة يلتقط الحديث فيضيف إليهم معلومات أخرى عن طريقتها في نسج خيوطها والإيقاع بفرائسها من الحشرات.
ويستطرد فيحكى لهم قصة العنكب الحزين الذي رأى والده مقتولاً بيد أمّه وعلم منها أن زوجته ستأكله كما أكلت هي أباه وحذرته من الاقتراب منها لأنها أحياناً تأكل أولادها أيضاً. فخاف العنكب وأطلق أرجله للريح هرباً واختفى في مكان بعيد، ولكنه لم يستطع الحياة وحيداً فعاد إلى المكان الذي قضى فيه زهرة صباه، وتاقت نفسه إلى زوجة تسليه وتؤنسه وتحقق له ذلك، وبعد أن قضى شهر العسل، خرجت عنكبة كبيرة من الغار ووثبت عليه والتهمته.
وعلى هذا النحو من الطرافة يقدم المؤلف مادته العلمية إلى الأطفال بأسلوب مبسط وفي إطار قصصي شائق.

القصص التاريخي:
اهتم الكتّاب بهذا اللون القصصي لتعريف الناشئة بتاريخهم، بالإضافة إلى ما تتضمنه أحداث التاريخ من دروس وعبر، وما تصوره من قصص الشجاعة والبطولة والتضحية.
وتكتفي هذه القصص عادة بالخطوط الكبرى أو العريضة للحدث التاريخي دون الاستغراق في التفاصيل أو الجزئيات مع التركيز على الأداء البطولي وإبراز القيم الأخلاقية كالتسامح والنُّبل والوفاء وغير ذلك.
ونمثل لهذا اللون القصصي بقصة بعنوان (ملك بابل المهيب)( ). وتستمد أحداثها من التاريخ القديم، ويستهلها الكاتب بهذه البنية السردية:
" في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، كان يعيش على أرض العراق شعب نشيط، بني مُدناً جميلة حصينة، وقصوراً كبيرة وفارهة، وزرع أنواعاً عديدة من الحبوب، وغرس الكثير من الأشجار المثمرة، وأبدع فنوناً رائعة، واخترع صناعات جمّة، ونشر العلم، وأقام الأمن والطمأنينة بين سائر أفراد الرعية، حتى صارت جنبات النهرين العظيمين: الدجلة والفرات حقاً جنّة الإنسان الأولى.
وعلى الضفة الغربية لنهر الفرات قامت مدينتان، واحدة في الشمال وتُدعى (سيپار)، ويحكمها ملك متجبّر اسمه (ريم سين)، والأخرى إلى الجنوب منها وتُدعى "بابل" كان قد اعتلى عرشها حديثاً ملك شاب اسمه "حمورابي".
جنح سكان مدينة بابل إلى السلم وعمل الخير، وتوجهوا للبناء والعمران والمعرفة، وعملوا على إقامة أحسن العلائق مع جيرانهم. بينما جعل سكان مدينة "سيپار" همَّهم الحرب والقتال والغزو والسلب والنهب ليملأوا خزائنهم بالثروات، وصاروا مضرب مَثَلٍ للأشرار" ( ).
والقصة تُجسِّد لوناً من ألوان الصراع بين الخير والشر، وتؤكد انتصار العلم والحضارة على الجهل والهمجية، فقد طمع ملك (سيپار) في مملكة بابل، وأعدَّ العدَّة لغزوه جهلاً منه بقدرات أهلها، ولم يُقدَّر زيارة حمورابي له راغباً في السلم، وحاملاً معه هديته أو ذلك اللوح الحجري الذي نُقشت عليه حروف الأبجدية والتي هي سرُّ الحكمة والمعرفة، وها هي بنية السرد تتكفَّل بوصف عاقبة ذلك الملك المتجبِّر المغرور: "وما إن لاحت بابل للملك المتجبّر (ريم سين) حتى أمر فوراً بالهجوم مستهتراً بقوة البابليين، الذين يعتبرهم أهل زراعة وصناعة وعلوم وفنون، لا أهل حرب وقتال، غير منتبهٍ لما يمكن أن تستنبط عقولهم النيّرة من وسائل وحيلٍ ومكائد تفوق شجاعة الشجعان وكثرة العديد والعتاد. ولمّا وصل الجيش المستعجل بالهجوم إلى مقربة من الأسوار. غارت الأرض من تحت أقدامه. فإذا بجذوره يسقطون أكداساً في خندق رهيب. وما هي إلا لحظات حتى كانت المياه الغزيرة تُغرق الجيش بأكمله. ولمّا انتبه (ريم سين) إلى الخديعة كان كل شيء قد انتهى، وفتحت أبواب الأسوار، وأقيمت الجسور، وهجم البابليون على من تبقى من فلول جيش (سيپار) وأجهزوا عليهم، وساقوا الملك (ريم سين) أسيراً إلى الملك (حمورابي) ( ). 
وتهتم القصة بإبراز المواقف الأخلاقية، كموقف حمورابي من خصمه بعد هزيمته حين أمر بإحضاره إلى قصره وتضميد جراحه، كما أمر بعودته ملكاً على (سيپار) مرة أخرى لتكون أمامه فرصة لإصلاح ما أفسده غروره وجبروته.
وتسعى القصة إلى إبراز أثر السلام في تقدم الشعوب وازدهارها، وترسيخ ما ينبغي أن يتوافر للحاكم من صفات كالعدالة والحكمة، وقد جسدت هذه الصفات في شخصية الملك حمورابي وحرصت على تعريف الناشئة بأنه أول واضع لشرائع حقوق الإنسان في العالم كله( ).
القصص الديني:
يستمد هذا القصص مادته من سير الأنبياء والرُّسل التي تمثل زاداً لا ينضب للقصاصين؛ فهناك قصص تحكى سيرة إبراهيم عليه السلام وقصته مع الأوثان، ومنها ما يحكي قصة هاجر والوادي المهجور، وقصة الفداء العظيم المستمدة من سيرة إسماعيل عليه السلام، ومنها ما يتناول قصة يوسف عليه السلام من جوانبها المختلفة، وقصة موسى بأحداثها المثيرة، وقصة يونس والحوت، وقصص أخرى تتحدث عن داود وسليمان ويحيى وزكريا وعيسى.
وتعتمد هذه القصص في مادتها على ما ورد في القصص القرآني، وتُحكى بأسلوب مُبسَّط.
ومن هذه القصص ما يتناول سيرة الرسول ، فتلّم بجوانبها المختلفة، ونمثل لذلك بقصة الطريق إلى يثرب ( ) وتحكى قصة الهجرة وما صاحبها من أحداث ومواقف، كقصة الغار، وقد جاء فيها( ): " انطلق النبّي وأبو بكر معه نحو الغار وكان يبعد عن قريش قليلاً، فلما دخلا فيه مستخفين بعث الله العنكبوت فنسجت على فتحة الغار نسجاً متراكماً بعضه على بعض. من يراه يحسب أنه نُسج من سنوات، وأمر الله حمامتين فعشّشتا أمام فتحة الغار. أما قريش فقد اكتشف كُفَّارها أن محمداً قد أفلت من أيديهم، فكانت مفاجأة لهم أذهلت عقولهم وجنَّ جنونهم".
وتمضي القصة في تتبع رحلة النبي ونجاته من كيد الكفَّار حتى وصوله إلى المدينة واستقبال أهلها له بحفاوة بالغة.
تقول القصة( ):" أمضى النبّي في الطريق حوالي ثمانية أيام في قيظ مُحرق حتى وصل إلى مكان يُقال له (قباء)، وهي تبعد عن يثرب ستة أميال، وهناك كان في استقباله أكثر من خمسمائة من الرجال المسلمين الأنصار بسلاحهم، ليكون لهم شرف استقبال نبيَّ الهدى والنُّور. نزل النبيّ  في قباء في ضيافة بني عمرو بن عوف، وأقام عندهم بضعة عشر يوماً، وهناك أسَّس النبيّ أول مسجد في الإسلام عُرف بمسجد قباء. وفي الفجر كان النبيّ عليه الصلاة والسلام يصلي في مسجد الله وقد إصطف خلفه لأول مرة المهاجرون والأنصار، وقد ألف الله بين قلوبهم".
وصلت البشرى أهل المدينة فخرجت الناس في فرح، وأسرعوا من ديارهم وحقولهم نحو مشارف المدينة لاستقبال نبيهم وراح الرجال يعدُّون ثنيّة الوداع (وهو طريق يمر منه الداخل إلى يثرب والخارج منها)، لاستقبال النبيّ، فكان الأنصار في ابتهاج وفرح أن هداهم الله إلى الإيمان بالنبيّ الأمي الذي كان اليهود يتوعدونهم به. وبلغ ركب الرسول مشارف يثرب فإذا بالرجال قد ارتفعوا على النخيل ينظرون الركب عن بُعد.
كان الركب الكريم يتهادى بين الأنصار حتى بلغ ثنية الوداع فإذا بهتافات الترحيب تتعالى في كل مكان.   
القصص البوليسي:
وهي قصص تهدف إلى تنمية الذكاء والتدريب على مواجهة الأخطار والمواقف الصعبة بشجاعة ومن خلال التفكير العلمي السليم، بالإضافة إلى ما تهدف إليه من تسلية وترويح.
وتقوم كل قصة من هذه القصص على لغز من الألغاز البوليسية، ويسعى بعض الأولاد ممن يتصفون بالذكاء وحبّ المغامرة إلى مساعدة رجال الشرطة في حلّ هذا اللغز من خلال ما يقومون به من مغامرات أو ما يواجهونه من أحداث مثيرة. 
وتلفتنا هذه القصص بعناوينها المثيرة مثل (لغز الطائر الأزرق – لغز الزمردة الخضراء – لغز الجزيرة المجهولة).
واللغز المحفوف بالإثارة هو القاسم المشترك لهذه القصص: ففي قصة (لغز الطائر الأزرق)( )، يتعرض منزل خالة محمد صديق المغامرين الثلاثة لسطوٍ من نوع غريب، ويكتشف محمد الحادث عن طريق المصادفة العجيبة، وذلك من خلال المنظار المكبّر الذي أهداه له والده ليستعمله في مشاهدة مباريات الكرة التي يعشقها، وتصادف أنه صعد إلى سطح منزلهم لينظر من خلال المنظار إلى بيت خالته ليعرف هل عادت من السفر أم لا؟ ولكنه فوجئ بأن الباب المؤدي إلى سلم الخدم مفتوح، وقد خرج منه رجلان يحملان بينهما جوالاً ضخماً ثم نزلا السلم ووضعا الجوال داخل سيارة ومضيا بها بسرعة( ).
وتتصاعد الأحداث، وتكتشف خالة محمد حادثة السرقة كما تكتشف غياب زوجها المحامي، ويحاول رجال الشرطة الوصول إلى لغز اختفاء المحامي، ويتوصلون إلى أن هناك عصابة وراء ذلك، وأنهم يبحثون عن أوراق وملفات هامة تدينهم في قضايا خطيرة، ولكنهم فشلوا في العثور على الأوراق الهامة لأن المحامي أخفاها في علبة (شيكولاتة) ماركة (الطائر الأزرق)، وبعد سلسلة من المغامرات المثيرة تنجح الشرطة – بمساعدة هؤلاء الأولاد المغامرين – في القبض على هذه العصابة.

القصص الفكاهي:
الأطفال يميلون بطبيعتهم إلى الضحك والفكاهة، ولذلك كانت القصص الفكاهية تعبيراً عن هذه الحاجة الضرورية، واستجابة لمتطلبات الطفل الوجدانية.
وقد أدلى كامل كيلاني بدلوه في هذا المجال، فزوَّد مكتبة الطفل بمجموعة من القصص الفكاهية مثل: (عمارة – الأرنب – الذكي – عفاريت اللصوص – العرندس – حذاء الطنبوري – بنت الصباغ)( ).
ونلاحظ أنه يختار نماذجه من خلال مواقف متخيلة بين الحيوانات كما في قصة "الأرنب الذكي"، حيث يحتال الأرنب للتخلص من الذئب الذي كان يفتك به لأنه تعود أن يأكل الكرنب الشهي من حديقة الذئب. ومن المواقف الضاحكة في القصة ذلك الموقف الذي وقف فيه الأرنب أمام تمثال صبيّ صغير صنعه الذئب من القطران ووضعه بالقرب من شجيرات الكرنب للإيقاع بالأرنب، وكان منظر ذلك التمثال ظريفاً مضحكاً، ولما رآه الأرنب ظنه صبياً جالساً فحيّاه مبتسماً ولكنه لم يرد، فاغتاظ الأرنب من سكاته، وقال له وقد اشتدَّ غضبه "سأرغمك على ردّ التحية، أيها الصبيّ الجريء ثم اقترب من التمثال وضربه بيده اليُسرى، فالتصقت بالتمثال، وحاول الأرنب أن ينزعها منه – بكل قوته – فلم يستطع – وذهب تعبه كله بلا فائدة، فصاح الأرنب مغتاظاً:" لا تُمسك بيدي أيها الصبيّ العنيد! أطلق يدي، وإلا لطمتك بيدي الأخرى فلم يجبه التمثال، فاشتدَّ غيظ الأرنب منه، ولطمه بيده اليمني، فالتصقت بالتمثال – كما التصقت يده اليسرى من قبل – وعجز عن نزعها منه أيضاً، وهكذا أوثق التمثال يديه، فاشتدَّ غضب الأرنب على التمثال، وأراد  أن يركله قائلاً: " تظن أنني عجزت عن ضربك بعد أن أوثقت يديّ؟ إنني أستطيع أن أرفسك! فلم يجب التمثال، فركله الأرنب برجله اليمنى، فالتصقت رجله به، ولم يستطع أن يخلصها منه، فركله برجله اليسرى ركلة عنيفة، فالتصقت به، فصرخ الأرنب – متألماً – وقال:" اتركني أيها الولد العنيد، دعني أذهب من حيث جئت، وإلا نطحتك برأسي"، ولكنه لم يجبه، فاشتدَّ غضب الأرنب وغيظه، ونطحه برأسه، فالتصق رأسه بالتمثال أيضاً، وهكذا أصبح جسم الأرنب كله ملتصقاً بالتمثال، ولم يجد سبيلاً للخلاص منه"( ).
وقد وجد الكتّاب في النموذج الجحوي مادة خصبة للإضحاك، فتنوعت القصص التي تصور جحا في مواقفه وحالاته المختلفة؛ فهو تارة ذكياً لمّاحاً، وتارة أخرى متهكماً ساخراً، وثالثة أحمق شديد البلاهة أو متحامقاً غبياً؛ فمن القصص التي تصوره ساذجاً أبله قصة بعنوان "والله لن أشتريك" ( )، وقد صيغت للأطفال بأسلوب مبسط على هذا النحو:
"أراد (جحا) أن يشتري حماراً فذهب إلى السوق وتوقف عند حمار أعجبه، وقال لصاحبه بعد جدالٍ على الثمن: هذا كلُّ ما معي الآن، فإما أن تبيعني الحمار أو أنصرف لحالي، وأخيراً وافق الرَّجل، ومشى (جحا) – يجرُّ الحمار خلفه فرآه اثنان من اللصوص، فاتفقا على سرقة الحمار. تسلَّل أحدهما بخفّة وفكّ الحبل من رقبة الحمار دون أن يشعر (جحا) بشيء وربط رقبته هو بالحبل. كل ذلك و(جحا) لا يشعر بما يجري. مشى اللص خلف (جحا) بينما اختفى اللص الآخر بالحمار. وكان المارّةُ من الناس يرون ذلك ويتعجبون لهذا المنظر، ويضحكون، و(جحا) يتعجب في نفسه ويقول: لعلَّ تعجُّبهم وضحكهم يرجع إلى أنهم معجبون بحماري! ولمَّا وصل (جحا) إلى البيت التفت خلفه إلى الحمار فرأى الرجلَ والحبل في رقبته، فتعجَّب من أمره وقال له: من أنت؟ فوقف اللّصُ باكياً وأخذ يمسح دموعه قائلاً: يا سيدي  أنا رجل جاهل أغضبت أمي. قال جحا: ثم ماذا؟ قال اللّص: فدعت أمي عليّ وطلبت من الله أن يمسخني حماراً، فاستجاب الله دعاءها، ولمّا رأي أخي الكبير ذلك أراد أن يتخلَّص مني، فعرضني في السوق للبيع، وجئتَ واشتريتني، وببركتك وفضلك رجعت إنساناً كما كنت!! وأخذ اللص يقبّل يد جحا داعياً شاكراً، فصدَّقه جحا وأطلقه بعد أن نصحه بأن يُطيع أمّه ويطلب منها الصَّفح والدّعاء!! وفي اليوم التالي توجه جحا إلى السوق ليشتري حماراً آخر فرأي الحمار نفسه فعرفه! اقترب جحا من الحمار وهمس في أذنه قائلاً: يظهر أنك لم تسمع كلامي، وأغضبت أمك ثانية، والله لن أشتريك أبداً ... !!"( ).

العلاقة بين القصة والحكاية في أدب الأطفال:
عرفت الشعوب البدائية الحكاية التي نقلت من فم إلى فم ومن بلد إلى بلد، فتكتسب من كل مكان مزايا جديدة وإضافات مختلفة، وتضاف إليها بعض المؤثرات التي تلائم كل بلد، فالحكاية لا تعرف الحدود أو الحواجز، وهي تتعرض لكثير من التحريف والتغيير، غير أنها في مبناها وأهدافها وجوهرها تكون قصة واحدة.
وهذه الحكايات لم يصنعها الأطفال، بل ألفها لهم الكبار، عندما أرادوا تقديم قصص الأطفال،  اتجهوا إلى الحكايات. فهي الأساس الأول في تكوين القصة، وهي تستخدم أسلوب التشويق لشد المستمعين والقراء إليها.

"وكان لكتاب كليلة ودمنة أثره الأدبي الفعال على كثير من الأدباء الأقدمين والمحدثين، فألفوا كتباً عديدة تجمع الكثير من الروايات والحكايات على منواله، بل تأثرت به الثقافات الغربية، فوضعت حكايات (لافونتين)"( ).

ومن أسباب حب الأطفال للحكايات الشعبية؛ أنها تتناسب في منطق سير أحداثها مع تفكير الأطفال؛ فطريقة تفكير الشعوب في بدايتها مماثلة لطريقة تفكير الإنسان في طفولته، من حيث ميلها للإفلات من منطق الزمان والمكان اللذين لا يدركها الطفل، كما أن إغراقها في الخيال يزيد الإقبال عليها.
"ومن وظائف بعض الحكايات الشعبية: الترويح عن النفس، وتثبيت القيم الثقافية، والتعليم والتلقين، والتلاؤم مع أنماط السلوك" ( ).

 وليس كل الحكايات الشعبية ملائمة للأطفال إلا بعد إعادة كتابتها في مضمون وشكل يلائم سجايا مرحلة الطفولة.
" أما عن الفرق بين القصة والحكاية، فالقصة تتوجه بالدرجة الأولى إلى الطفل، وتأخذ في الاعتبار مراحل نموه، وميوله ومداركه، ولها قوانين وأسس خاصة في بنائها. بينما الحكاية تمتلك قوانينها الخاصة بها. حدث منطقي أو غير منطقي – التطور – شخصية أو عدة شخصيات ليس لها ملامح معينة – زمان مطلق، مكان غير محدد وغير مشخص، الشخصيات تحكمها قوى خارجية قدرية، وتختلف في بنائها عن القصة" ( ).

أشكال الحكاية في أدب الأطفال:
الحكاية إرث أدبي واسع نقل إلينا من تلك العصور البعيدة من ذاكرة إلى ذاكرة، ومن فم إلى فم" ( ).

- الحكاية الميثولوجية: تستعين بالخيال الإنساني. وتمزج بين الأسطورة ومجموعة خرافات لتفسر قوى الطبيعة الخارقة.
- الأسطورة: مجموعة معتقدات بدائية تمثل الذاكرة الإنسانية المشوشة، والحقائق التاريخية المشوهة. زخرفها الخيال الشعبي، والإبداع الشعري بالخوارق العجيبة، وأغناها بالأفعال الغريبة، وأضفيا عليها القداسة.
- الملحمة: تحكي وقائع الأبطال وأعمالهم المذهلة في سبيل توحيد المجتمع والانتصار على الأعداء، والتعرض للعديد من الأهوال، بغية الدفاع عن الحق والمظلومين. ويتمتع أبطال الملاحم بقدرة خارقة قد تعاونهم الآلهة أو الجان – فيما يزعمون – ولكنهم يظلون بشراً.
- حكاية الحيوان: هي امتداد للأسطورة، وتستوعب الخرافة، وملحمة البهائم، وتلتقي مع الأسطورة؛ في أن كلاً منهما يقوم بتفسير ظواهر استعصت على العقل الإنساني في القديم.
- حكاية الجن: حكاية شعبية تغلب عليها صفة الخوارق. ومغامراتها عجيبة وأبطالها نماذج لا أسماء لها، مثل: (الملك – الوزير – الساحرة - ... ).
وقد يطلق عليها أسماء مثل الشاطر حسن ... ، وعباراتها مسجوعة، ويعتمد البطل على شخصية خارقة.
- السيرة الشعبية: تجمع بين المعرفة التاريخية، والسحر الفني. مثل سيرة عنترة، وبني هلال، ...
- الحكاية المرحة (الفكاهة): تدور حول الحياة اليومية، ومفارقات الغباء والبلادة، أو الخدعة، خالية من التعقيد، ذات محور رئيسي واحد مثل:(جحا، البهلول، البخلاء، ... ).
- الحكاية الاجتماعية: تعكس نقداً غير مباشر لأخلاق الطبقة الراقية المتزنة، وتصور ضروب السلوك المفروضة على الرجال والنساء، وتكشف معاناة أصحاب الحرف وكثيراً ما تتحدث عن زواج الثروة والجاه.
- حكاية الألغاز: وهي مسألة تطلب حلاً لما تنطوي عليه من غموض، واللغز محور أساسي وحافز هام في حركة الأحداث، وتجسيم الصراع، وتلتقي فيها ظواهر شتى، منها ما هو تعليمي، ومنها للاختبار العقلي، والرياضة الذهنية.
- حكاية العرايس: مزيج من الحكايات والرسوم، يخاطبها العقل وتخاطبه. وهي وليدة التراث الشعبي والأساطير القديمة.



أنواع القصة وموضوعاتها:

أولاً: القصة: وهي فن أدبي لغوي يصور حكاية تعبر عن فكرة محددة عبر أحداث في زمان أو أزمنة معينة وشخصيات تتحرك في مكان أو أمكنة وتمثل قيماً مختلفة وهذه الحكاية يرويها كاتب بأسلوب فني له قواعد وأصول ومقومات وعناصر فنية. وتعتبر من الوسائل الهامة لتدريب الأطفال على السرد والتعبير وهي على أنواع:
1- الرواية: ومنها التسجيلية التي تركز على حادثة تاريخية، والطرفية التي تقدم صورة مهذبة عن العاطفة الإنسانية. والبوليسية التي تتحدث عن المغامرات.
2- القصة: وهي تلي الرواية في الحجم. ومنها القصة القصيرة ثم الأقصوصة.
3- القصة القصيرة أو الأقصوصة: وهي الأصغر حجماً وتعتمد على وحدة الحدث.

القصة الخاصة بالطفل:
هي حكاية تقوم على الأحداث والصراع والعقدة والحل والشخوص، والزمان والمكان، بهدف الإمتاع والتسلية من خلال سرد قصصي قصير نسبياً – قد يقل عن عشرة آلاف كلمة – يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن، ويمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد، في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط، فلابد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها. والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية  أو مجموعة من الشخصيات، كما أن كثيراً من قصاصي الأطفال استمدوا من الحكايات الشعبية أفكار قصصهم، ولاقت هذه القصص هوى في نفوس الأطفال" ( ).

وموضوعات قصص الأطفال هي:
- قصص خيالية: وموضوع هذه القصص يكون من نسيج الخيال مثل كتاب "طواحين الهواء لدون كيشوت".  وقصص الأمثال والحيوان والسندباد البحري، وكتاب ألف ليلة وليلة وسندريلا، وكلها قصص خيالية تقوم على مخاطبة عقل الطفل وخياله المفرد وعواطفه. وتتنوع فيها مشاعر الفرح والحزن والرضا والغضب والشجاعة، وأسلوبها قصص سهلة ومفرداتها مألوفة وجملها قصيرة. وهي من أكثر أنواع قصص الأطفال قبولاً وشيوعاً.
- قصص الأساطير والخرافات: وهذه تختص بالآلهة وأفعالها. ومنها حصان طروادة أو الأبطال خارقو القوة، مثل: هرقل، وطرزان، وعنترة العبسي، وسيف بن ذي يزن، وأبو زيد الهلالي، وأدهم الشرقاوي وغيرهم.
- القصص الشعبية: وتدور حول الأبطال الذين أثروا التاريخ، مثل قصص سلسلة الأبطال.
- القصص الدينية: كقصص الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين، وكل ما له علاقة بالله وبالأديان السماوية، وبنشر رسالة هذه الأديان من توحيد وأخلاق ومعاملات وعبادات وقيم إنسانية خالدة. وتندرج ضمنها قصص البطولات الدينية والوطنية.
- قصص المغامرات: وهذه تثير فضول الأطفال وتدفعهم إلى استكشاف ما هو غريب، مثل قصص السندباد، والقصص البوليسية.
- القصص الفكاهية: وهذه من شأنها أن تخفف من التوتر الذي يعيشه الأطفال مثل قصص أشعب، وهبنقة وجحا ونوادرهم.
- القصص العلمية وقصص المستقبل: وتهدف إلى إثارة الاهتمام بالعلم وزيادة الثقافة العلمية وأسلوب التفكير العلمي، وتنمي روح الإبداع لدى الأطفال، وهي تدور حول بحث علمي أو نشاط أو اختراع وقع في عصر من العصور.
- القصص الواقعية: وموضوعاتها مستمدة من الواقع اليومي للطفل.
- القصص العالمية: وهو ما يترجم من القصص العالمية الخاصة بالطفل، أو تبسيط بعض القصص العالمية ، بأسلوب يتناسب مع الطفل، مع تصرف يضفى على هذه القصص ما يناسب الطفل العربي. وقد نحا كثير من الكتاب هذا المنحى في بداية كتابة القصة في العالم العربي، وفي فلسطين والأردن نذكر منهم: خليل بيدس، وخليل السكاكيني، ومحمود سيف الدين الإيراني، ونجاتي صدقي، ووصفي التل، ومحمد غرة دروزة.

 وإسحاق موسى الحسيني "الذي كتب قصة مذكرات دجاجة، والتي نشرتها دار المعارف عام 1943" ( ).

 وجبرا إبراهيم جبرا، وغسان كنفاني، وإميل حبيبي( ) ... . وكان كامل الكيلاني طليعة من فتحوا هذا الباب، فعمد إلى نقل روائع شكسبير، مثل: تاجر البندقية، والملك لير، يوليوس قيصر، والعاصفة.

ولابد من حقيقة نستدل بها على أهمية القصة في حياة الإنسان، التي ارتبطت بحياة المسلم عن طريق القرآن الكريم، الذي تشير آياته الكريمة إلى الكثير من الأحداث في قصص عن الأمم السابقة، وما آلت إليه من عذاب لعصيانها أوامر الله تعالى الذي أبدعها ببيانه وأسلوبه وهو الذي يعلم مدى تأثير هذه القصص في خلقه وجعلها هدفاً لإيمانهم ومعرفتهم وعلمهم وثقافتهم.

قصص الأطفال في العصر الحديث:
في العصر الحديث بدأت قصص الأطفال تتجه إلى التراث، فنجد بعضاً من نوادر جحا وشيئاً من قصص السندباد، ثم انفتح على قصص المغامرات والألغاز التي فتن بها الأطفال كثيراً.
وقد أثمرت هذه الجهود المتوالية في العناية بالقصص المكتوب للأطفال، الأمر الذي جعل الهيئات الرسمية والجمعيات الأهلية تنشط لرعاية الطفولة والعناية بتنشئة الأطفال.
ولم يعد الأمر قاصراً على إصدار كتب الأطفال فحسب، بل جرى العمل على إنشاء المراكز والمعاهد والوزارات المختصة، وقد تتابع إصدار مجلات ودوريات خاصة بالأطفال، في معظم البلاد العربية. ومن أهمها حكايات حارثة، ومجلات سمسم، وسمير، وميكي، وعلاء الدين، وماجد، وباسم، وأحمد، والشبل وغيرها.

عناصر التشويق في قصص الأطفال:
أولاً: الأسلوب:
بداية عندما نقص على أطفالنا الصغار بعض القصص البسيطة؛ فإننا بذلك نربط بين متعة الاستماع إلى القصة وبين إثارة الاهتمام بموضوعها، إذ لابد من توافر إيقاع في الجمل والكلمات وتوافر أصوات محببة إلى الأطفال، وكذا الحركات التي تساعد على عملية السرد والتكرار في العبارات والألفاظ، يساعد في عملية المتعة والتشويق. ولاشك أن عنصر المفاجأة والغموض والمرح والحيوية تقدم عناصر هامة، تثير شغف الطفل مع الحرص على ألا تثير القصة مخاوف الطفل.

ثانياً: الرسومات:
حيت يتطلب الكتاب المقدم للطفل أن يحتوي على الرسومات التي تتميز بالقيم الجمالية التشكيلية وأن تكون واضحة بما يتناسب مع عمر الطفل وبيئته، وأن تكون متفقة ومنسجمة مع النص ولا ننسى في ذلك ألوانها، حيث إنها تستحوذ على عيون الأطفال، فتلك الرسومات تخاطب بصر الطفل وعقله وخياله. كما تناسب اعتماد الأطفال على البصر في التعرف على العالم المحيط به. "وبعض القصص تحتوي صوراً مجسمة، فعندما يقلب الطفل صفحات الكتاب يرى النبات والحيوان والشخصيات بطريقة مجسمة جميلة، وبذلك تصبح ذات أثر كبير في جذب الأطفال إلى الكتاب أو القصة.
كما أنه من الضروري وضع الرسومات الخاصة بفقرة معينة بجوار تلك الفقرة، بحيث تشكل مع الفقرة المكتوبة وحدة فنية متكاملة" ( ).

ثالثاً: جاذبية موضوع القصة:
من الأهمية بمكانة القصة في حياة الطفل، معرفة ميول الأطفال واهتماماتهم، وذلك عن طريق معايشة القصة لجمهور قرائه في محيط الأسرة والمكتبات والمدارس والنوادي والمعسكرات، وإذا كنا قد تحدثنا عن جاذبية الشكل القصصي، فإن هذا لا يمكن فصله عن درجة جاذبية موضوع القصة، فلابد أن يكون موضوع القصة مثيراً لاهتمام الأطفال في العمر الذي يوجه إليه الكاتب قصته.

البناء الفني لقصص الأطفال:
يختلف البناء الفني لهذا اللون من الأدب عن غيره في جملة عناصره، وذلك من خلال المضامين والأفكار للقصة, ومن خلال البيئة والأحداث التي تتناولها الشخصيات وتجسدها. ولا تختلف قصص الأطفال في تقنياتها وبنائها الفني عن قصص الكبار، فلها ما لتلك العناصر والمكونات، ولكنه يختلف عنه من حيث الموضوع الذي يتناوله والفكرة التي يعالجها. ولابد  أن نتوخى في قصص الأطفال، أن تتوافر فيه التوجيه إلى الجمال والخير والإحسان، واستشعار الفضائل الإنسانية الكاملة، إلى جانب ما يستهدفه من الترفيه والمتعة النفسية والتسلية، وكذلك الاختلاف في الأسلوب.

أولاً: الفكرة:
ما من قصة تروى إلا ولها فكرة تقوم عليها. والفكرة في القصة ليست لمحة عابرة أو سريعة، بل تظل في تطور مستمر في أثناء سياق القصة.
والفكرة هي الجزء الأهم الذي تبدأ منه أي قصة، ويستمر فيها من أولها إلى آخرها. فهي الشكل الفني أو إطار الوعاء، فالفكرة هي الشيء الذي يحتويه هذا الوعاء، حيث إن أحداث القصة تمضي وتتفاعل" فتبدو الفكرة وكأنها الشخصية الرئيسة فيها، وهي شخصية ذهنية مجردة، فليس من الضروري أن تكون الشخصية هي شخص، فقد تكون مجرد فكرة" ( ).

والشخصيات تتحرك وتتكلم، وكأنهم يمارسون حياة حقيقية، لكن الحدث لا ينطلق عشوائياً، والشخصيات لا تتصرف ارتجالاً أو اعتباطاً. إن وراء كل حركة وسكنة في القصة هدفاً أو تعبيراً عن معنى، عن فكرة، عن موضوع. والتوازن الفني بين الشكل والموضوع (الفكرة) هو المعادلة الدقيقة والحساسة لكاتب القصة.

فالبعض تغريه الفكرة بروعتها، فيهيم بها ويتغافل عن الشكل الفني، أو يسخر ذلك الشكل بطريقة تعسفية لخدمة الفكرة، والبعض الآخر يتعشق الشكل الفني ولا يولي الفكرة ما تحتاجه من اهتمام، وكلا الفريقين على طرفي نقيض، لكنهما لا يستطيعان بلوغ المثل الأعلى الذي تنشده في فن الأدب.
 والقاص الجيد هو الذي يوصل فكرته إلى القارئ بصورة غير مباشرة، من خلال سرده للأحداث. والفكرة الجيدة في قصص الأطفال هي التي تتناول موضوعاً يثير انتباه الطفل لغرابته، أو لإشباعه رغبته في المعرفة أو التعبير عن مشكلات الطفولة.

فالفكرة هي الأساس الذي يقوم عليه البناء الفني للقصة، كما أن الفكرة تشكل مصدراً من مصادر الإعجاب أثناء قراءة الطفل القصة، ولا تستطيع أية قصة أن تتحدد ملامحها وكيانها المميز المؤثر إلا باستكمال عنصر الفكرة.
وتنبع مصادر فكرة القصة من واقع الحياة المعاصرة، أو من تجربة ذاتية لكاتب، حقيقية أو خيالية أو من التاريخ أو الأسطورة، وتكون ذات فكرة واحدة بسيطة وفي مستوى عقلية الطفل وخبراته.


شروط الفكرة:
- أن تكون ذات قيمة مفيدة.
- أن تكون مناسبة لمدارك القارئ، مرتبطة بحياته وعواطفه.
- أن تخلو من المثالية الشديدة حتى لا تسبب صدمة للطفل، إذا اكتشف التناقض في الواقع، وأن تخلو كذلك من تجميل الشر، وموضوعات العنف والقسوة.
- ألا تطغي الفكرة في القصة على الشخصيات فيها. بحيث "لا تكون أقوى من الشخصيات فيها من حيث الاستحضار التراثي، ومن حيث الحاجة (البراغماتية) لهذه الفكرة في حياة الأطفال" ( ).

ثانياً: الحوادث والحبكة:
 الحوادث هي عبارة عن مجموعة الوقائع المتتابعة المترابطة، والتي تسرد في شكل فني محبوك، وتسلسلها بصورة منطقية، بحيث يؤدي  كل جزء منها إلى الجزء الذي يليه حتى تصل القصة إلى نهايتها دون افتعال حدث أو إقحام شخصية لا علاقة لها بالقصة.
من هنا "يعد الحدث أهم عنصر في القصة القصيرة، ففيه تنمو المواقف، وتتحرك الشخصيات، وهو الموضوع الذي تدور حوله القصة" ( ).

 والحبكة المتماسكة العضوية "هي التي تتشابك فيها الأحداث وتتعقد بحيث تصل أحداثها إلى الذروة. بحيث تشد إليها الطفل دون عوائق أو تلكؤ، فتصل إلى عقل القارئ في انسجام ونظام، فلا ينصرف عما يقرأ أو يسمع أو تشتت ذهنه. فالحبكة المترابطة تزيد القصة "قوة وتماسكاً كالتعبير عن نفوس الشخصيات وحسن التوقيع والانتظام في حبكة شديدة الترابط، وأن تكتسب الأحداث صفة السببية والتلاحق" ( ).

"ويستحب أن تكون الأحداث مرتبطة بمبدأ السببية، وأن تستبعد الحلول والنهايات المفاجئة كاستلهام تدخلات عامل الصدفة" ( ).

أما الحبكة المفككة فهي التي تبدو فيها الأحداث منفصلة، ولا تكون مقصودة لذاتها، وإنما التركيز على الأشخاص، ودراسة نفسياتهم وتحليلها، والذي يربط بين هذا النوع من القصص هو البيئة التي تحدث فيها القصة، وغالباً ما يتضح هذا الرابط في نهاية القصة.

وللحبكة في قصص الأطفال أهمية كبرى فهي التي تساعد في تنمية قدرات الطفل العقلية، كما تكسبه فهماً وتصوراً للأحداث، والقصة ذات الحبكة البسيطة تناسب الأطفال وهم في سن مبكرة. ومن الأفضل التدرج في مقدار تعقد الحبكة بحسب سن الأطفال ونموهم العقلي" ( ).

شروط الأحداث في قصص الأطفال:
-   يجب إتقان تسلسل الأحداث مع عدم الافتعال، وذلك للوصول إلى العقدة ثم الحل.
- يجب أن تكون الحادثة ذات قيمة ومرتبطة ببقية الأحداث، وبفكرة القصة، ولا يشترط أن تكون الحوادث ضخمة.
- يفضل عدم الإكثار من الأحداث في قصة الطفل، وذلك حتى يمكن التركيز على الحدث الرئيس.
- يجب البعد عن الحوادث العنيفة أو الدموية.


ثالثاً: الشخصيات:
قد يكون من العسير الحديث عن الشخصية في الفن القصص، إذا ما علمنا أنَّ النظرة نحوها قد تغيرت، ولم تعد كتلك التي كانت عليها حتى منتصف القرن الماضي؛ حيث "كانت الشخصية تتمتع بحضور متميز داخل الأعمال القصصية التقليدية، فكانت نقطة ارتكاز تتقاطع فيها كل مكونات الخطاب، الأمر الذي جعل بعض النقاد يؤيدون الفكرة القائلة بأنَّ القصة فن الشخصية" ( ).

فالشخصيات هي التي تصنع الأحداث وتتفاعل معها، ويختلف عددها تبعاً لنوع القصة واتجاهها الموضوعي.

وهي عنصر هام في البناء الفني للقصة، وهو محور أساسي في قصص الأطفال، فالشخصيات تعمل في القصة مجتمعة؛ لإبراز الفكرة التي من أجلها وضعت القصة، ولذلك يقال إن الفكرة في القصة أشبه بالتصميم في النسيج، أما الشخصيات والحوادث والحوار وبقية العناصر الأخرى فهي تشبه خيوط النسيج، في علاقة بعضها ببعض وترتيبها ونسيجها، ولذلك فلابد أن يكون لكل قصة معنى تدور حوله أحداث القصة وتلعب هذه الأحداث شخصيات لها دلالة في هذه الأحداث.

ومن الجدير بالذكر أن هناك من يرى في الآونة الأخيرة بأنه قد "انتهى عهد الشخصية الفردية النموذجية الفاعلة والمؤثرة والموجهة، الشخصية التي يتحد بها القارئ ويحلم بمسارها، والتي تُسخَّرُ لها كل الوسائل، من أجل إبرازها وإبراز صفاتها الداخلية والخارجية، وتقديمها للقارئ في نمط جاهز"( ).
ولابد أن يتعرف القارئ على الشخصيات بدقة، ويتفهم دورها ويحدد مواقفها، حتى يتعاطف معها وجدانياً... ولابد أن تكون الشخصيات طبيعية تدل أقوالها وأفعالها على حقيقتها وألا يكون في تصرفات الشخصية الواحدة ما يتناقض مع حقيقتها.

وتظهر براعة الأديب في تحليل الشخصيات وإبرازها بحيث تصبح حية أمام القارئ أو السامع الذي يراها تتحرك، وقد تكون القصة خرافية وفي هذه الحالة تكون الشخصيات غير حقيقية، أو غير طبيعية في سلوكها، كأن تكون من الحيوانات أو الجمادات أو غيرها.

المهم أن تكون الشخصية ممثلة للحياة الطبيعية، وأن تكون معقولة ومنطقية مع ما تقوم به، بحيث تجعل القارئ أو السامع يريد أن يعيش أو يحيى معها، أي يتفاعل معها ويتوحد بها ويشاركها. إذ إن الطفل "ينظر إليها على أنها قدوة ونموذجاً مختاراً مرشحاً للمثل الأعلى، وهذا يعنى أنه سيترك أثراً في شخصية الطفل مع احتمال احتذائه أو الخوف من أمثاله" ( ).

وينبغي أن تكون الشخصيات واضحة ومجسدة تجسيداً حياً وألاّ يظهر تناقض في أقوالها وأفعالها، ومن المناسب أن تكون في الشخصية، جوانب سلبية إلى جانب الجوانب الإيجابية؛ أي "من واقع الطفل وعالمه المحيط به وتتجاوزه أحياناً إلى شخصيات غير معروفة لديه أو إلى شخصيات نادرة"( )؛ ليتعرف الطفل على الأشياء السلبية في الحياة ويعمل على تجنبها.

رابعاً: الزمان والمكان:
وهو ما يسمى بيئة القصة الزمانية والمكانية. والمقصود ببيئة القصة، هو متى وأين حدثت وقائع القصة. فالزمان جزء ضروري وحيوي من أجزاء البنية الأساسية للعمل القصصي، حتى قيل "إن هذا الزمن يوشك أن يصبح بطل القصة" ( ).

و"يستحيل أن يفلت كائن ما، أو شيء ما أو فعل ما، أو تفكير ما، من تسلط الزمنية" ( ).

 وقد يكون زمان القصة، الماضي البعيد أو القريب أو الحاضر أو المستقبل كما هو الحال في قصص الخيال العلمي، وقد يستخدم كاتب القصة الافتتاحية الزمنية المختصرة، وكأن هذه القصص تتقاطع في هذه الخصيصة مع الحكايات الشعبية التي يأتي فيها "الزمان مبهماً وغائماً وغير محدود، وهو على الأغلب قديم الزمان وسالف العصر والأوان" ( ).

 ومن الأمور المطلوبة فيما يتعلق ببيئة القصة ومكانها، أن تكون واضحة ويمكن تصديقها، وقد يكون المكان خيالياً لا وجود له على أرض الواقع ماضياً أو حاضراً، فيتعدد المكان في قصص الأطفال بتعدد صور الحياة التي تحدثت عنها هذه القصص" ( ).

 وحيثما يكون زمان القصة ومكانها، فإن القارئ يجب أن يمنح الفرصة لمعرفة نمط وأسلوب الحياة السائدة في تلك الفترة أو ذلك المكان، لتكون له قدرة عالية للفهم واستيعاب أحداث القصة، وزمن القصة قد يكون يوماً أو شهراً أو غير ذلك.

ويفهم عنصر الزمن من سرد القصة وأحداثها أما المكان فقد يكون مدرسة أو منزلاً أو قرية أو مدينة أو مخيم أو غابة أو بلداً معيناً والإشارة إلى مكان قد تأتي صريحة أو ضمناً أثناء سرد الأحداث.

لقد جعل بعض الكتّاب من الزمان والمكان وسيلة للإفضاء بالرؤية، من خلال نظام تتابعه غير المألوف.  إذ تشكل النقلات الزمانية والمكانية، وأسلوب الوصف منظوراً فكرياً يحدد موقف الكاتب، فتداخل الوحدات الثلاث للزمن وتشابكها على نحو خاص يفضي إلى رؤية معينة، فالقصة هي رحلة في الزمان والمكان معاً.

خامساً: السرد والحوار:
أصل السرد في اللغة العربية هو التتابع الماضي على سيرة واحدة ثم أصبح السرد يطلق في الأعمال القصصية على كل ما خالف الحوار، ثم ما لبث أن تطور مفهوم السرد، بحيث أصبح يطلق على النص الحكائي أو الروائي أو القصصي برمته، فكأن السرد إذن نسيج الكلام، ولكن في صورة حكي" ( ).

وإذا كان السرد هو تصوير الحوادث والأفكار والنفسيات عن طريق اللغة، فيجب ألا يكون طويلاً مملاً للأطفال. أما الحوار فهو ما يجري على ألسنة الشخصيات، وهو يصور الانفعالات والعواطف، ويوضح فكرة القصة، ويمنح الأحداث حيويتها، ويربط الشخصيات، لذا يجب أن يكون تلقائياً غير مفتعل، فصيحاً غير عامي. ونقصد بالسرد هنا، كتابة القصة أو روايتها للطفل، وهي طريقة استخدام القاموس اللغوي في عرض الحدث أو الوقائع، وهنا نؤكد مرة أخرى على أهمية اختيار الألفاظ المناسبة لسن الطفل الذي نكتب له، فاللغة ذات الألفاظ الصعبة أو الغريبة التي لا يفهمها الطفل تعوق عملية التلقي والفهم والعيش في قلب الحدث، كما تعطل انسيابية التمثيل والتخيل، كذلك فإن الألفاظ ذات الدلالة المعنوية أو التجريدية تربك الطفل، وتوقعه في الحيرة والغموض.

 ولهذا فإن الكلمات ذات الدلالة المجسدة، والتي ترمز إلى أشياء يعرفها الطفل في بيئته الخاصة أو العامة هي التي تناسبه ولا يستطيع الطفل أن يتفهم التجريدات إلا في السن المتأخرة. كما أن موسيقى الأسلوب شرط لازم لسيطرته على النفوس،  نعم إن القاص الحق هو الذي يعرف قبل كل شيء سراً من أسرار الحياة، ولكنه – أيضاً – رجل يلجأ في التعبير عما يعلم إلى موسيقى لفظية، يستخدمها بطبعه، فيتميز بها كأمارة خفية لخصائص نفسه، والعبرة كل العبرة في الموسيقى التي لا توصف، والتي ما هي إلا نغمات نفس" ( ).

ويمكن أن تتخذ صيغة السرد إحدى الأشكال التالية:
‌أ- الطريقة المباشرة: وهي أن يتولى الكاتب عملية سرد الأحداث بعد أن يتخذ لنفسه مكاناً خارج أحداث العمل القصصي، كما هو الحال في بعض القصص التاريخية.
‌ب- طريقة السرد الذاتي: وهو أن يقوم الكاتب بالسرد على لسان إحدى الشخصيات.
‌ج- طريقة الوثائق: وفيها يعرض الكاتب مجموعة من الوسائل واليوميات والوثائق المختلفة.
‌د- أسلوب القاص: أن تسرد القصة بأسلوب مناسب للأطفال وبلغة سهلة مبسطة خالية من التعقيد ومن الشكل التقليدي للسرد؛ بحيث يجب عليها تشويق الأطفال لأحداث القصة: الإيماءات، والحركات، والأصوات المحببة للطفل.

والتحدث بمستوى لغوي ملائم لطفل الروضة، بحيث يظل الطفل منجذباً إلى المعلمة ولديه حضور تام للاستمتاع بالأحداث والحوارات، ولا مانع بأن توظف المعلمة بعض الأطفال لسرد الحكاية كاملة حتى لو حاول الطفل إضافة أشياء إلى أصل القصة التي سردت من قبل المعلمة.

وجذب انتباه الأطفال بالصوت المعبر للمعلمة وحركات وجهها التعبيرية وبأسلوب مشوق وممتع للطفل.

واستخدام الصور والرسوم المسلسلة لأحداث القصة والمجسمات والعرائس المتحركة أو الشفافيات أو استخدام التقنيات الحديثة في ذلك.

أهداف سرد القصة:
يؤمل أن يتمكن الطفل من تحقيق الأهداف التالية نتيجة سرد القصة له:
1. تنمية القدرة على الانتباه والملاحظة.
2. التدرب على حسن الإصغاء.
3. تنمية القيم الأخلاقية لديه.
4. تنمية الذوق الفني لديه.
5. تنمية القدرة اللغوية.
6. تقوية العلاقات الاجتماعية بينه وبين الأفراد المحيطين به.
7. تقوية ثقته بنفسه عند أداء أدوار القصة أو سردها.
8. تنمية قدراته على التعبير عن نفسه وعن المواقف التي يراها.
9. إدخال السرور والمتعة إلى نفسه.
10.   إتاحة الفرصة أمامه للتمثيل ولعب الأدوار.
11. تنمية حب القراءة لديه.
12. تقديره للكتاب وفن التعامل معه.
13. زيادة المعلومات العامة لديه.
14. تعزيز شعوره بالمرح في الحياة برفقة الكتاب.
15. تنمية قدرته على حل المشكلات.

سادساً: الخيال:
يعد الخيال المتغلغل في العمل الأدبي عنصراً ومعياراً تقاس به جودة النص، لذا كان الخيال وسيلة لاكتساب الثقافة، شأنه في ذلك شأن الاستنتاج والاستنباط والإدراك والموازنة والتحليل، وهو أسلوب لتجسيد عناصرها الفنية "فالوقائع والأحداث، والأفكار والمفاهيم، هي في حد ذاتها جامدة، لكن الخيال يبعث فيها الحياة، ويمنحها أبعاداً، ويصوغها في هياكل، ويلبسها أردية قشيبة ويظهرها بالشكل الجديد" ( ).

"والسرد القصصي والقراءة أسلوبان فاعلان لتنمية الخيال أو التخيل"( ).

       "حتى عُدَّ "الخيال أكثر أهمية من المعرفة"( ).

"وقد أجريت تجربة في برلين حول مجموعتين من الأطفال، الأولى رووا لهم حكايات خيالية أمثال ذات الرداء الأحمر وسندريلا، والثانية لم يحدثوها عنها مطلقاً، وإذا بالمجموعة الأولى أرق وألطف وأكثر إنسانية" ( ).


أنواع الخيال في قصص الأطفال:
1- (أ) الخيال العجائبي والغرائبي:
ويقصد به ذلك الخيال الذي يتولد عن القصص التي تأتي بالغرائب والعجائب، كقصص الجن والسحرة والشخصيات التي لا تخضع للعرف والعادة في قدراتها، فتأتي بالخوارق والمعجزات" ( ).

 (ب) الخيال في قصص الحيوان:
فالأطفال مولعون بالقصص التي تكون أبطالها من الحيوان، "فخيال التوهم هو الذي يجعل الطفل في هذه المرحلة يتقبل بشغف القصص والتمثيليات التي تتكلم فيها الحيوانات والطيور" ( ).

"فالأطفال نراهم مفتونين بالحيوان: الرضيع يتابعه بعينيه، والحضين يحاول الوصول إليه" ( ).
ومن الملاحظ تأثر هذا النوع من القصص بالتراث القديم، كيحي بن يقظان وكليلة ودمنة وغيرهما.

2- تشخيص الجمادات:
ويتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة والظواهر الطبيعية، فتوهب لها عواطف آدمية وخلجات إنسانية، كأن يؤنسن الأشياء الجامدة كالكتاب والقلم وغيرها وينشأ بينها وبين شخصية إنسانية علاقة مودة وصداقة من خلال حوار هادف.

3- الخيال الواقعي:
وهو نقل الطفل إلى عالم جديد يتضمن متعاً فكرية، ومشاهد جديدة "يتلقاها الطفل من خلال سفره إلى زاوية أخرى من الحياة غير تلك التي ألفها وتعودها"( ).
ويراعي هذا النوع من الخيال "جماليات الخيال الطفلي في اختيار زاوية المشهد أو الانطباع أو الفكرة بشكل يوقظ الدهشة البريئة" ( ).

4- الخيال العلمي:
ويتمثل في الاكتشافات والتطورات العلمية الحقيقية والمتخيلة التي تصلح مادة لقصص هذا النوع. ويعرفه عماد زكي بأنه :" قصص انطلقت من وقائع ومعطيات علمية محددة لتعبر عن طموح الإنسان في تحقيق المزيد من الاكتشافات والإنجازات" ( ).


















الفصل الثالث
الشعر الخاص بالأطفال

- الشعر في المنظور العربي.
- نشأة الشعر .
- تعريف  الشعر في أدب الأطفال.
- مراحل تطور  الشعر  في أدب الأطفال.
- شعر الأطفال عند العرب في العصر الحديث.
- أهمية الشعر الخاص بالأطفال.
- أنواع الشعر عند العرب.
- شعراء لهم إسهامات في أدب الأطفال.
- أغاني وأناشيد للأطفال وأنواعها.
- أطفال شعراء.


الشعر في المنظور العربي
الشعر ترانيم العرب، وبوح قلوبهم، وخفق أفئدتهم، والمعبر عن مشاعرهم، والمؤرخ لوقائعهم، وأحداثهم، بل هو التعبير عن الحياة على جناحي العاطفة، والخيال، ضمن إيقاع متناغم، تنثال من بين ثناياه أحلام العقل، وآمال القلب، وبخاصة حين يتوجه هذا النوع من الشعر بالإيقاع الخفيف المنغوم إلى الطفل، منذ أن وعت أذنه الصوت.  وكانت أغاني الأم لطفلها، بذرة هذا العطاء الغزير من الشعر الكثير الذي وصل إلينا من تراثنا قبل الإسلام وبعده.

حظي الشعر بأهمية كبيرة ومكانة عظيمة، عند العرب واللغويين والأدباء والنقاد خاصة. كيف لا؟ وهو ديوان العرب، وسجل مآثرهم وأيامهم وآمالهم وآلامهم. وقد قال رسول الله :"إن من الشعر لحكمة".

وقد قال عمر بن الخطاب : "الشعرُ علم قوم لم يكن لهم عِلمّ أعلمّ منه". وقد أوصى الفاروق  بتعليم الشعر للأطفال: "رووا من الشعر أعفه، ومن الحديث أحسنه، ومن النسب ما تواصلون به" ( ).

وقد تجلت أهمية الشعر عند العرب في نواحِ عدة، يأتي في مقدمتها اجتهادهم الشديد في إيجاد تعريف للشعر، تعريف يحدده ويوضح ماهيته. ونجد هذه التعريفات في كتب التراث اللغوي والنقدي.
وكتب اللغة والأدب والأخبار وغيرها غنية بأغاني ترقيص الطفل والأمهودات الشعرية المصاحبة لفترة  المهد، والطفل في هذه المرحلة المبكرة من مراحل طفولته يعيش في بيئة محددة محسوسة، وهذه الأمهودات أو أغاني الترقيص تخاطب طفل المهد في لغة سهلة وكلمات موزونة ( ).

الشعر من خلال أهل اللغة في بعض المعاجم اللغوية:
قال الأزهري: "الشعر: القريض المحدود بعلامات لا يجاوزها، وقائله شاعر؛ لأنه يشعر ما لا يشعر غيره، أي يعلم".
وقال ابن منظور: "الشعر: منظوم القول غلب عليه؛ لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كل علم شعراً".
وقال الفيومي:" الشعر العربي هو: النظم الموزون، وحده ما تركّب تركباً متعاضداً، وكان مقفى موزوناً، مقصوداً به ذلك. فما خلا من هذه القيود أو بعضها، فلا يسمى (شعراً) ولا يُسمَّى قائله (شاعراً)، ولهذا ما ورد في الكتاب أو السنة موزوناً، فليس بشعر لعدم القصد والتقفية ".
وقال الفيروز أبادي: "الشعر غلب على منظوم القول، لشرفه بالوزن والقافية.
نشأة الشعر
اقترنت نشأة الشعر منذ أقدم العصور برحلة العمل الجماعي، سواء أكان في رحلة للصيد، أم لجني الثمار، أو بتأدية عمل لا يمكن أن يؤديه فرد واحد. إن العمل الجماعي يوحد الأفراد ويقلل من تعبها ويقرب من تحقيق هدفها، وقد قاد هذا إلى التحام حركة الفرد بحركة زميله، فكانت قوة إنجاز عملي؛ لذلك كانت أغنيات البدائيين نداءات، وكان إيقاعهم، تنظيماً لحركات الأداء العملي.
وكانت المدونات الشعرية في كتابات مختلف الشعوب لا تشبه الشعر المعروف بعد ذلك؛ إذ فيه تحرر، وفيه اعتماد على الترنم والإنشاد وعلى فن الإلقاء، أما الاعتبارات الفنية المعروفة، فهي من عمل الشعراء المتأخرين الذين أحلوا الوزن محل الإلقاء، ووضعوا قواعد معينة في نظم الشعر. فلم تكن الأبيات الشعرية في الشعر القديم متساوية، ولم تكن هناك قوافِ بالضرورة، حتى إنك لا تستطيع تمييز القطعة الشعرية عن غيرها إلا بالإنشاد.

وترجع معرفة الإنسان بالشعر منذ القدم لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى الشعر أكثر من النثر؛ لأن الشعر فيه موسيقى وإيقاع، فهو أسرع للوصول إلى مشاعر وأحاسيس الإنسان وخاصة الأطفال.

الشعر في أدب الأطفال
شعر الأطفال لون من ألوان الأدب، بيد أنه صيغة أدبية متميزة يجد الأطفال أنفسهم من خلاله، يُحلّقون في الخيال متجاوزين الزمان والمكان عبر الماضي وعبر المستقبل، ليست هناك قيود على موضوعاته وأفكاره ومعانيه وخيالاته. بيد أنه طريقة المعالجة والقدرة الفنية تقتضى كلمات مألوفة، وخبرات محدودة، لا تنطوي على تقرير معلومات وحقائق؛ لأن الشعر للأطفال يتمثل في إضفاء لمسات فنية على جوانب الحياة، لتمسي لوحات فنية زاخرة، وعلى مفاتن الحياة الطبيعية، لتجد فيها قلوب الأطفال الغضة متعة غامرة، إذا ما رسمت في إطار فني جميل، يسهل عليهم تصورها.
وبما أننا نقصد من عبارة "شعر الأطفال هو ما ينظمه الكبار للصغار"، فهذا يقودنا إلى إشكاليات يقع بها كل من الشعراء والنقاد المهتمين بأدب الأطفال. فالشاعر الأقرب إلى نواميس الطفولة هو الذي يمتطى آلة تعود به إلى زمن البراءة يحاكي طموحات الصغار، ويلج في العوالم الخاصة بهم؛ وهذا كله بعد أن يخلع ثياب الوقار، ويطفئ اشتعال رأسه، ويرسم في مخيلته عالماً يتصف بألوان البساطة والعفوية، وبالتالي يمكننا القول إن أدب الأطفال هو من أصعب فنون الكتابة؛ لأنه لا يخضع إلى معايير نقدية محددة. والناقد الأصدق لأدب الأطفال .. هي قسمات وجه الطفل عندما يسمع، فيفهم أو حتى لا يفهم تلك الأنشودة، وأن يتجرد من أي عامل خارجي قد يترك انطباعاً مسبقاً لديه يرتكز عليه في حكمه. وحتى مجرد أن يردد الطفل تلك الأنشودة لا يعنى أنها تركت انطباعاً حسناً لديه، إذ إن للطفل صفة ببغائية يتحلى بها في أكثر الأحيان.
وشعر الأطفال يخضع كغيره من فنون الأدب إلى نقد وتأويل المحللين فمنهم من يراه بسيطاً ينساب كجدول رقراق لا يمل. بين كلماته تشابيه أو معانٍ يقف الطفل عند بعضها واجماً أو يمر عليها دونما وقوف. والبعض الآخر يقول عليه أكثر مما يجب كأداة تعليمية يغرس من خلالها الشاعر أفكاراً ومبادئ سامية، ليحدد نقاط تؤثر في بنيان شخصيته مستقبلاً، أو ليفك الطفل رموز التشابيه الأقل بساطة، وليزيد من محصلته اللغوية والمعنوية. ومنهم من يغالي في مواقفه، يرى أنه ليس من الضروري أن يفهم الطفل كل ما يكتب. ودليل ذلك بعض الصور التي وردت في أناشيد حفظناها صغاراً، وقد لا نعرف بعض معانيها ونحن كباراً. فالطفل عندهم ناقص ينبغي أن يكمل خلقه ويحسن تقويمه بالتقليد والمحاكاة؛ إذ لا يوجد طفل لديه إدراك تلقائي" ( ).
ويجب ألاَّ يغيب عن بالنا أن عمر الطفل وبنيته وقدرته الفكرية، وعوامل أخرى كثيرة، تؤثر في اهتمامات الطفل ومدى انسجامه مع القصيدة وتؤدي بالتالي إلى ضرورة تنوع أسلوب وغرض شعر الأطفال.



تعريف الشعر في أدب الأطفال:
من هنا كان من الصعب تعريف الشعر المقدم للأطفال، فتعددت وتنوعت التعاريف. ومن هذه التعاريف:
تعريف حنان العناني للأغاني بأنها :" قطع شعرية سهلة في طريقة نظمها وفي مضامينها، تنظم على وزن مخصوص وتصلح لتؤدي جماعياً أو فردياً".
ويرى أحمد نجيب أن الشعر يخرج إلى عالم الأطفال في صورة الأغنية والنشيد ... والأوبريت والاستعراض والمسرحية الشعرية ... ويغلب أن يعتمد الأداء في هذه الأشكال على الأطفال أنفسهم، ولو أنه يحدث أحياناً أن يقوم الكبار بعملية الأداء، وبخاصة في ميدان الأغنية.

وير البعض أنّه موسيقى تمسّ الروح بالكلمة الجميلة والمعنى الأجمل، فسحر الكلمة الموزونة تحمل الإنسان بسهولة ويسر إلى مناطق وصور من التفكير والتجارب، وتغني عالمه وأحاسيسه وروحه. وهي ذات أهداف تربوية أو معادل موضوعي لأغاني الألعاب الشعبية التي تفجر الطاقات في الطفل ( ).

فمنذ أقدم العصور، كانت الكلمة الموزونة أسهل للحفظ من النثر عامّة، وخاصّة للأطفال، فالمناغاة والتهاليل هما أوّل صور الفن الذي يواجهونه بين أحضان أمّهاتهم، وهي تفرح قلوبهم وتسهم في إضفاء الهدوء والأمان إلى عالمهم، كذلك النشيد والأُغنية، حيث نراهم يتمايلون أو يدقّون الأرض بأقدامهم طرباً، فالموسيقى الجميلة الراقية تهذّب حسّه الفنّي وتصقل ذوقه وتسهم في ترفيهه وتجميل حياته، فللطفل أيضاً أوقات من الحزن والغضب ، ومن الملل والكآبة.
يقولون إذا أردت التقرّب من الطفل، غنِّ له أو أسمعه قصّة، ونحن هنا سنّغنى للطفل شعراً. يخدم الشعر أهدافنا الجيّدة الهادفة التي نعي ضرورة التطرّق لها والاهتمام بزرعها في نفوس أطفالنا، ألا وهي، القيم الإنسانية والأخلاق الحميدة، شرط أن تكون غير مباشرة، لا تحتوي على تنبيهات، أو نصائح وتوجيهات، حتى نعطي للطفل إمكانية التفكير والاستنتاج لوحده.

فالأطفال ميالون للإيقاع والموسيقى والأغاني منذ أيامهم الأولى. ففي الحضارات القديمة وجد الشعر، وخاصة الشعر الغنائي للأطفال.

مراحل تطور الشعر في أدب الأطفال:
ففي الإنتاج الأدبي المصري القديم توجد قصائد عديدة للطفل، ربما أشهرها "نشيد الليل":
حمدا للنيل  ... ينزل من السماء
ويسقى البراري البعيدة عن الماء ..
وينتج الشعير .. وينبت الحنطة
وهو سيد الأسماك .. وهو الذي يحدد للمعابد أعيادها

أما في حضارة وادي الرافدين (سومري – بابلي) فقد تميز بالتكرار والوعظ، وهو ما نلاحظه في "ملحمة جلجامش"، فيها الأبيات، التالية:

من سلك سبيل العدوان واغتصبت يده ما ليس له
من نظر نظرة رضا إلى مواطن الشر ..
من بدل الوزن الكبير بالوزن الصغير ..
من أكل ما ليس له ولم يقل ما حدث ..
فسوف يعاقب على جرائمه .

كما تركت الحضارة اليونانية الكثير من تلك الأشعار التي تتسم بالوعظ والإرشاد، ومن أشهر الشعراء "يوريبيدس" و"موسخوس" و"ثيوكريتوس"، و"بيون" الذي قال ذات مرة:

يا بني لا تلجأ إلى الناس دون مبرر
ولا تعتمد على الغير في إنجاز عملك
حاول أن تصنع مزمارك بنفسك
-  كل شيء يتم بمشيئة الآلهة -

ويفرد أفلاطون لمسألة تلقي الأدب مكانتها اللائقة في مسار التربية؛ حيث يعتبر أن الطفل مطالب بتعلم الأدب والموسيقى والرياضيات ما بين سن العاشرة والسابعة عشر.
والمثير أن أفلاطون يؤكد على ضرورة تلقي الأدب والشعر في سن مبكرة، رغم موقفه الغريب من الشعر والشعراء.
كما أشار إلى ذلك (جون بيير فرنان) مؤرخ الفكر المتخصص في المرحلة اليونانية، فالتربية لدى اليونان كانت تعتمد بالأساس " على الإصغاء للأناشيد الشعرية المنقولة من جيل إلى جيل، مع ما يصاحبها من عزف موسيقى".
ولعل أشهر كتاب في النقد الأدبي في العالم كله يؤكد ذلك، وهو كتاب " فن الشعر" لأرسطو.
وقد مدت الإمبراطورية الفارسية الأدب العالمي بالكثير من الأشعار التي عنيت بالوعظ والإرشاد والجانب التعليمي للطفل، وهذا الجزء عن قصيدة تتناول فكرة "الزمان" من كتاب بعنوان "أصل الخليقة":
                        الزمان من كل المخلوقين أقوى
                        الزمان من كل متملك .. أملك
                       الزمان من كل ذي علم .. أعلم
                        زماننا يمضى .. ويتفرق ..
لا يمكن للروح أن تتخلى عن الجسد
                        ولا حين تطير في الأعالي

كما تأثرت الجمهوريات السوفيتية المجاورة بالأدب المشرقي الحكيم ومنه روائع الرواد القدامى "أفناسيف، وأنشوكوف وزالتين وبلكين وكريلوف ومن حذا حذوهم من المحدثين أمثال: تولستوي ومكسيم جوركي وصمويل مارشال، يقول الأخير في مقطوعته " أطفال ورفاق" ( ):
كان الجو لطيفاً
كان الجو ربيعاً بعد الدرس
كنا في درب العودة اثنين
نمشي كصديقين حميمين
سرنا وقميص مفتوح الأزرار
مرحين سعيدين
سرنا .. سرنا ليس يهم إلى أين
فالجو اليوم ربيع فتان

أما بالنسبة للتراث العربي والإسلامي، فقد أثبت الشاعر المصري "أحمد سويلم" في دراسته "شعر الأطفال في التراث العربي" ثراء التراث العربي في الجاهلية والإسلام بأدب الأطفال الذي استخدم الشعر إلى جانب النثر مع الأطفال، والكبار على السواء، وذلك أن الشعر "ديوان العرب" وسجل حياتهم، ولم يكن يبتعد عن أذهان الصبيان.
وفن الشعر سواء قاله وسمعه الصغار أم الكبار في سن مبكرة أو عند كبر السن، فهذا اللون من الشعر ينتمي إلى "الشعر الشعبي" ويطلق عليه كذلك "أغاني المهد" أو "أغاني الطفولة".

لأن الأم العربية هي التي تقوم بتربية الطفل صغيراً، فقد كان لها الفضل في تنشئة الأولاد على المثل العليا، والشجاعة، والإقدام، والكرم، والكسب الشريف .. وغيرها من الصفات الحميدة. كما عرف العرب الشعر الموجه للطفل خلال مراحل عمره وجنسه.

وكتب اللغة والأدب والأخبار وغيرها، غاصة بأغاني ترقيص الأطفال، المصاحبة لمرحلة المهد المبكرة التي تخاطب الطفل بلغة سهلة، وكلمات موزونة " كوسيلة ترفيهية ومسلية له، وبجانب ذلك كانوا يبتغون به غرس جميل الخصال وحميد الفعال في ذهنه قبل أن يشتد عوده ويكبر، وقد تمكنت منه الأخلاق ونقشت في مخيلته الصفات، وانطبعت في قلبه القدوة" ( ). ولا يقتصر ترقيص الأطفال على الأمهات فحسب بل نرى الآباء والأجداد يقومون بمثل هذا الدور.

أغاني ترقيص الأطفال: وهي أغنيات تغنى للطفل ليهدأ ويرتاح، أو ليلعب ويرقص.

إن الذاكرة العربية احتفظت بشيء غير قليل مما ساد من الأشعار والحكم في آداب الطفولة، وترقيص الأطفال ومداعبتهم بالأغاني والأهازيج. وقد أدرك هؤلاء العرب في جاهليتهم وإسلامهم، أن الأهازيج التي يداعبون بها أبناءهم تدخل الفرحة والسرور على هؤلاء الصغار، وتجعل نفوسهم أكثر صفاءً وأشد بهجة. فنرى الواحد منهم يخاطب صغيره ويُسمعه ما يتمناه له في مستقبله، ويرسم له خطة في الحياة، على ضوء الإمكانات التي يوفرها له، وعلى ضوء المعطيات الاجتماعية التي تسمح بها أعراف المجتمع آنذاك.

فعبد المطلب يحمل حفيده النبي محمد  بعد ولادته ويطوف به الكعبة، يحمد الله على نعمة الولد الطيب الطاهر، ويعيذه بالبيت العتيق من كل سوء وأذى( ):
الحمد لله الـذي أعـطانـي
هـذا الـغلام الطيب الأردن
قد ساد في المهد على الغلمان
أعيذه بـالبيت ذي الأركـان

وتدعوا الشيماء أخت النبي  من الرضاعة، وهي ترقصه بأن يبقي الله لها محمداً، فيصير فتى ويسود جميع الناس( ):
يـا ربنا ابقِ لنا محمداً
حتى أراه يافعاً وأمردا
ثـم أراه سيداً مُسوَّدا

وتقول الشيماء في أخيها من الرضاعة النبي محمد  وهو طفل( ):
هذا أَخٌ لي لمْ تلِدْهُ أُمِّي
وليْس من نسْلِ أبي وعمِّي
فأنْمِهِ اللهُ فيما تُنَمِّي
ولعل الصواب: "فيمن تُنمي"

وهذا أعرابي يرقص ابنته فيقول( ):
بنيتي ريحانة أشمها        فديت بنتي وفدتني أمها

وللحسن البصري هذه الأبيات في ابنه( ):
يا حبذا روحه وملمسه
أملح شيء ظله وأكيسه
الله يرعاه لي ويحرسه
حتى يجر ثوبه ويلبسه


كما غنت الأم للبنت قائلة( ):
كريمة يحبها أبوها
مليحة العينين عذباً فوها
لا تحسن السب وإن سبوها

والدكتور أحمد زلط يؤيد الرأي القائل حول نشأة أدب الأطفال بأن بذور ميلاده قد أٌلقيت في تربة الأدب الشعبي، ثم تولى الأدب الرسمي مُهمة إنباته ورعايته وإنمائه. فكثير من نصوص الشعر الجاهلي تضم الأمهودات (أغاني المهد)، وأغاني الترقيص، وأغاني اللعب، والمنظومات الشعرية، والقصة الشعرية على لسان الحيوان.

فهذا نص لأمية بن أبي الصلت( )، يقول فيه مخاطباً ابنه:
غذوتُكَ موْلُوداً، وعلتُكَ يـافِعاً        تـعلُّ بما أدنـي إلـيك وتنْهَلُ
     إذا ليْلةٌ نابتْكَ بالشكوِ، لمْ أبتْ        بشكْـواكَ إلا سـاهِراً أتملْملُ
 كأني أنا المطْروقُ دونَكَ بالذي       طُرقْتَ بهِ دونـي وعينُكُ تهملُ

ومن ذلك ما روته نُتَيلةُ النمرية، زوجة عبد المطلب ابن هاشم حين دفعت بابنها العباس إلى أبيه عبد المطلب؛ ليقول فيه شيئاً من الشعر، فأخذه وجعل يرقصه ويلاعبه ويقول:

ظني بعباس حبيبي إن كبر
أن يمنع القوم إذا ضاع الدبر
وينزع السجل إذا اليوم اقمطر
ويسبأ الزق السجيل المنفجر
ويفصل الخطة في اليوم المبر
ويكشف الكرب إذا ما الخطب هر
أكمل من عبد كلال وحجر
لو جمعا لم يبلغا منه العشر

أما العاص بن وائل السهمي فقد كان يتمنى لابنه عَمراً أن يسود قبيلتي جمح وسهم، وأن يكون قائداً مغواراً فاتكاً بالأعداء لا يبقى لهم باقية - هذه المعاني الاجتماعية التي كانت سائدة في عصره وكانت تمثل السيادة والجبروت -  حيث الرفعة عند أبناء القبيلة أن يلقنها صغيره وأن يرضعه إياها وهو لا يزال في سنين عمره الأولى، والأب بطبيعة الحال لا يتمنى لأولاده إلا أن يكونوا سادة في أقوامهم؛ لهذا نراه يرقص ولده عمراً ويخاطبه بأمنياته قائلاً:

ظنـي بعمرو أن يفوق حلماً
وأن يـسود جمـحاً وسهماً
وينشق الخصم الألـدَّ  رغماً
وأن يقود الجيش  مجراً دهماً
يلـهم أحشاء الأعادي  لهماً

ومن المدينة المنورة يثرب قديماً مدينة الرسول المؤدب والمربي للأمة صلى الله عليه وسلم خرج علينا نص مهم من نصوص العرب في صدر الإسلام وهو نص( ):

     طلع  البدر  علـينا   ..    من  ثنيات الـوداع
                  وجب  الشكر علينا   ..    مـا  دعـا  لله داع
    أيـها المبعوث  فينا   ..   جئت بالأمر المطاع
    جئت شرفت المدينة   ..   مرحـباً يا خير داع

وهو نص يقع على الحد الفاصل بين أدب الكبار والصغار، ولكنه في مجمله يصلح لأن يكون نموذجاً لأدب الأطفال في تلك الحقبة؛ لأنه صوره في البساطة المألوفة في "صورة البدر" وتسمية المكان "ثنيات الوداع" وكذلك قرب المعنى، وقصر الأسطر وقلة الأبيات وهذا من خصائص أدب الأطفال.

ولو تأملنا أنشودة ( ):
دوهه يا دوهه
والكعبة بنوها
سيدي سافر مكة
جب لي زنجبيل كعكة

لوجدنا أن هذه الترقيصة الطفولية الشعبية تندرج في نطاق أدب الطفل.

ومن الشعر الإسلامي يتناولُ أشعاراً كثيرةً لحطَّان بن المعلَّى، وابن الرومي، وابن رشيق القيراوني، وغيرهم. ولعلَّ أشهرها قصيدة حطّان بن المعلَّى – وهو شاعر إسلامي قُرشي مخزومي – التي يقول فيها( ):

وإنما أولادُنا بيْننا أكبادنا تمشي على الأرضِ
إنْ هبَّتِ الريحُ على بعضِهمْ لامتنعَتْ عيْني عنِ الغمْضِ
شعر الأطفال عند العرب في العصر الحديث:
كان من الآثار المفيدة لبعثات محمد علي إلى أوروبا في أوائل القرن التاسع عشر، أن اطلع إمام البعثة إلى فرنسا رفاعَة الطّهْطّاوي (1216 – 1290 هـ ، 1801 – 1873م) على الثقافة الفرنسية، وعرف أسباب تقدم تلك البلاد التي اعتنت بالطفولة وعالمها، وعندما عاد إلى مصر وُلِّيَ رئاسة الترجمة، فألَّفَ وترجم الكثير من الكتب، منها "المرشد الأمين في تربية البنات والبنين"، الذي تبدأ به حركة الاهتمام بأدبيات الطفولة، وعالمها في الوطن العربي في العصر الحديث.

وتعود المحاولة الأولى في شعر الأطفال عندنا إلى عام 1867، عندما أصدر رزق الله حسون الشاعر الحلبي كتاب "النفثات"، وهو ترجمة شعرية لحكايات كيد لوف رائد أدب الأطفال في روسيا. وقد نقل حسون الحكايات الروسية التي أتقنها، ولكن صاغها شعراً. ولم تكن ترجمة حرفية بالطبع، وإن ترجم بعض الحكايات نثراً أيضاً.

وهذه المحاولة تشبه محاولة الرائد المصري محمد عثمان جلال (1828 – 1898م) الذي ترجم أكثر حكايات لافونتين عن الفرنسية شعراً، وضمها في كتابه (العيون اليواقط في الأمثال والمواعظ) الذي صدر في القاهرة في حدود عام 1850م أول محاولة في البلاد العربية للكتابة للأطفال.
ومن القصائد التي وردت في هذا الديوان قصيدة "الديك الذي يقي لؤلؤة"، يقول فيها( ):
الـديك عند نبـشه قد لمحا        لـؤلـؤة لـقـطـها فـرحـا
رأيته وقد أتـى للـجوهري       وقـال: ذي لـؤلؤة! هل تشتري؟
تـلك لعـمري درة يتيمـة       فـاشترهـا ولـو بـدون قـيمة
حـبة بـُرِّ لـي منها أنفع       ادفـع إلـيّ مـا تـريد تـدفـع
وكـنت قد شـهدتُ الوقعة       وكـان ذا بعد صـلاة الجـمعة
ولـم أرم أن مرّ بي كتاب       فـي يـد شيـخ صـدهُ الشـباب
وقال لي: هل تشتري الكتابا       تـغنمـه وتـغنـم الـثوابـا
فلـم أسفه، بـل اشتريـته       بـثمن بـخسٍ ومُـذ قـريـته
وجدته الكشاف للزمخشري       فـقلـت: نـعم بـائع ومـشتري
وقلت في نفسي: كيف هذا؟       لا خـاب مَـنْ بـربِّه استـعاذا
سبحانه يخص مَنْ شاء بما       شاء من أهل الأرض وأهل السما
القرط مـع غير ذي الآذان       والـفول مـع غير ذي الأسـنان

لكن محاولة جلال كانت أكثر تميزاً، بسبب سلاسة صياغتها، وطرافتها، وشاعرية صاحبها. بينما عانت ترجمة حسون الشعرية من الصياغة الثقيلة والمرتبكة معاً.

ثم جاءت بعدها دعوة الزعيم الوطني مصطفى كامل (1291 – 1326 هـ ، 1874 – 1908م)، لِبثِّ الأدب التهذيبي، والوعي القومي في نفوس أبناء الأمة، التي اعتبرت أول دعوة عربية من مصر للاهتمام بأدب الطفولة. وذلك قبل أن يطلق أحمد شوقي دعوته عام 1898م، لحفز الشعراء العرب لتوجيه بعض نتاجهم للناشئين.

يقول مصطفى كامل: "ولما كان أمس غرض لنا هو تهذيب الأحداث، فقد عزمنا على أن ندرج في كل عدد من أعداد جريدتنا نشيداً أو نشيدين، على نمط السلاسة، والتهذيب التام، حتى أنه بعد مضي خمسة أو ستة أشهر يمكننا أن نجمعها في كتاب، نضم إليه بعض الشذرات والمحاورات المفيدة، يكون قاعدة عريضة أساسية لتهذيب الأبناء، وإنَّا لا نعدم في ذلك العمل مساعدة الفضلاء والأدباء والشعراء ... ".

 ولكن لم يصدر من "المدرسة" سوى تسعة أعداد فحسب، ثم توقفت. ثم قام على فكري (1879 – 1953) في عام 1903م بإصدار ديوان "مسامرات البنات"، وفي عام 1911م ظهر كتاب "آداب العرب" وهو منظومات شعرية متنوعة للأطفال سار فيها مؤلفها إبراهيم العرب على طريقة (لافونتين) وقد تضمن الكتاب (مائة) منظومة شعرية دارت جميعها على ألسنة الحيوان والطير، غايتها إيراد العظة في أسلوب شعري قصصي، يقول إبراهيم العرب في منظومة ختام الكتاب حول مغزى حكاياته( ):
أمـثال صدق تجلت لا مثيل لـها      معنى صحيح ولفظ فيه تجويد
ضمنتها النصح والأغراض شاهدة     وفي لـسان الفتى للحق تـأييد
وهـذه جـمل مـملوءة حـكمـا    من دون نشر شذاها الند والعود

 ثم جاءت دعوة أحمد شوقي (1868 – 1932م، 1285هـ - 1351هـ) لتمثل إضافة قوية، وبُعداً حقيقياً لاهتمام واحد من أكبر شعراء العربية بالكتابة إلى الأطفال، حيث جاءت أشعاره تحكي قصصاً وروايات على لسان الحيوان والطير، وتمنى شوقي أن يقدم للأطفال ما قدم لأترابهم في البلاد العربية، ويتميز شعر شوقي للأطفال بأنه في قصصه الشعرية عالج كثيراً من الموضوعات، حيث أنه كان يدرك أن أدب الأطفال أقوى سبيل يعرف به الحياة بأبعادها المختلفة، وكشف الخطأ والصواب في المجتمع.

 يقول أحمد شوقي في دعوته التي وجهها إلى الشعراء العرب في مقدمة الطبعة الأولى من الشوقيات 1898م: "جربت خاطري في نظم الحكايات على أسلوب (لافونتين) الشهير. وفي هذه المجموعة شيء من ذلك، فكنتُ إذا فرغتُ من وضع (أسطورتين) أو ثلاث اجتمع بأحداث المصريين، وأقرأ عليهم شيئاً منها فيفهمونه لأول وهلة، ويأنسون إليه ويضحكون من الكثرة. وأنا استبشر لذلك وأتمنى لو وفقني الله لأجعل للأطفال المصريين مثلما جعل الشعراء للأطفال في البلاد المستحدثة، منظومات قريبة التناول، يأخذون الحكمة والأدب من خلالها على قدر عقولهم. والخلاصة أنني كنت ولا أزال ألوي في الشعر عن كل مطلب، وأذهب من فضائه الواسع في كل مذهب. وهنا لا يسعني إلا الثناء على صديقي خليل مطران صاحب المنن على الأدب، والمؤلف ين أسلوب الإفرنج في نظم الشعر وبين نهج العرب. والمأمول أننا نتعاون على إيجاد شعر للأطفال والنساء، وأن يساعدنا الأدباء والشعراء على إدراك هذه الأمنية"( ).
 ولكن يبدو أن أذهان الشعراء وقتها لم تكن مهيأة لتقبل تلك الدعوة، كما أن شوقي نفسه انصرف بعد عودته إلى مصر عن كتابة الشعر إلى الأطفال والناشئة، ولكننا لم نعدم من بدأ يهتم بهذا الجانب، خاصة إنه كانت هناك إرهاصات قبل شوقي تمثلت في جهود محمد عثمان جلال (1245 – 1316هـ، 1829 – 1898م).

بعد ذلك ظهر كتاب (النخبة) لجرجس شلحت عام 1910، وهو ترجمة شعرية لحكايات الأسقف (فنلون) في الغالب، مع بعض الحكايات التي نقلت نثراً. وكانت تجربته خطوة إلى الأمام، وفيها سلاسة متقدمة على تجربة رزق الله حسون. ومن أجواء ذلك الكتاب هذه الأبيات من حكاية (ثعبان):
اثنان من ثعالب البيداء .. تصاحبا للصيد في الصحراء
فواحد كان كبير السن .. وقد غدا أديمه كالشن
وهو شديد البخل كان يدعي .. مع ذاك حكمة الحريص الألمعي
تسللا إلى بيوت القرية .. فخنقا بعض الدجاج خفيه
وبعد ذلك انتشب اللجاج .. بينهما واحتدم الحجاج

وفي عام 1912 أصدرت دار المعارف أول كتاب أدبي مصور للأطفال وهو "القطيطات العزاز" لمحمد حمدي بك، بالاشتراك مع جورج روب. وفي عام 1923م أعاد الشاعر محمد الهراوي (1885 – 1939م) طباعة أول ديوان شعري عربي حديث للأطفال الموسوم "سمير الأطفال". وفي عام 1926م عاود الأديب كامل الكيلاني (1897 – 1959م) التأليف للأطفال، فأصدر مسرحية شعرية ذات فصل واحد للأطفال أسماها "الذئب والغنم" ( ).

مع مطلع القرن العشرين واهتمام المدارس الخاصة والأميرية بكتب القراءة، وما تحتاج إليه من قصائد وأناشيد، فقد ظهر عدد من الشعراء الذين عملوا مربين في الأساس، وأهم هؤلاء: سليم الحنفي، وأديب التقي، وحسني كنعان، وجرجس عبد الملك، وعز الدين التنوخي، ومصطفى الصواف، وفخري البارودي، وميخائيل الله ويردي، وبدر الدين الحامد، وخير الدين الزركلي، وعبد الرحمن قات، ومحمد تيسير ظبيان، وادوارد مرقص، وجميل سلطان، وعبد الكريم الحيدري، وأمجد الطرابلسي، ونصرة سعيد، وأنور العطار، وسليم الزركلي.

من أهم هذه التجارب التي عرفها شعر الأطفال في سورية قبل الخمسينات ما قدمه لنا بداية جميل سلطان،  ومن نصوصه، نص بعنوان (الولد والعصفور) في كتاب (علم الموسيقى لمصطفى الصواف) والمنشورة عام 1927، وكان يدرس في المرحلة الابتدائية ومنها:

غن يا عصفوري
وازر بالطيور
واعد سروري
لي بالإنشاد
فيقول العصفور:
خل عنك الوهما
وتلق العلما
يا فتى كن شهما
وامض للمدرسة
وفي الكتاب نص آخر للسلطان بعنوان (يا مربض الشمس الأسود).

 وقد تطورت تجربة الشاعر، خاصة أنه عمل لمدة طويلة في التعليم. وكان مديراً للتعليم الابتدائي في وزارة المعارف. وقدم نصوصاً ذات أثر خاص في نفس كل من قرأها، كما في (رقص الثلج):
رقصا رقصا  ..    قطع الثلج
هيا غطي      ..   وجه المرج
دوري دوري   ..    كالعصفور
هيا ارتاحي  ..  فوق الدور
 ...
غطي .. غطي .. وجه الأرض
كوني فيها الثوب الفضي

ومما يحسب له أيضاً كتابته نصوصاً متميزة بطرافتها وبنائها الفريد المناسب للطفل تحديداً كما في القصيدة الأحجية وهي بعنوان (احزر):
ما قشرة رقيقة كأنها فنجان
مغلقو داخلها اللؤلؤ والمرجان
من مونو البيت ومما يثمر البستان
ينالها المجد والأديب والكسلان
وأنت تهوى أكلها فاحزر هي
فترك فراغاً ليملأه الطفل بالجواب وهي كلمة: الرمان

فالألغاز تتضمن سؤالاً يشحذ الذهن، ويستثير الفكر، ويقلب الأشياء على وجوهها المختلفة، حتى يمسك بإشارة دالة، أو عبارة مبتورة، أو جمل قصيرة توصل إلى الجواب ( ).

ولكن بعامة كانت الانتقادات توجه إلى كل من يلج هذا الباب من الشعراء، وعلى سبيل المثال عندما بدأ الشاعر العراقي معروف الرصافي (1294 – 1364هـ ، 1877 – 1945م) يكتب للأطفال واجه انتقادات بعض الشعراء، وكان من بين الذين هاجموا الرصافي الشاعر جميل صدقي الزهاوي (1836 – 1936م) الذي اعتبر هذا النوع من الشعر ضعفاً في المستوى الأدبي، وذلك بعد أن نشر الرصافي "تنويمة الأم لطفلها" عام 1923م في مجلة "المرأة الجديدة"، أدب من الدرجة الثالثة! هكذا كان يُنظر إلى أدب الأطفال بعامة، وشعرهم بخاصة، على أنه أدب أو شعر من الدرجة الثانية أو الثالثة، واستمرت نظرة الناس إلى الشاعر الذي يكتب شعراً للأطفال على أنه مفلسٌ شعرياً، أو أنه يعاني من الضعف الشعري واللغوي، وكانت النظرة السائدة إلى ما يبدعه بعض الشعراء للأطفال متأثرة إلى حد كبير بما رآه الزهاوي في شعر الرصافي للأطفال.

ومن أوائل الشواعر اللاتي طرقن هذا الباب، الشاعرة جسماني شقرا من حمص المتوفاة عام 1948م، صاحبة ديوان (روضة الأطفال) الصادر عام 1932.

ويمكننا باطمئنان أن نقول إن (روضة الأطفال) أول مجموعة شعرية صدرت للأطفال في سورية، لم تكن نظماً لحكايات مترجمة أو تراثية، بل تأليفاً في موضوعات لها علاقة بالطفل وعالمه.
لقد ألفت جسماني كتابها في الأساس بناء على وعي كامل بخصوصية شعر الأطفال وأخذت على عاتقها الهدف التربوي السهل في المعنى والمبنى كما ذكرت في المقدمة.
ومن أجواء هذه المجموعة قولها( ):

عناية الكبير بالصغير  ..   شاهدة بجودة التدبير
يحرزها كل فتى شكور  ..   وكل بنت قلبها كالنور
فشكر كل محسن ضروري

               وقولها عن حياة المدرسة:
إن حياة المدرسة .. أشهى حياة مؤنسة
فائدة أكسبها .. خير من الملبسة
...
عن حفظنا الدرس الصغير .. نظفر بالعلم الكثير
عن قطرة فقطرة .. ويجتمع البحر الكبير
...
                 وعن الثلج تقول:
ما أجمل الثلج .. قد غمرت مروجاً
وكل ذي فهم رأي .. منظرها البهيجا
يسبح الله الكريم
الثلج في روس الجبال .. تيجان مجد وجلال
وفي السهول والربى .. والدور أثواب الجمال
فيمنح الخير العميم
الثلج عند الأمم .. يدعى رسول النعم
فأكرموا وفوده .. لتظفروا بالمغنم
من رحمة الرب العظيم

ويعتبر عبد الكريم الحيدري الرائد الحقيقي لشعر الأطفال في سورية، بالمعنى الزمني والفني معاً؛ حيث كتب الحيدري أكثر القصائد جمالاً ونضجاً، وطرافة للأطفال، في مرحلة ما قبل الخمسينات .
وللحيدري ديوان وحيد للأطفال طبع عام 1937 بعنوان "حديقة الأشعار المدرسية"  وله طبعة على الأقل بلا تاريخ.

ونورد جزءاً مما كتبه الحيدري في مقدمة الكتاب: " هذه قصائد نظمتها لكم قديماً وحديثاً. أما قديمها وهو النذر واليسير فقد نشرته في مجلة الطفل وما كاد يظهر حتى تهافت عليه نخبة من كبار الأساتذة المؤلفين، ودونوا مختارات منه في مؤلفاتهم فسرني اختيارهم كثيراً إذ دلني على أنني كنت موفقاً في إرضاء ميولكم اللطيفة وأمانيكم الطيبة.

ولا تظنوا كتابي هذا محفوظات فقط، بل هو إلى ذلك كتاب مطالعة شائقة تبعث قراءته في نفوسكم الذوق الشعري الجميل وتربي فيها ملكة الإنشاء كما تربيها مطالعة القصص والكتب النثرية على أن مكتبتكم اليوم أشد حاجة إلى الكتب الشعرية من غيرها لقلة من ينظم الشعر لكم خاصة".

وبالفعل .. عندما نعود إلى حديقة الحيدري نقع على عدة قصائد يمكننا أن نعدها نماذج بارزة تحتذي فيما يجب أن يكون عليه شعر الأطفال على الدوام، حيث الموضوع الطفولى واللمسة العذبة الساخرة أو القائمة على المفارقة المدهشة واللغة السهلة.
كما في العصفور والطفل( ):
أماناً أيها الطفل .. ودع ما يفعل النذل
أخي لا تمش كالوحش .. تمد الكف للبطش
بأفراخي وبالعش
فعيشي بعد لا يحلو .. فرفقا أيها الطفل
تصور حزن أهليكا .. إذا أخفاك مخفيكا
فإن الأم تبكيكا
وعنك الدهر لا تسلو .. فعطفا أيها الطفل
وللحيدري قصيدة بديعة أخرى بعنوان (الخريف) تظهر فيها كل الخصائص المتعلقة بقصيدة الطفل المتميزة ( ):

الصيف ولى وأتى الخريف .. وجوه المعتدل اللطيف
وجاء غيم وافر كثيف كأنه قطن سما أو صوف
أو غنم في أفقنا تطوف

أهلا بفصل نفعه منيف .. قد فتحت فيه لنا الصفوف
وأقبل المعلم الألوف .. يرشدنا ورشده معروف

كم سر قلبي حادث طريف .. في الصف والصف به مشغوف
من ذاك أن قام فتى عنيف .. يصيح تيها (إنني العريف)
إني من أطاعني رؤوف .. ومن عصاني فله توقيف

فنادت الطلاب يا لطيف!
وفي الخريف طابت القطوف .. ثم ابتلت أشجارها الصروف
آه .. فأين الورق الطريف .. وأين؟ أين الظل الرفيف

لم يبق إلا النادر الطفيف
وإنما خطا فينا العفيف .. والقبر التي حواها الريف
هذي ومن أمثالها صنوف .. قد هاجرت الأنا لها مخوف
إلى اللقا .. أيها الضيوف!
ومما له أهمية خاصة عند الحيدري اهتمامه بالشعر المكتوب لأطفال الروضة أو الأطفال في مرحلة ما قبل القراءة والكتابة كما في (حسابي) التي تجمع بين المعلومة الحسابية البسيطة والإيقاع الراقص المحبب، "فهو يلفتهم إلى الأعداد العشرة ويعرفهم بها بمثل هذه المقطوعة الشعرية" ( ):

أعد في مكانيه .. درا همي في ثانية
أقول قرش واحد .. واثنان بعض ماليه
ثلاثة أربعة .. إن قروشي وافيه
وخمسة فستة .. فسبعة ثمانية
فتسعة .. عشرة  .. أحصيتها علانية

ثم كانت دعوة أحمد سويلم بعالم الطفل والطفولة، بما حفز عدداً كبيراً من شعرائنا للتوجه إلى كتابة الشعر للأطفال، وأطلت الدعوة رأسها من جديد عام 1984م، وتمثلت هذه المرة في دعوة الشاعر أحمد سويلم – من خلال كتابه "أطفالنا في عيون الشعراء" -  لزحف جماعي من الشعراء لكتابة شعر الأطفال، لكي يظل وجه الحضارة العربية مشرقاً في لغة عربية سليمة، وفي طفل سوف يحكم العالم لا محالة.

وبالإضافة إلى هذا فإن سويلم دعا أصدقاءه الشعراء لعمل (ديوان الطفل العربي). وبالفعل بدأت مسيرة الشعر العربي للأطفال تخطو خطوات واسعة في الاتجاه الصحيح، يدعمها اتجاه بعض دور النشر العربية للتخصص في مجال نشر أدب الأطفال. ويساندها رصد بعض المؤسسات الثقافية الكبرى لجوائز في أدب الأطفال مثل مؤسسة الملك فيصل الخيرية في المملكة العربية السعودية، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر، وغيرها في العالم العربي. ويؤيدها حصول بعض أدبائنا الذين كتبوا للأطفال على بعض هذه الجوائز رفيعة المستوى، كما هو الحال كتاب أدب الطفل العربي – دراسات وبحوث للدكتور حسن شحاته الحائز على جائزة الدولة التشجيعية بمصر 1991م.

أهمية الشعر الخاص بالأطفال:
الشاعر الجيد ينتج شعراً جيداً يساعد على بناء الإنسان نفساً وروحاً وعقلاً، فالشعر يعبر عن الإنسان وعواطفه وأحاسيسه ومشاعره وحياته وبيئته ومجتمعه وقيمه وعاداته وتقاليده وأخلاقه ودينه.

ولهذا فهو يحقق لمستمعه المتعة والإشباع من خلال إلقائه، فاللغة هي أداة الشاعر ليعبر بها ويصور تجاربه الشخصية وتجارب الآخرين وأحاسيسهم؛ ليحدث من خلالها نوعاً من المشاركة الوجدانية والتأثير العاطفي والإمتاع العقلي.

والمعيار الديني والأخلاقي والاجتماعي لا ينفصل عن المعايير الفنية، فالشعر يعبر عن حضارة الإنسان، والحضارة التي لا تقوم على قيم دينية وأخلاقية هي حضارة عرجاء تحكم على نفسها بالانهيار.

إن الموقف والرؤية والأداة في الشعر العام أو شعر الكبار، يجب أن تتعدل بصورة ما لتتلائم مع الأطفال، فتقدم لهم شعراً يحمل موقفاً ورؤية بأدواتٍ شعرية راقية، وفي الوقت نفسه يكون مفهوماً وممتعاً، بما فيه من موسيقى وإيقاع وصور شعرية تخاطب الوجدان، وتثير في النفس أحاسيس الفن والجمال. وهو أقرب ألوان الأدب إلى طبيعة الذوق لأثره على انفعال الوجدان. وللأطفال في طبيعتهم استعداد فطري للتغني، ولهذا فإن نماذج الشعر الجيد تكون ذات شأن كبير في هذا المجال، لا نفرق بين الأغنية والنشيد ما دام الطفل يقبل عليها نتيجة حبه الغريزي للنغم، والموسيقى المتوفرة في كليهما؛ ولذلك نقول: أن نشيد الطفل وأغنيته عبارة عن موضوع أو فكرة لها هدف، تمثل صورة من صور الإبداع التعبيري الفني تصاغ بأسلوب لغوي، له دليل على أن الموسيقى أقوى عناصر التأثير في الشعر.

الأطفال بطبيعتهم يميلون إلى سماع الموسيقى، وينامون في هدوء واستسلام وسلام على غناء أمهاتهم، ويطربون للأغاني، لكونها تثير مشاعرهم وتحرك أحاسيسهم، فيندفعون إلى الرقص باعتبارها مصدر سرورهم ومبعث فرحتهم.

والطفل قبل أن يتعلم القراءة والكتابة يستطيع أن يحفظ بعض الأناشيد والأغاني الملائمة لعمره ويستطيع المربي أن يعوِّد الطفل على النطق السليم وحسن الإلقاء وجودة الأداء، إن هو ردد على مسامعه بعض الأناشيد، وطلب منه إعادتها وتمثيل معانيها.

ويمكن أن تكون الأغنية والنشيد عاملاً مهماً في تكوين الطفل اجتماعياً إذا ما تم اختيارهما بعناية من جانب المعلمة وتم إلقاؤهما بطريقة تربوية سليمة.
ويمكن أيضاً للنشيد والأغنية أن يلقيا الضوء على الأحداث اليومية العادية، ويعمقانها ويتناولانها بطريقة جديدة، وذلك لأنهما لا يعكسان الحياة فحسب، ولكنهما فوق ذلك يظهرانها في أبعاد جديدة، ولأنهما لا يقتصران على الموسيقى والعاطفة فقط، بل ينتقلان منها إلى القيام بالعديد من الوظائف في حياة الطفل، فهما يمتعان ويسعدان ويثيران وجدانه ويساعدانه على تكوين اتجاهات سوية تساعده على النمو السليم والمتكامل.

ويقول أحد الباحثين "لعله من الصعب بمكان أن نحصي الكم الهائل ومدى النفع العميم الذي اكتسبناه من خلال الأغنية البسيطة، فكم من أخلاق تغرسها فينا، الصبر والأدب، واحترام الفقراء والكبار، والإحسان إلى الحيوان، وحب الطبيعة، وبغض التسلط والقوة الغاشمة، وغيرها من الخصال والسجايا الحميدة التي غرست في قلوب الأطفال" ( ).

فالشعر هنا يجب أن يراعي خصائص الطفولة، ويتدرج بها إلى الكمال؛ وذلك عن طريق إشباع احتياجاتهم في إطار المثل والقيم والنماذج والانطباعات السليمة، التي تسهم في تنشئتهم وتربيتهم تربية متكاملة ومن أهم أهداف شعر الطفولة أنه:
1- يبعث في النفس البشرية السرور والبهجة.
2- يكشف عن مواهب الأطفال ومواطن الإبداع لديهم مثل الصوت المعبر الجميل وفن الإلقاء وموهبة تأليف الشعر وموهبة التلحين.
3- يعتبر وسيلة من وسائل التعليم، بما يحتويه من مضامين أخلاقية ووطنية ودينية واجتماعية.
4- يخلص الطفل من الخجل والانطواء والتردد والانفعالات الضارة.
5- يلهم الروح الوطنية ويثير الحماس في النفس الإنسانية.
6- يسهم في تجويد عملية النطق ويهذب السمع ويحسن الإصغاء والأغاني على أنواع، فمن حيث الأداء فهناك الفردية، والجماعية ثم الفردية الجماعية، ومن حيث المضمون: فهناك الأغاني الدينية، والوطنية الشعبية، الترفيهية.
7- يزودهم بالحقائق والمعلومات في مختلف المجالات.
8- يمدهم بالألفاظ والتراكيب التي تنمي ثروتهم اللغوية.
9- يساعدهم على استخدام اللغة استخداماً سليماً.
10- ينمي لديهم الجوانب الوجدانية والمشاعر والأحاسيس.
11- يغرس في نفوسهم القيم التربوية والقيم الدينية والمبادئ الخلقية.
12- ينمى لديهم الميول الأدبية والقرائية وتذوق الجمال اللغوي.
13- يشبع حاجاتهم النفسية المتعددة.
14- يعودهم دقة الفهم، واستخلاص المعاني، والدقة في التفكير.
15- ينمي خيال الأطفال ويوقظ مشاعرهم.
16- يحرر الطفل من عبودية العادات والتقاليد السيئة.
17- يوفر أسباب الترويح والنمو العقلي والنفسي والوجداني السليم له.
18- يشغل وقت فراغ الطفل.
19- يعبر عن احتياجات الطفل.
20- يراعي خصائص الطفولة.
21- يساهم في تهيئة الفرص المواتية لمعرفة نفسه والبيئة التي يعيش بها.
22- يقدم مجموعة من الخبرات.
23- يصوغ خيال وعقل الطفل.
24- ينمي إحساس الطفل وزيادة وعيه بالماضي.
25- يثقف الطفل بالموضوعات المختلفة في شتى نواحي الحياة.
26- ينمي الحس الخلقي والعاطفة الدينية والوطنية. ( )
خصائص الشعر المقدم للأطفال:
يختلف شعر الأطفال عن شعر الكبار في عدة أمور:
- الصورة الشعرية الجميلة المأخوذة من واقع الطفل وحياته المستمدة من أحلامه.
- بساطة الفكرة التي يدور حولها شعر الأطفال، وأن تكون هذه الفكرة ذات مغزى أو هدف تربوي كأن تكون فكرة خيرة.
- المعاني التي تشتمل عليها معان حسية يستطيع الطفل إدراكها، لا أن تكون مجردة يستعصى فهمها على الطفل.
- لغته بسيطة خالية من المفردات غير المألوفة، وأن تكون الكلمات المستعملة من معجم الأطفال، وأن تناسب الأفكار، ويمكن أن تحاكى الأصوات كأن تردد أصوات طيور أو حيوانات، وكذلك تتضمن القصيدة سرعة الحركة والإيقاع القصير الخفيف الرشيق.
- يعالج الأحداث اليومية، ويتناول الحيوانات والطقس وفصول السنة.
- يتناول الفكاهة والمتعة في القصة المسلية للصغار، وفي أواخر المرحلة الابتدائية، يتناول الحكمة والعجائب والسحر والمغامرات.

والمهم أن يحس الأطفال الشعر وأن يتذوقوه، فالكلمة لها معناها المعجمي والظلالى، والموسيقى مطلب أساسي لإحداث الإيقاع، والشعر يدخل البهجة والفرحة على الأطفال، ويكشف عن طريق جديد لتعرف العالم والإحساس به، وينال إعجاب الأطفال، وأن تكون لغته شاعرة، وموضوعه له هدف ومغزى للأطفال.
غير أنه لا مجال في شعر الأطفال للمثيرات الحادة كالهوى المشبوب والرثاء، والهجاء، والأسى والحزن، والقسوة، أو الحنين إلى الوطن، والمجازات والكنايات، والإشارات الضمنية الغامضة" ( ).

أنواع الشعر عند العرب
ينقسم الشعر عند الأمم إلى أنواع متعددة، سنذكرها وسنرى ما عند العرب منها والنوع الذي أقلوا فيه أو أكثروا.

1- الشعر التعليمي:
وهو تصوير الحقائق والمعارف والعلوم المختلفة وتحويلها إلى لوحات نابضة بالحياة. ويعتبر قسماً من أقسام الشعر الكبرى، وهو الشعر الذي من خلاله يتم عرض علم من العلوم ويخلو من عنصري العاطفة والخيال. ويسمى عند العرب بالنظم.
وهناك أمثلة كثيرة لهذا الشعر منها قصيدة الشاعر اليوناني القديم (هيريودوس) المسماة " الأعمال والأيام" وفيها يتحدث حديثاً شعرياً رائعاً عن مواسم الزراعة وأنواع المحاصيل.
ثم قصيدة (طبائع الأشياء) للشاعر الروماني الكبير (لوكرشيوس). وهي من القصائد التي استطاع كاتبها أن يحول فيها التفكير الفلسفي إلى شعر.
وقد عرفه العرب في العصر العباسي في وقت متقدم، عند ترجمتهم لكتب أفلاطون وأرسطو وكتاب كليلة ودمنة.
وقد ازدهر هذا النوع من الشعر في تراثنا العربي، وقد صيغت كثير من قواعد العلوم بأسلوب شعري، يسهل معه حفظها، وضبط أقسامها، وأنواعها. فهنالك منظومات في الفقه وأصوله، والنحو والصرف والعقيدة، بل تعداها إلى علم الفلك والكيمياء ... وغيرها. ومن أمثلة المنظومات في شعرنا العربي (ألفية ابن مالك).

مميزات هذا النوع من الشعر: ينمي وعي الطفل، وجعله فعالاً ومشاركاً ومفكراً، ويعلمه من العادات والتقاليد والقيم والأخلاق والدين، والسلوك الذي يفيد منه أطفالنا، إذا ما أحسن توجيهه الوجهة الصحيحة. وقد استثمر كثير من شعرائنا هذا النوع من الشعر في توجيه سلوك أطفالنا، وتعليمهم الكثير من العادات الحسنة، والسلوك الحميد الذي يعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع كله.

فالشاعر يوسف العظم يحدثنا بلسان الطفل المهتم بالنظام والأدب والخلق الحميد( ):
أنا طفل مرتب       وسلوكي محبب
وثيابـي نظيفة       وكلامي مهذب
أنا يا قوم مسلم
أنا لا أقذف الحجر   وبـه أقتل الـطيور
أنا لا أقطع الشجر    أنا لا أسحق الزهور
أنا يا قوم مسلم

وهذا شاعر آخر يقدم النصح لأطفالنا ويعلمهم كيف يتعاملون مع الإشارات الضوئية المرورية في شوارع المدينة كي يجنبهم حوادث الطرق( ):
آداب السير محببة
ولنا في الشارع أنظمةٌ
ضوء أخضر يعني .. امشِ
ضوء أحمر.. قف لا تمشِ

ويحذر الشاعر مصطفى عكرمة أطفالنا من السير وسط الطريق أو في أماكن سير المركبات كي نجنبهم حوادث الطرق، وخطر يهدد كثيراً من أطفالنا يومياً( ):
درب السيارات خطير
أبداً لست عليه أسير
تسرع فيه السيارات
كم جاءت منه مأساة
أبْعُدُ دوماً عنه
أُبْعِدُ كل صديق منه

وقد يكون الطفل تلميذ ونجار،  يجمع بين العلم والحرفة، ولا عار في ذلك.  والشاعر الهراوي يبدع في بيان قيمة الجمع بين العلم والحرفة معاً حين يقول على لسان الطفل المحترف( ):

أنـا في الصبح تلميذ       وبـعد الظهر نجار
فلـي قـلم وقرطاس       وإزمـيل ومنـشار
وعلمي إن يكن شرفاً       فما في مهنتي عار
فللـعلـماء مـرتبة       وللـصناع مقـدار
2- الشعر القصصي أو (الملحمي):
الملحمة هي قصة طويلة في لوحات متعددة قد تقوم كل لوحة منها بذاتها، ولكنها تتكامل في النهاية.
وقد وجد هذا الشعر عندما مات آلاف الضحايا بفعل الحروب والجيوش. ويدخل فيها الأسطورة - برز بصورة خاصة في العهد اليوناني-  ففي الأدب الأوروبي يبرز هذا النوع من الشعر الملحمي الذي كتبت به ملاحم البطولة الأولى مثل (الإلياذة والأوديسة) للشاعر اليوناني هوميروس. وهناك قول بأنها لعدد كبير من الشعراء، ولكن هوميروس جمع تلك الأشعار حيث كان ينشدها في جولاته على المدن اليونانية.

وهناك (الإنيادة) لفرجيل شاعر الرومان وهناك (الشاهنامة) للشاعر الفارسي الفردوسي وهناك أيضاً (المهباراتا)، و(الرامايانا) عند الهنود القدماء. وتعتبر ملحمة (المهباراتا) أقدم ملحمة عرفها الإنسان.

أما في أدبنا وتراثنا العربي فليس لدينا ملاحم على النحو الذي رأيناه عند الأمم الأخرى، ويرجع ذلك؛ إلى أن الوزن الشعري في الشعر العربي أكثر انضباطا.ً كما أن ميل العرب إلى الإيجاز، يحول دون قبولهم إلى الإطالة الشديدة التي تقتضيها تلك الملاحم. وإن ظهرت بعض تلك الملاحم في القرون الوسطى باللغة الدارجة؛ لإعجابه بالبطولة ولحاجته لها. مثل سيف بن ذي يزن، وأبي زيد الهلالي.
أما في العصر الحديث فهناك محاولات من بعض الشعراء لنظم ملحمة ومثال ذلك، (فتاة الجبل الأسود) لخليل مطران، و(الإلياذة الإسلامية) لأحمد محرم، وهي عن سيرة الرسول  وجهاده وصحابته الكرام رضي الله عنهم.
وملحمة جلجامش التي كتبها الشاعر العراقي كريم العراقي. وفيها يندمج الطفل أو المشاهد الكبير في الشعر وعالمه، ويتمثل نفسه مكان البطل أو إحدى الشخصيات إلى حد ينسى فيه نفسه تمام النسيان.
فالطفل أو المشاهد يفكر في اللوحات المعروضة وقد يشارك الممثلين أمامه في المعنى الذي يقدمونه. فهو ليس مشاهد فقط. بل مشاهد وفعال ومشارك.

مميزات الشعر القصصي (الملحمي):
1- يدمج الطفل في لوحاته ويجعله فعال ومشارك.
2- يرفض مبدأ الحتمية، بل قابل للتغير والتعديل.
3- شخصياته بسيطة ويهتم بالعلاقات الاجتماعية.
4- كسر تطور الأحداث.

ويجب أن ننتبه إلى أن هذا النوع من الشعر هو أنسب وأكثر جذباً للكبار منه للصغار. إذ يختلف شعر الأطفال القصصي عن الشعر القصصي للكبار والذي تحدثنا عنه من قبل.

فقد جمع الشعر القصصي للأطفال بين أسلوب القصة وبين غنائية الشعر، واقتضى ذلك أن يحافظ على سماته الغنائية، إضافة إلى سمات الشعر القصصي من الارتباط الموضوعي، والتسلسل الحدثي، وعقدة الموقف، ونهاية الأزمة، وهكذا تبدو عملية الإنتاج الفني في الشعر القصصي معقدة مركبة، إذ غالباً ما تأتي العبرة في القصة الشعرية في الأبيات الأخيرة، وتكون الفكرة فيها مركزة مكثفة، ولعل بعض الشعراء، انفردوا بقدرتهم الفائقة في هذا المجال عن غيرهم " ويكاد يكون شوقي والهراوي وكامل الكيلاني في طليعة رواد هذا الشعر. ومن الملاحظ أن هذا النوع يتركز في مجال القصص على لسان الحيوان ثم في المجالات التاريخية والاجتماعية وغيرها"( ).

كتب أحمد شوقي مجموعة من القصص الشعرية من مثل: "اليمامة والصياد" ( ):
يمامة كـانت بـأعلى الشجرة      آمـنة فـي عـشها مستتره
فـأقـبل الصـياد ذات يـوم      وحام حول الروض أيَّ حَوْم
فـلم يـجد للـطير فيه ظـلا      وهـم بـالرحيل حين مـلا
فـبرزت مـن عشها الحمقاءُ      والحمق داء مـا لـه دواء
تقول جـهلاً بـالذي سيحدث       يـا أيـها الإنسان عم تبحث
فالتفت الصياد صوب الصوت      ونحوه سـدد سهم المـوت
فـسقطت مـن عشها المكين      ووقعت فـي قبـضة السكين
تـقول قـول عـارف محقق     ملكت نفسي لو ملكت منطقي

وهي قصة شعرية هادفة يتركز معناها في الشطر الأخير من البيت الأخير، ويذكر بالمثل القائل:" إن البلاء موكل بالمنطق" ( ).


3- الشعر التمثيلي أو الدرامي أو المسرحي:
ظهر عند قدماء اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث يحاكي الشعر بالتمثيل، وهو الشعر الذي يستخدم في الحوار المسرحي بدلاً من النثر أو ما يقال عنه الشعر الدرامي. ولفظة دراما مشتقة من الفعل اليوناني (Drao) ومعناه (يعمل أو يتحرك). وبذلك يكون المعنى الحرفي الاشتقاقي لاصطلاح الشعر الدرامي هو الشعر الحركي أي الشعر الذي يكتب به الحوار، الذي يلقي مصطحباً بالحركة التمثيلية على المسرح.
وقد ظهر كما سبق في محور المسرحية القديمة لدى اليونان والرومان ثم ظهر في الآداب الأوروبية في القرن التاسع عشر.
ومن أنواع التمثيل (الدراما): التراجيديا (المأساة) إذ تنتمي دائماً بنهاية محزنة للبطل أو سقوطه، وهدفها إثارة عاطفتي الخوف والشفقة.
الكوميديا (الملهاة): وهي التي تستهدف إثارة الضحك والسخرية كسلاح نقدي اجتماعي فعال. وغيرها من تراجكوميدي وميلودراما، والفودوفيل، والأوبرا، والأوبريت ...

ومن شعراء العرب الذين كتبوا في هذا اللون من الشعر، أمير الشعراء أحمد شوقي، حيث كتب مسرحية "على بك الكبير" عام 1888م، وجاء بعدها مصرع كيلوباترا، وعنترة، ومجنون ليلي، وأميرة الأندلس.
وكان أسلوب شوقي أسلوباً أدبياً راقياً. وممن برز أيضاً في هذا النوع من الشعر عزيز أباظة الذي ألف عدد من المسرحيات الشعرية ، استمد موضوعاتها من التاريخ الإسلامي منها (العباسية) و(عبد الرحمن الناصر) و(غروب الأندلس) ومسرحية اجتماعية وهي (أوراق الخريف).

والشعر الدرامي التمثيلي الذي يناسب الطفل هو الذي يقدم بأسلوب كوميدي ضاحك، أو رمزي عن طريق الحيوانات وكل شخصية ترمز لشيء، مثل الأسد للقوة، الثعلب للمكر والخديعة، وطير البوم للحكمة، والكلب للوفاء والإخلاص. فهناك ارتباط وثيق بين اللعب والتمثيل.

 والفرق بين القصة والمسرحية يبدو في أن المسرحية تكتب لتمثل لا لتقرأ فقط، كما هو شأن القصة، وأوضح ما يميز الشعر المسرحي عن القصة، وجود مسرح وممثلين وجمهور، إضافة إلى عوامل الإيهام المسرحي التي تتفاعل مع خيال الطفل الإيهامي، وموقفه الاندماجي، وحالات التعاطف الدرامي، لتصل بالطفل إلى قمة المتعة، والتأثر، والانفعال، إذا أحسن الربط بينهما وروعيت الخصائص الفنية المختلفة. وتبدو قيمة المسرحية في مقابلة القصة، أن القصة تنقل الطفل إلى عالم الخيال، بينما تنقل المسرحية عالم الخيال إلى الطفل، مجسماً حاضراً أمام عينه على خشبة المسرح نابضاً بالحركة والحوار والحياة، وتكسبه المناظر الخلفية والديكورات مزيداً من السحر والجاذبية"( ).

خصائص مسرح الأطفال:
- التلاؤم مع حاجات ومقدرات الأطفال في كل مرحلة، وأن تكون المسرحية من ضمن عالم الطفل وتصوراته واهتماماته.
- وضوح الحدث الرئيس وأن تكون العقدة واحدة.
- توازي مراحل المسرحية فلا إطناب فيما لا يلزم أو الإيجاز إلى درجة تخل بالمعنى، أو لا تمكن الطفل من ملاحقة الأفكار والاستمتاع والتعاطف.
- أن يكون النص المسرحي نابضاً بالحياة، مثيراً لخيال الطفل وتفكيره، يمزج بين الجد والفكاهة.
- أن تراعي قدرات الأطفال على التركيز والانتباه، فصبرهم قصير، وهذا يقتضى أن تنطوي المسرحية على مواقف مثيرة أو مفاجئة؛ لتشكل أدوات شد وجذب للطفل المشاهد.
- استثمار حب الأطفال للطبيعة والحياة لتنمية حبهم للعلم والإنسانية، وازدرائهم لكل الأفكار التي لا تريد للإنسانية السلام، والرفاه، والسعادة.
- مراعاة أبعاد الزمان والمكان في المسرحيات التاريخية وما يرتبط بتلك الأبعاد من ظروف ومعتقدات.
- انتقاء عناصر كفوءة على مستوى المخرجين والمنفذين والممثلين؛ لأن النص يقوى بهذه العناصر. وأن يتقن الفنيون القدرة على شد انتباه، واهتمام الطفل من خلال استخدام الإنارة، والرسوم، والأغاني، والأصوات، لإيجاد عالم جديد ساحر جذاب، وأن يكون الديكور المسرحي مريحاً ذا تراكيب بسيطة، وألوان زاهية متوازنة.
- أن يتحقق انتصار الخير على الشر منسجماً مع التصور الإسلامي للكون والحياة، وعدم المبالغة في إظهار الأشرار بأشكال منفرة مخافة أن يتصور خطأ أن الشرير يرتبط وجوده بالمظهر الخارجي( ).

أنواع مسرح الأطفال:
أ‌- المسرح الخاص بالأطفال: نتيجة اهتمام عدد من الدول بمسرحية الأطفال، فقد خصصت للأطفال مسارح خاصة بهم، وتنافست البلدان المتحضرة على مستوى الدول، والأفراد في ابتكار ألوان منها؛ لجذب الأطفال وتثقيفهم، وصقل مواهبهم وتربية مشاعرهم واستثارة وجداناتهم، وتدريبهم على التذوق الفني. كما أنشئت عدة مسارح خاصة للأطفال في مصر، والكويت، والإمارات، والعراق وغيرها( ).
ب‌- مسرح الأطفال المدرسي: يعتبر المسرح المدرسي من أهم وسائل التربية لما يتيحه للطفل من الفرص الثمينة؛ للتعبير عن النفس، واكتساب الخبرات، والمهارات اللغوية، والاجتماعية، في جو تسوده روح التعاون والألفة والمحبة، فضلاً عن مساهمته في حماية أبنائنا من الغزو الثقافي( )، مع ملاحظة أن لكل مرحلة عمرية نصها اللغوي المناسب والهدف المحدد بوضوح.

ومن أسماء المسرحيات المدرسية ما يمكن تقديمه مثالاً على ذلك للأطفال:
 للأستاذ عبد التواب يوسف: ولد الهدى، طلع البدر، الفتح المبين، مسرحية الأمير. وللدكتور محمد محمود رضوان: مسرحيات إسلامية لمسرح الطفل. وللأستاذ يوسف محجوب: عمر والعجوز، فتح مصر، بلال، مولد الرسول – مرزوق هلال. وللشاعر محمد الهيراوي: خمس مسرحيات، منها ثلاث مسرحيات نثرية واثنتان شعريتان.

كما قدم الأستاذ عبد التواب يوسف ما يزيد عن عشرين مسرحية للأطفال مأخوذة من المسرح العالمي، وأغلبها من الحكايات التراثية ومن بينها أعمال من ألف ليلة وليلة، على بابا، ابن علاء الدين، الحصان الطائر( ).

مسرحية " خذني إلى الوطن" لعادل أديب آغا.
فكرة المسرحية: الفتى مهيار يبحث عن وسيلة يستطيع بها العودة لوطنه. فيعثر على مارد مصاب بجراح يطلب إليه مداواته، فيسأله ماذا يستطيع أن يقدم له لقاء هذه؟ فيعده بكل ثمين وغال، ولكنه بعد أن يعالج المارد ويشفى، يطلب إلى المارد أن يعيده إلى الوطن، باعتبار هذه الأمنية أغلى ما يكون لديه. فيعيده المارد إلى الوطن وينقله إليه.

لقد قسم الشاعر المسرح إلى زاويتين: تضاء الأولى عندما يتحدث الأطفال والوردة، ثم تضاء الثانية عندما يتحدث مهيار مع المارد وتتم المتابعة للمشهد على صورة رائعة جذابة، وكأنما تبدو لنا مسرحية داخل مسرحية، فيها من التجديد عمق التجربة الفنية التي استطاع الشاعر استيعابها والتعبير عنها بوعي ومهارة، فبينما يدور الحديث بين المارد ومهيار في جانب، نشاهد الأطفال والوردة في جانب المسرح الآخر يسمعون.

مهيار لو أنني استطعت يا مولاي أن أبرئ الجراح
وأن أخفف الآلام
عن صدر سيدي الهُمَام
ماذا ترى تمنحني؟

المارد العفو والسلام
وكل ما تطلبه يجاب
لو كان في أعالي السحاب

وبينما نشاهد ذلك، تخفت الإضاءة، حيث مهيار مع المارد وتتركز على الجانب الأيمن للمسرح، حيث الأطفال والوردة.

الوردة أريد أن أسألكم يا أيها الصغار
من منكم يحزر ما يطلبه مهيار
لقاء أن يُبْرِئ جرح المارد الجبار

طفل زمرد وعاج
وكل ما يحتاج

الوردة وأنت يا جميل
هيا وما تقول

جميل طائرة كبيرة قوية
أكبر من برية

وفي نهاية الحوار عندما ينتهي المشهد تقول الوردة:
بل اسمعوا مهيار
وهنا يضاء القسم الأيسر، حيث مهيار مع المارد وتتابع الوردة قائلة:
فها هو انتهى
هيا انظروا للمارد الجبار
محقق المنى

المارد الآن يا مهيار
اطلب تُجَبْ واختر

مهيار يا سيد البرين والبحرين
أريد شيئاً آخر

المارد يكون
لو شئت يا صديقي العظيم يا حنون
أجلبُ الجبال .. والسحاب .. والجنون
وأسبق الزمن

مهيار خذني إلى الوطن
خذني إلى الوطن
أريد أن أعود للوطن

المارد هيا إلى الوطن
هيا إلى الوطن

وتنتهي المسرحية. غير أن ما يستدعي الوقوف عنده في هذه المسرحية هو شخصية المارد فهو ملمح خيالي خرافي أراد به الشاعر دغدغة عواطف، ومشاعر الأطفال، لما يميلون إليه من تتبع هذا اللون من الخيال في قصص المغامرات والبطولات، إلا أن الخيال هنا وشخصية المارد أضفت على قيمة حب الوطن والتعلق به، نزعة سلبية غير مطلوبة، إذ ابتعدت في نظرتها للعودة إلى الوطن عن اعتماد أسباب الكفاح، والعمل، والجهاد؛ لتحقيق الغايات النبيلة، وهو ما ينبغي الاهتمام به، والتأكيد عليه عند الحديث عن تحقق الأفكار والغايات السامية التي لا بد من بذل الجهد بشأنها، واحتمال التبعات، والصعوبات حتى تتحقق، لينشأ الطفل على التعامل مع الأسباب، والنتائج بصورة إيجابية تنمي عقله، وتزيد في خبراته، وتعمق تجربته. وتجعل للوطن معنىً اجتماعياً إنسانياً أكثر منه معنىً فردياً كما هو عند مهيار( ).
ج- مسرح العرائس والدمى: وهو لون فني له خصائصه، ويعتمد على النواحي البصرية، وهو خارج نطاق هذه الدراسة.


4- الشعر الغنائي أو الوجداني:
 وهو الاتجاه السائد في الشعر العربي منذ العصر الجاهلي وإلى يومنا هذا ومن أغراضه، مثل: الغزل، والمديح، والرثاء، والهجاء، والوصف، والحكمة، والعتاب، والاعتذار، والفخر. والشعر الوجداني قادر على وصف أدق الأحوال النفسية للشاعر الذي يخلص في إبداعه.

هناك إشارات تشير إلى أن بداية الشعر الغنائي أو الوجداني لدى العرب كان شعراً يُتغنى به في مواقع عديدة. كما كان في الجاهلية في العبادة والعمل والسفر، فهناك ما يسمى (النصب) إشارة إلى التغني بالشعر فوق الأنصاب، والهزج الذي كان نوعاً من التغني بالشعر الذي يصاحب السير الهادئ للناقة، فإذا أسندت الناقة أي عدت عدواً سريعاً تحول الهزج إلى ما يسمونه بالسناد، أي السريع. وتطور هذا النوع من الشعر، قبل أن تختفي ظاهرة التغني بالشعر لتحل محلها ظاهرة الإنشاد، ثم ظاهرة الإلقاء ثم ظاهرة القراءة العادية، والتي وصلت بالنهاية إلى القراءة الصامتة في الدواوين.

إذاً الشعر الغنائي أو الوجداني هو تصوير لوجدان الشاعر وتصوير لانطباعاته التي تنعكس من عواطفه ومشاعره وتخيلاته وتجاربه الذاتية.

إن علاقة الطفل بالشعر تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة وربما من مرحلة المهد، حيث يستجيب الطفل للإيقاعات المنظمة المتمثلة بدقات قلب الأم التي يستمع إليها عندما يكون محمولاً على صدرها فيشعر بالهدوء والسكينة. كما أنه يستجيب إلى الإيقاعات المنظمة المتمثلة في ترانيم محببة ترددها الأم إما طرباً إذا كانت للترقيص وإما استسلاماً لنوم مريح.
ومن أبرز أنواع الشعر الغنائي للأطفال، نجد أغاني المهد والترقيص، القصائد الفلكلورية والشعبية، الأغنية والنشيد .. التي سنذكرها بالتفصيل لاحقاً.

وهناك أنواع مختلفة للشعر المقدّم للأطفال ومنها:
التهاليل: مثل تهاليل من التراث الشعبي مثل "يلا تنام .. يلا تنام" وتهاليل معاصرة مثل "نونه يا نونه" ... وغيرها من الأمثلة، ومن الشعراء الذين كتبوا مثل هذا اللون للأطفال الشاعر على الخليلي والشاعر أبو سعد أحمد.
أغاني ألعاب الأصابع: مثل "حطى زيت يا حجي" وغيرها من الأمثلة، ومن شعراء هذا اللون الشاعر ونيس أسعد.
أغاني ألعاب اجتماعية: مثل "طاق طاق طاقية". ومن شعراءها علي الخليلي.
أغاني ألعاب تعليمية: مثل "أغاني تعليم الحساب .. وأشعار الألف والباء"
أغاني ترفيهية: مثل "خدي كالورد" للشاعر فاضل علي ، و"صغار ولكن" للشاعر سليمان جبران.
أغاني وطنية: مثل قصيدة "فلسطين داري" لسليمان العيسى.
أناشيد دينية: مثل "أغاريد وأناشيد" للشاعر يوسف العظم.
الشعر الوصفي: مثل "أشعار الوقت" لكامل كيلاني ، و"دوران خروفي" و"كناغر".
القصة الشعرية: مثل: "عصفورة ذكية" و "أنا لست شقياً" و"الصرصور والعصفور" وغيرها.



القصة الشعرية:
لون أدبي هادف يكتبه الكبار في نمطين هما: القصة الشعرية والقصة الشعرية الخرافية، والأخيرة يدخل فيها الحيوان والطير والجماد في نسجها الشعري المنظوم، وأدبنا العربي خالٍ من القصة الملحمية المقدمة للطفل، لذلك تقف عند القصة الشعرية الغنائية للأطفال.

نموذج للقصة الشعرية للأطفال الفتيان: قصة "الوطن" وهي من ديوان "أغنيات للوطن" الذي صدر عام 1984م، للشاعر محمد الظاهر في الأردن، يقول فيها( ):
حديقة صغيرة        وساحة دار
أهـل صديق        طيِّب وجار
حقل من الأعشاب والورد والأشجار
شمس أليـفة  تطل عند مطلع النهار
شعب من الأحرار والثوار
دم وبندقية وراية انتصار
وموسم من السلام  والأمان  والرخاء والفخار
هذا هو الوطن، هذا هو الوطن أحبتي الصغار

فقد لجأ الشاعر في هذه القصيدة إلى أسلوب القص الشعري المحبب للأطفال، فمزج فيها بين أهم عناصر الوطن الروحية كالأهل والأصدقاء الطيبين والجيران الذين نحبهم، وعناصر الوطن الحسية كالحقول بما فيها من ثمار وأشجار وورود وأزهار، ثم انتقل إلى قضية هذا الوطن المحتل وهذا الشعب الحر المقاوم للاحتلال الذي يقدم دمه وحياته من أجل الحرية وتحقيق السلام القائم على العدل والحرية والأمن والأمان والعزة والرخاء.
وهنا يستخدم الشاعر البندقية المقاومة، والتضحيات الجسيمة، ليعطيها دوراً رائعاً يرد الموت والظلم عن أهله، ووطنه، وهو صامد شجاع، فليس هدف كل ذلك الموت؛ بل إبعاد الموت والاحتلال، أي طلب الحرية والحياة، وهذه قيمة إيجابية صاغها شاعرنا بأسلوب قصصي ينساب شعراً جميلاً يحبه الأطفال، ويغرس فيهم حب الوطن، والأهل، والدار.

أما القصة الشعرية الخرافية فنتاجها ينتمي في الأدب العربي الحديث إلى منتصف القرن الماضي، بترجمة وتعريب عثمان جلال، وأحمد شوقي، ومن تلاهما من المحدثين المعاصرين، وهذا اللون من الأقاصيص الشعرية يكون (رمزاً)، يدخل في نسيج الحكاية الشعرية الخرافية وأشهر من ألف الحكاية الخرافية للفتيان، أمير الشعراء أحمد شوقي، ومثال على ذلك "الكلب والقط والفأر" ( ):
فـأر رأى الـقط علـى الجدار        مُعذَّباً فـي أضيق الحـصار
والكـلبُ فـي حـالتهِ المعهوده        مستجمـعاً للـوثبةِ الموعوده
فـحاول الفأرُ اغتنام الفرصـه       وقال أَكفي القطَّ هذى الُغصَّهْ
لـعـلـه يـكـتبُ بـالأَمـانِ       لي ولأصحابي مـن الجيران
فـسار للـكلب علـى يـديـهِ       ومـكَّنَ الـتراب مـن عينيه
فـاشتغل الـراعي عـن الجدار       ونـزل القـطُّ علـى بِـدار
مبتهـجاً يـفكر فـي ولـيمـه        وفـي فـريسةٍ لـها كريمه
يـجعلـها لـخطـبه عـلامـة        يـذكرُهـا فـيذكرُ السلامهْ
فـجاء ذاك الفأر فـي الأثـناء        وقـال عـاش القطُّ في هناء
رأيت في الشدة مـن إخلاصـي        مـا كان منها سبب الخلاص
وقـد أتـيتُ أطـلبُ الأَمـانـا        فامُننْ بـه لمعشري إحسانـا
فـقـال: حـقاًّ هـذه كـرامـه        غنـيمـةٌ وقبلـها سـلامـه
يكـفيك فخراً يـا كـريم الشِّيمَه        أنـك فـأرُ الخطبِ والوليمه
وانقضَّ في الحال على الضعيف        يـأكله بـالملح والـرغيف
فـقلت في المقام قـولاً شاعـا        ”من حفظ الأعداء يوماً ضاعا"

شعراء لهم إسهامات في أدب الأطفال:

* الشاعر أحمد شوقي:

 هو شاعر الأمة وأمير الشعراء، وقد قدم أحمد شوقي للأطفال بابين في ديوانه هما (باب الحكايات، وديوان الأطفال). وإحقاقاً للحق فقد سبق شوقيَ في هذا المجال، الشاعرُ محمدُ عثمان جلال؛ إلا أنه يعاب على شوقي عدم ذكر تأثره بالشاعر محمد عثمان جلال في هذا المجال. وبالنسبة لشعر شوقي للأطفال فإن قصائده تلك لم تكن بنفس السلاسة والبساطة التي كتب بها محمد عثمان جلال، فهي تتميز بسمات رمزية يصعب على الطفل أحياناً فهمها إلا بواسطة معلم؛ وربما يعود ذلك إلى أن شوقي كان يكتب للأطفال من موقعه كشاعر كبير أوحد، وتأثره بحكايات الشاعر الفرنسي الشهير (لافونتين)( ).
ولقد صاغ شوقي أكثر من خمسين حكاية شعرية للأطفال، تدور أحداثها حول الحيوان، وتجري فيها حوارات بين أفراده، ضمنها الطبعة الأولى من الشوقيات التي صدرت عام 1898م.
يقول في "الهرة والنظافة" ( ):
هرتي جِدٌّ أليفة .. وهي للبيت حليفهْ
هي ما لم تتحركْ .. دميةُ البيت الظريفهْ
فإذا جاءت وراحتْ .. زِيدَ في البيت وصيفهْ
شغلها الفأر تنقِّي .. الرفَّ منه والسقيفهْ
وتقوم الظهرّ والعصْـ .. ـرَ بأدوارٍِ شريفهْ
ومن الأثواب لم تمْـ .. ـلِكْ سوى فَرْوٍ قطيفهْ
كلَّما استوسخََ أو آوى البراغيثَ المطيفهْ
غسلته وكوته .. بأساليب لطيفهْ
وحَّدتْ ما هو كالحمَّـ .. ـام والماء وظيفهْ
صيَّرَتْ ريقتها الصَّابونَ والشاربَ ليفهْ
لا تَمُرَّنَّ على العيـ .. ـن ولا بالأنف جيفهْ
وتعوَّد أن تُلاقي .. حسَنَ الثوبِ نظيفهْ
إنما الثوبُ على الإنْـ ..ـسانِ عنوانُ الصحيفهْ

ويقول في "السفينة والحيوانات" ( ):
لما أتَّم نوحٌ السفينة
وحركتها القدرةُ المعينة
جرى بها مالا جرى ببالِ
فلما تعالى الموجُ كالجبالِ
حتَّى مشى الليثُ مع الحمارِ
وأخذ القطُّ بأيدي الفارِ
واستمع الفيلُ إلى الخنزيرِ
مؤتنساً بصوته النكيرِ
وجلس الهرُّ بجنب الكلبِ
وقبَّل الخروفً نابَ الذئبِ
وعطفَ البازُ على الغزالِ
واجتمع النملُ على الأكَّالِ
وفلَّتْ الفرخةُ صوفَ الثعلبِ
وتيَّمَ ابن عرس حبُّ  الأرانبِ
فذهبت سوابقُ الأحقادِ
وظهر الأحبابُ في الأعادي
حتى إذا حطُّوا بسفح الجودي
وأيقنوا بعودةِ الوجودِ
عادوا إلى ما تقتضيه الشيمة
ورجعوا للحالة القديمة
فقسْ على ذلك أحوال البشر
إن شمل المحذور أو عمَّ الخطر
بينا ترى العالم في جهادِ
إذ كلهم على الزمان العادي

ويقول في "المدرسة" ( ):
أنا المدرسة اجعلني        كـأم .. لا تمل عنـي
ولا تفزع كـمأخوذ       من البيت إلـى السجن
كـأني وجه صـياد      وأنت الطير في الغصن
ولابـد لـك الـيوم   -   وإلا فـغداً  –  منـي
أو استغن عن العقل       إذن عنـي  تستـغنـي
وفي "الوطن" يقول ( ):
عصفورتان في الحجا        ز حـلتا علـى فـنن
في خامـا من الريـا        ض، لا نـد ولا حسن
بيـناهـما  تنتـجـيا        ن سحرا على الغصن
مـر علـى  أيكـهما        ريـح سرى من اليمن
حـيا  وقـال: درتـا        ن  في وعـاء ممتهن!

أما في قصته "الديك والثعلب" ( ) فقد جاء فيها:
برز الثعلب يوماً ... في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهدي ... ويسب الماكرينا
ويقول الحمد لله ... إله العالمينا
يا عباد الله توبوا ... فهو كهف التائبينا
وازهدوا في الطير ... إن العيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديك يؤذن ... لصلاة الصبح فينا
فأتى الديك رسول ... من إمام الناسكينا
عرض الأمر عليه ... وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك عذرا ... يا أضل المهتدينا
بلِّغ الثعلب عني ... عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان ... ممن دخل البطن اللعينا
أنهم قالوا وخير ... القول قول العارفينا
مخطئ من ظن يوما .. أن للثعلب دينا

ومن كتاباته أيضاً: الصياد والعصفور، والبلابل التي رباها البوم، والديك وغيرها الكثير .
لابد من التنويه أن الترجمة كانت مصدراً مهماً لأدب الأطفال في الوطن العربي. فقد ترجم رفاعة الطهطاوي: حكايات الأطفال، وترجم محمد عثمان جلال: العيون اليواقظ في المثال، والمواعظ (حكايات الثعلب والعنب)( ):
حكاية عن ثعلب
قد مر تحت العنب
وشاهد العنقود
لون كلون الذهب
وغيره من جنبه
أسود مثل الرطب

 * الشاعر إبراهيم طوقان:

وقال إبراهيم طوقان سنة 1932 في قصيدة بعنوان (البقة والبرغوث)( ):
البقة :    نحن بنات الخشب              نشرب دم العرب
          نمشي ببطء عجيب            نقرض مثل العقرب
البرغوث:    نحن الذين نقفز           مكاننا معزّز
              بينا ترانا ننحُر           حتى ترانا نزهر
كلاهما:    عشنا على الأبدان           في سالف الزمـان
           لو كان في الإمكان          عشنا على الأوطان
* الشاعر عبد الكريم الكرمي:
هذا الشاعر الفلسطيني المكنى بأبي سلمى والملقب بزيتونة فلسطين، يتغنى ببلاده التي امتلكت فؤاده وجوارحه، فأخذ يناديها بجنة الدنيا في قصيدته المنشورة بديوان "أغاني الأطفال"، حيث يقول( ):
جنة الـدنيا بـلادي          حبها مـلء فؤادي
ريحها في كل وادي          حسنها للعين بادي
جنة الدنيا بلادي
في الضواحي والغياض       في السواقي والحياض
فـي أنيـقات الريـاض      حسـنها للعين بـادي
جنة الدنيا بلادي
فـي انسياب الماء تجري      بين أعشاب وزهر
في الشذا العطري  يسري      حسنها للعين بادي
جنة الدنيا بلادي
في تسابيح الحمائم            في عطيات الغمائم
في رسالات النسائم            حسنها للعين بادي
جنة الدنيا بلادي

* الشاعر محمد منذر لطفي
 وقد كتب الشاعر محمد منذر لطفي في مجموعة سماها" من رأي العمال" يحيي فيها السواعد الفتية على لسان الأطفال الصغار( ):
أنا نجار قديرْ      أصنع الشيءَ الكثيرْ
أصنع الكرسي      والشباك واللوح الكبير
عدتي قاطعةٌ، ثاقبةٌ، مسطرة حديدْ
ومساميرٌ، وألواح من الغاب البعيدْ
عدتي مطرقةٌ تشدو
ومنشار يُعيدْ
إنني أعمل كي أهنأ
بالعيش الرغيد

* معروف الرصافي: من قصيدة بعنوان "منظومة الله" ( ):
أنظر لتلك الشجرة       ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبّة       وكيف صارت شجرة

هذه القصيدة موجّهة إلى الطفل، تعطيه معلومات عن قدرة الله وأنعمه، قيمة أخلاقية دينيّة اجتماعيّة سامية، على الطفل التزودّ بتعاليم الدين وأخلاقيّاته واحترامه عامّة.

* الشاعر محمد مُضر سخيطة:
كتب قصيدة خاصة للأطفال بعنوان "أبي وأمي" ، جاء فيها:

أحب أمي وأبي ... أحب اسمى العربي
حبي لبيتي ... ورفاق حارتي ... وكتبي
هذا التراث من دمي .. وحبه من عصبي

* الشاعر إيليا أبو ماضي:
من الشعر القصصي للشاعر إيليا أبو ماضي من قصيدة بعنوان "الضفادع والنجوم" ( ):
صاحت الضفدع لما شاهدت    حولها في الماء أظلام النجوم
يا رفاقي يا جنودي احتشدوا     عَبر الأعداء في الليل التخوم
فاطردوهم واطردوا الليل   مـعـاً   إنـه مثلهم بـاغٍ أثـيم

* الشاعر محمد العمراوي
وقد كتب في مجال الشعر التعليمي وله قصيدة بعنوان  "عن الكتاب"( )، جاء فيها:

أنـا فتـى ذو أدب       أقرأ خير الكتب
إن غابت الأصحاب       فصاحبي الكتاب
فيـه حديث السَّـمر      مُزيـناً بالصور

* الشاعر طارق عبد الكريم محمد
 كتب الشاعر طارق عبد الكريم محمد قصيدة قومية ووطنية كأنشودة يتغنى بها الأطفال، نذكر مقتطفات منها( ):
فـلاح بـلادي فـلاح       يعمل بنشاط وكـفاح
يغرس شجراً فيه الخير      لـوزاً زيـتوناً تـفاح
هـذا فـلاح فلسطـين     عشق الأرض منذ سنين
ظل وفـياً ظل أمـين     وتعـهدها بـالإصلاح

* الشاعر إباء إسماعيل
حيث كتب قصيدة للأطفال بعنوان "عصفور الحب"( ):
كلَّ صباح يأتينا
ويغرّدُ بين أيادينا
ويرفرفُ فوق الورد الغافي
ينقرُ أزهارَ الأغصانْ
يحملُ فوقَ جناحيهِ
رسائلَ شوقٍ للإنسانْ
حلّقْ أعلى
يا عصفور
سافرْ في كلّ الأوطانْ
وانشدْ دوماً للحرّيّةْ
وانشرْ نوركَ في البلدانْ
في عشِّ الحبِّ ترفرفُ
في وطن الحبِّ تطيرْ
ريشكَ وردٌ حلوٌ
وجناحُكَ نهرُ عبير

*  الشاعر بيان صفدي( )
يكتب شعراً للأطفال يعرفهم من خلاله بشخصيات ووقائع تاريخية، فخولة بنت الأزور اسم باقٍ لارتباطه بالبطولة الفذة، فقد أنقذت أخاها من أسر الروم، وها هو طفل الشاعر بيان الصفدي يتغنى باسم هذه المرأة المجاهدة:
خولة  خولة     بنت الأزور
اسـم  يبقى     أخضر أخضر
خولة أم الطفل العربي
صوت الحب   وصوت الغضب
عاشت رمزاً للأحفاد
نهم عطاء من أجدادي

 ولقد كتب قصيدة تعليمية بعنوان "لغتي":
ألفُ .. باءُ تاءُ .. ثاءُ
منها تنطلق الأسماءُ
ما أروعَنا
نجعل منها
أحلى معنى
فحروف العربِ عصافيرُ
تهمس للناس: ألا طيروا
هيّا .. هيّا

كما كتب قصيدة " ماما .. ماما" :
ماما  ماما .. ما أحلاك
يفرح قلبي .. حين أراك
في الصبح على وهج النار
افتح عيني كالعصفور
وجهك صاف .. رغم التعب
يبسم لي ولأختي وأبي
ماما ماما .. ما أحلاك
ما أقسى الدنيا لولاك

* الشاعر على البيتري( )
كتب قصيدة بعنوان "عندي قلم"، تحث على التعليم وعلى حب الدراسة:
عندي قلم      ومعي دفتر
أرسم بيتاً      حلو المنظر
وألـوانه      بعد الـرسم
وعلى المدخل  أكتب اسمي

* سليمان العيسى:
الذي كان له إسهامات مرموقة في نظم الشعر للأطفال في القطر العربي السوري "وكتب القصة وأصدر عدد من الدواوين الشعرية والمسرحية للأطفال" ( ).
وقد حرص على أن يعلم الأطفال، ويمنحهم قدراً من المعرفة، ويوسع مداركهم على ما حولهم في البيئة التي يعيشون فيها، وذلك بلغة سهلة ومعان واضحة، ومن أناشيده القومية "فلسطين داري" يقول فيها( ):
فلسطين داري        ودرب انتصاري
تظل بـلادي        هوى فـي فؤادي
وجـوه غريبة        بـأرضي السليبة
تبيع ثـماري        وتـحـتل داري

هذا قسم بسيط مما دعا إليه شعراؤنا لإكساب أطفالنا قيماً وأخلاقاً سليمة سامية ليعيشوا في مجتمع راقٍ جميل يسوده التعاون وعزة النفس، والأمل، والحب، والعطاء، والشجاعة، والتسامح، والعلم، والحرية، ورفض الظلم، والمحافظة على التراث، وحب الوطن.

أغاني وأناشيد الأطفال وأنواعها:
الأغنية أو النشيد عبارة عن قصيدة شعرية تحكمها قواعد اللغة وتجليات الصورة الشعرية والتقنيات المتمثلة في موسيقى الوزن والقافية، وجرس الكلمات. فالأغنية أو النشيد قبل كل شيء نصّ لكنه مرتل وفق أنغام ودرجات صوتية وضوابط موسيقية.
تمتاز الأغنية بالبساطة وجمال الإيقاع والانسياب وخروجها عن التركيبات الشعرية الصعبة. كذلك تشتمل على الصور البسيطة القابلية للترديد والتكرار.
ولكل مجتمع شعره الغنائي وأناشيده الخاصة بأطفاله وما يناسبهم ويناسب دينهم وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويراعي المراحل العمرية التي يمر بها الطفل.

أما من حيث النوع، فتقسم الأغاني والأناشيد إلى عدة أنواع، منها:

- أغاني المهد:
 وهي الأغاني التي تغني للطفل منذ نعومة أظفاره في مرحلة طفولته الأولى، وهي ما بعد الولادة والرضاعة.
وأغنية المهد من أقدم أشكال التعبير الأدبي الموروثة، التي تميل للتبسيط اللغوي، وهي أرجوزة قصيرة تميل إلى الإيقاع الصوتي والنغمي. ومؤلفها قد تكون الأم أو الجدة أو مجهولة النسب التأليفي وكتب الأدب واللغة غنية بأغاني ترقيص الطفل، والأمهودات الشعرية المصاحبة لفترة المهد، وهذه الأمهودات تخاطب الطفل بلغة سهلة، وكلمات موزونة، تعمل على الترفيه عن الطفل وتسليته من خلال التكرار في الكلمات السهلة في نغم موزون.

وقال أهل الطب إن الصوت الحسن يجري مجرى الدم في العروق، فيصفو له الدم، وتنحو له النفس، ويرتاح له القلب، وتهتز له الجوارح؛ ولهذا كرهوا للطفل أن ينام على أثر البكاء، حتى يرقص ويطرب.
والطفل بطبيعته ميال إلى الاستجابة للتغني على أصوات الكلام المنغوم ويطرب لسحر الإيقاع الموزون.
ونحن نعرف الأسلوب الذي تستخدمه الأم مع صغيرها، وهي تربت على صدره بيدها حانيه، وبالكلمات رقيقة.  فهي تستخدم الحركة المرتبة، المرة تلو المرة، مع أسلوب الشعر البسيط المنغوم، وهي أول علاقة للطفل مع الشعر الذي ينمو معه بنمو مراحل تطوره.

ففي الأردن وفلسطين تغني الأم لطفلها أغنية تعده بها أن تذبح له طير الحمام. لكنها تطمئن الحمام فيما بعد ألاَّ يخاف، فهي مجرد كلمات منغومة يستمتع الطفل بها فينام بهدوء وارتياح:
                ننا  نام               ننا نام
                واذبح لك (جوزين)  حمـام
نام يا ابني نام       نيمتو بالعلية
لأذبح لك طير الحمام   وخفت عليه من الحيّة
يا حمامة لا تخافي     وهزّي لو يا صبية

ومن الأغاني التي تغنيها الأمهات للأطفال ليناموا:
نام نينه نام
ماما جبتلي إيشارب حرير
نيمتني على السرير
والسرير طواح طواح
ما خلاش حد يروح
نام يا حبيبي نام
نام نينه نام
وادي لك جوزين حمام
نام نينه نام

وتتفاوت أغاني المهد من قطر عربي لآخر، وفقاً لاستعمال الجماعة اللغوية مع الحفاظ على بنيتها الشكلية وهدفها الوظيفي" ( ).

وفي سبوع الطفل، تغني له، الأم والأطفال والأقارب والأصحاب:
حالقاتك بالاقاتك      حلقة ذهب في أوذاناتك
ويـا رب يا ربنا     تـكبر وتبقـى قـدنـا

وتغني الأم متأملة في ابنتها خيراً عندما تكبر:
بكـرة بنتـي تكبر      وتروح المدرسة
وتبقى بنتي شاطرة      ودرجاتها كويسة

ومنها( ):             ذهب الليل      طلع الفجر
والعصفور  صوصو
شاف القطة.. قال لها بسبس
قالت له: نونو
أما الطفلة فإذا كبرت قليلاً، تحدث عنها أخوها، واصفاً حركتها ومناغاتها وابتساماتها فجاءت على لسانه حلوة جميلة( ):
أختي سلوى      مـا أجملها
تعطي يدها      كي أحملها
حين تناغي      ما أحلاها
تبسمُ تبسم      حين أراها
وتحدث عنها أبوها وهي تعض أصابعه بأسنانها ثم تقبلها معبرة عن حبها له، ويعرضها لنا الشاعر سليمة بصور ومشاهد مثيرة( ):

لها سـنان لا أكثر      ولا أحلـى ولا أنـضر
تعض أصابعي بهما      وتـترك شـارة تـذكر
أعـاتبها بـنظرات      وقـد أعـذر مـن أنذر
فتغمرنـي بـقبلات      تنم عن الهوى المضمر

ويتأثر الطفل منذ شهوره الأولى بشكل أو بآخر بالإيقاع والكلام المنغم، ويجد كثير من الأطفال لذة في تقليد بعض الأصوات .. كذلك نجد أن الأطفال في صغرهم لا يكتفون بمحاكاة بعض الأصوات، بل يتعدون ذلك إلى إصدار أصوات منغمة، تعبيراً عما يختلج في نفوسهم من انفعالات كما هو الحال في تعبيرهم عن الفرح والسعادة ( ).




- أغاني الروضة (في سن ما بين 3 – 6 سنوات):
 في هذه السن تتحول أغاني الترقيص إلى أغاني وأناشيد ذات مجالات وموضوعات مختلفة يرددها أطفال الروضة، وتميل إلى الإيجاز والتكرار اللغوي، والإيقاع الحركي والتنغيم الموسيقي، ومنها أغنية "العصفور" ( ):
غرد .. غرد       يا عصفوري
غرد  والعب      فـي البستان
غرد .. غرد      يا عصفوري
غرد  وافرح       بـالألـحان
غرد .. غرد      يا عصفوري

 ومنها منظومة "القط" ( ):
قطي  قطي    ما أحلاه
مـا أظرفه    أنا أهواه
يلعب حولي    ويسليني
يجري خلفي   ويحييني

ومن أقدم أغنية قدمها محمد الهراوي (1936) للطفل في ديوانه "سمير الأطفال"، تقول أغنية "شمس الضحى" ( ):
أشرقت شمس الضحى    في السماء في السماء
أشرقت شمس الضحى    في السـماء الصافية
وهي تعطي من صحا     صحة .. صحة

لاحظنا تكرار الألفاظ، مما يدل على تأكيد الإيقاع الشعري والموسيقي، ونمو اللغة بالإلحاح بالتكرار المقصود، مما يألفه أطفال مرحلة الطفولة المبكرة.
وهذه أبيات وطنية سلسلة ذات إيقاع موسيقي رائع وهداف:
علمي الغالي        رمز جهادي
علمي العالي        فخر بـلادي
يخفق حـراً        فـوق القمم
وأنا دومـاً         أحمي علمي

ومنها:
يا وردة الصباح      يا لـعبة الرياح
يا زينة الفـلاح      يا وردة الصباح

ومنه أيضا للشاعر الدكتور محمد محمود رضوان وهو يمثل الفاكهي في السوق للأطفال( ):

الله  أكبر الله أ كبر
تعال عندي يا عم جعفر
من كل صنف شهد مكرر
التمر أحمر والموز أصفر
كله هنيا فالطعم سكر

وهذه الأغنية الأخيرة بعنوان "كتابي" للشاعر عبد الله الخالد، تشتمل على خصائص أغنية طفل الروضة. يقول الشاعر( ):

كتابي كتابـي       صديقي الحميم
كتابي صديقي       ونعم الصديـق
أرى فيه دوما       جـمال الحياة
فإن غاب يوما       فمن لـي سواه

وهذا نشيد تعليمي يهدف لتوجيه الأطفال، وإرشادهم إلى السلوك الحميد، وتعليمهم مهارات الحياة، التي تفيدهم في مستقبلهم، وهي قصيدة بعنوان "الطريق العام" للشاعر على البيتري( ):
على الطريق العام       أسـير فـي نـظام
في الشارع النظيف       أمشي على الرصيف
أحـترم المـرور       فـي لحظة العـبور
أراقـب السـيارة        وأتـبـع الإشـارة
إشـارة حمـراء        تـقول:  لا تـمـر
أسـير لـلأمـام         أمـر فـي سـلام
على الطريق العام
ومنها:
مدرستي سكر وحلاوة
مدرسـتي زى البقلاوة
بتعلمني أقـرا كـتاب
أرسم قطة واحل حساب


معلمتي لوز وسكر
بتعلمني وبتشطر
لما تيجي على الصف
صفوي بزيد وما بيتعكر
معلمتي يا معلمتي
علمتني وربتني
حرف الألف الله يحميكِ
حرف الباء يبارك فيكِ
حرف الجيم جاي أحكي لكِ
إنتِ حياتي ما بنساكِ

ومن الأغاني الحلوة للأطفال " صاح الديك"( ):
صاح الديك        كوكو .. كوكو
جاء الصباح       هيا اصحوا
طلعت الشمس       مثل العرس
فوق الناس          مثل الماس
غنى الطير          وحكى الشعر
صاح الديك          كوكو .. كوكو
هيا هيا              صوتي لبوا   
راح الكسل          جاء العمل
يحيا الزراع          يحيا الصناع
وطني رائع           وطني رائع

- النشيد الاجتماعي:
وهو النشيد الذي يركز على تنمية الروح الاجتماعية، وينمي الصفات الاجتماعية الإيجابية، من احترام الكبار والآباء، والأمهات، والمدرسين، والأصدقاء، وحب الجماعة، والتعاون، والصداقة، ويسعى إلى تنظيم الحياة الاجتماعية للأطفال.
   وهي التي  تبعث روح التعاون والمحبة. مثال( ):
أختي سلوى       معها حلوى
ومعـي موز      ومعها لوز
هي تعطيني       وأنا أعطيها

وسلوى تحب أباها أيضاً، فهو الذي يأتيها بالهدايا والألعاب، ويعلمها أن تكون صادقة كما يحدثنا الشاعر مصطفى عكرمة ( ):
قالـت سلوى     هـذا  بابا
حمل الحلوى     والألعابـا
با با رجـل     حسن الخلق
يطلب مـنا     قول الصدق

        ومنها أغاني للأم، وذلك مثل نشيد "أمي" للأستاذ أحمد على الخياط، وفيه يقول( ):
أمي  ..  أمي      ما أغلاها
هي في عيني      ما أحلاها
هي في قلبي      لا أنساها
أنا أحمـيها      أنا أهواها
أمي .. أمي       تمحو همـي
حلـت قلبي       نالـت حبي
لا تضربني       بل ترحمني
تعفو عنـي       تهوى فنـي
                       أنا أرضيها       أنا أسليـها
روحي            أمي

مثل هذه النشيد غالباً ما يشجع حاجة الطفل للحب والحنان، وقد يساعده على المرح والهدوء النفسي والسعادة والاستمتاع بمضمونه. وأناشيد الأطفال تبعث السرور للطفل بما ترسمه من صور وأخيلة وما تحمله من عواطف صادقة تعمل على استشارة وجدانات الطفل الكامنة فتخرجها إلى حيز الوجود في شكل مشارك وترديد وغناء وتمثيل للمعاني، سواء كان موضوعها قومياً أو دينياً أو اجتماعياً( ).

ولم يكن(بابا) بأقل مكانة من (ماما) على ألسنة الأطفال؛ حيث تتردد الكلمات المملوءة قوة وحيوية واعترافاً في "نشيد بابا"، حيث يقول الشاعر سليمان العيسى( ):
بابا  ..  بابا        يومك طابـا
دمت ربيعاً       دمت شـباباً
لي ولأجل       الوطن الغالي
                       يـعمل بابا       دون مـلال
بابا .. بابا        وطنك طابـا
وأيضاً ( ):
من أحب من أبي       ومن أعز من أبي
إذا طلبت حـاجة       أبي يجيب مطلبـي
أبي أراه ساعدي       في  كل أمر متعبي
يا رب ابقِ لي أبي       يا رب ابقِ لي أبي

- النشيد الوطني:
وهذا النوع يتصف بصبغته الوطنية، ويحث الطفل على التعلق بوطنه والاعتزاز به والمحافظة عليه، ومن أمثلته النشيد التالي، الذي يبعث الحب للوطن والوفاء له، وهي للشاعر خالد سيف من قصيدة "يحيا بلدي"( ) :
بـلدي بـلدي       يحيا بلدي
حراً منصوراً       لـلأ بـد
بـلدي حـلوٌ       بـمغانيـه
وصـحاراه        وبـواديـه

كما يتباهى طفل الشاعر عبد الرزاق جبار الربيعي بأن له وطناً جميلاً، كثيرة خيراته، أصيل شعبه، ويعتز أيضا بحمل اسم هذا الوطن قلادة على صدره( ):
لي وطن جميل
خيراته وفيره
وشعبه أصيل
نحن حملنا اسمه قلاده
جيلاً وراء جيل

وهذا الشاعر (معشوق حمزة) يقدم لنا قصيدة وطنية ينشدها الأطفال في مجموعة بعنوان "عبير" يقول فيها على لسان بطلة قصيدته ( ):
عبير عبير       أنا اسمي   عبيرْ
وحب بلادي       بقلبي كبيرْ
أنا اسمي عبيرْ
غداً حين أكبر     وأدرس أكثرْ
سأبني بلادي       بورد وعنبرْ
أنا اسمي عبيرْ
وأنشد شعري      ففي كل سطرِ
تعيش بلادي     بعزٍّ وفخرِ
أنا اسمي عبيرْ
بدم الشهيدْ       لسوف نعيدْ
لوجه بلادي السنا من  جديد
أنا اسمي عبيرْ
وتحيا بلادي      ويحيا فؤادي
وشمسْ السلام     تنير بلادي
أنا اسمي عبيرْ

ومن الأشعار القومية أيضاً للشاعر سليمان العيسى، قصيدة بعنوان "فلسطين داري"( ):

فلسطين داري        ودرب انتصاري
تـظل بـلادي        هوى في فؤادي
وجـوهٌ غريبةٌ         بـأرضي السليبة
تبـيعُ ثـماري        وتـحتـلُّ داري

ومن أغاني المقاومة( ):
أنـا .. طـفلة عـربية        بحـارب مع الفدائية
أنـا عمري ثلاث سنين        قلبـي صـوان متين
مـا بحمل فـرد فلين        وبرمـي قنابل يدوية
أنـا عمري مـا بخاف       ولا نتخبا تحت لحاف
والصهاينة قبالي ضعاف       وبكفـي إنـي عربية

بلادي .. بلادي        مالي سواهـا
أهلـي وبيتـي         تحت سماهـا
زهـور الوادي        طاب شذاهـا

- النشيد الوصفي:
 وهو النشيد الذي يركز على حب الطبيعة وبيان جمالها وفوائدها ومحاسنها.
الطفلة سمر تحدث أباها بأن يشتري لها القمر إذ تعتبره لعبة ستضعه في حقيبتها. هذا ما يصفه لنا الشاعر على لسان ابنته( ):

قالت سمر
يا أبتي
لو تشتري لي القمر
أحمله كلعبتي
ينام في حقيبتي

والبستان مشهد جامع لكثير من ألوان الجمال الطبيعي، فالألوان كل له أصل يؤخذ منه، والشاعر هنا يتساءل عن ذلك بلسان طفل مندهش بمشاهد هذا البستان( ):
يا بستان!
من أين تجـيء الألوان؟
الأبيض مـن لـون القمر
والأخضر من لون الشجر
والأزرق مـاء الشـطآن
والمطر مظهر من مظاهر الطبيعة الجميلة، وهو مصدر الخير، وسبب في ظهور ألوان الأرض والحقول، حين تعمل الأيدي المنتجة والشاعر باسم المرعبي يتحدث بلسان طفلة عن هذا المشهد( ):

مطرٌ ..  مطرٌ ..  مطرٌ
جاء ...
يحمل في كفيه عطاء
أخضر ...
يكسو الأرض ذهباً أصفر
مطرٌ حلو مثل العسل
بارك فينا حب العمل
خيال الشعراء في تصوير متعة الأطفال بالقمر والبستان والمطر في هذه الأناشيد الثلاثة التي شكلت عناصر الطبيعة الجميلة، أثارت في عقول الأطفال كثيراً من التساؤلات، والإجابات؛ لتجعلها حية، مثيرة، ممتعة، زادها الإيقاع جمالاً فوق جمالها.

ومثال على هذا النوع نستشهد أيضاً بأغنية "عرس الربيع" التي نظمها الشاعر حنا أبو حنا (1999)، ضمن المجموعة الشعرية التي أصدرها التلفزيون التربوي بعنوان "أغاني غصن الزيتون"( ):

جاءت جموع الزهور       تشهد عرس الربيع
تلـبس أحلـى الثياب       من كلّ لـون بديع

فوج الشقائق:
فوج الشـقائق هذا       الجسم والثوب أخضر
والعين سوداء لكن       الـخدّ أحـمر أحـمر

فوج النرجس:
والنرجس الحلو آت       الجسم والثّوب أخضر
والوجه أبيض لـكن         علـيه تـاج أصـفر

أفواج أخرى:
وأي زهر هذا             عيونه زرقاء ... ؟
وأي فوج هذا             جموعه صفراء .؟

نادي الربيع فلبّت          كلّ الزهّور النّداء
هيّا لكي تعرفوها          وتعرفوا الأسماء

- النشيد الديني:
 وهو النشيد الذي يركز على تعليم الطفل العقيدة الدينية، والقيم الإنسانية النبيلة والتفكر في ملكوت الله ومخلوقاته، ويقوم الأطفال بترتيل هذه الأناشيد وحفظها غيباً.

فالله خالق تبدو مظاهر قدرته في إنزال المطر، وتفجير الأنهار، وإنبات الأزهار، وتسيير الكواكب، وتحريك الظل والضوء، يتتبعها الشاعر يوسف العظم متسائلاً ( )ً:
من أنزل الأمطار      وفجر الأنهارا
وأنبت الأزهارا       تزخرف جبالا
ذاك العظيم في علاه
من أبدع الكون سواه؟!
من زين السماء        وجمل الفضاء
وأرسل الضياء         يرسم الظلال
ذاك العظيم في علاه
من أبدع الكون سواه؟!

ولله في صفاته رحمن رحيم، ونبيه إنسان عظيم، وكتابه قرآن كريم( ):

إن سألتم عن إلهي     فهو رحمن رحيم
أو سألتم عن نبّيي     فهو إنسان عظيم
أو سألتم عن كتابي     فهو قـرآن كريم

وقد حفل الشعر الإسلامي المعاصر بالعدد الوفير من دواوين الشعر المخصص ابتداءً للأطفال، وقد طرق من الموضوعات مما له علاقة بالطفل، واهتماماته، ومما يراد له أن يكون عليه في سلوكه وتربيته.

ومن هذه الموضوعات موضوع الإنفاق في سبيل الله، وترغيب الأطفال به، وتحبيبهم به، وتربيتهم عليه، سواء في ذلك، عن طريق تعريفهم بركن من أركان الإسلام، وتوضيح دوره في حياة المسلمين، أم بعرض صور اجتماعية من واقع الحياة، يتعاطف الطفل الصغير معها بما لديه من مخزون الفطرة براءةً وعاطفةً وحناناً! فها هو الشاعر محمود أبو الوفا في أشعاره الدينية للأطفال يبين أن الحياة تقوم على التعاون، وأن بناء الحياة يقوم على أساس من الإخاء، وأن من صور هذا الإخاء أن يعرف الأغنياء حق الفقراء في المال الذي وهبه الله لهم، يقول في أنشودة الزكاة:

زَكّوا فإنَّ الزكـاة أسمى فـروضِ العبادهْ
أرضيتَ عنك الإلهْ ما رُحتَ تُرضي عبادهْ
حَـقٌّ علـى الأغنـياءْ رعـايـةُ الفقراءْ
حتـى يقومَ البناءْ علـى أسـاس الإخـاء

ولكن الشاعر يوسف العظم يُفصل بشكل أوضح، فيبين ما هي الزكاة؟ وممَّ تتكون، ولمن تعطى؟ دون أن يغرق في التفصيلات، فيثير في نفس الطفل عاطفة الرحمة والشفقة من جهة، وعاطفة الخوف والرجاء من جهة أخرى، يقول في نشيد يحمل عنوان الزكاة، في كتابه أناشيد وأغاريد للجيل المسلم( ):

إبذُل من مالكَ مسروراً قمحاً ونقوداً وشعيرا
واحفَظْ مسكيناً وفقيرا وتجنَّبْ ويلاً وسعيرا
واطلبْ من خالقكَ الرحمةْْ
ابذُل من مالك لا تندَمْ فزكاةُ المال بها تَغْنَمْ
وارحَمْ إخوانَكَ كي تُرْحَمْ في يوم الحشر غداً تسْلَمْ
من نار جهنَّمَ والنِّعْمَةْ

ويعرض شعراء آخرون لصورة من صور البذل والإنفاق في موسم من مواسم الطاعة، في يوم العيد، ويلفت نظر الأطفال إلى أن من معاني العيد أن يحس الجميع، وأن يشعروا بالفرحة وأن يشاركوا الفقراء الحلوى والألعاب، وفي الطعام والشراب، يقول أحمد حسن القضاة في أنشودة (الأطفال في العيد):

هَيَّا هَيَّا يـا أولادْ هـا قـد زارتـنا الأعـيادْ
هاتوا الحلوى والألعابْ وطعاماً هاتوا وشرابْ
وادْعـوا الأطفال الفقراءْ نأكلْ نلعبْ كالرفقاء

ولا ينسى أن يبرر هذه الدعوة، ويعلل هذا السلوك فيربطه بالدافع الحقيقي له:

فالديِّنُ يُطالِبُ بالعدلِ وتَساوي الأخوة والأهلِ
والرحمة بين الأخوانِ والشدة لذوي العدوان

ويعرض الشاعر محمد الهراوي صورة أخرى من صور الإحسان يتعلم الطفل منها كيف يتعامل مع المحتاجين؟ وكيف يُحسن إلى البائسين؟ من خلال البسمة التي ترتسم على شفتيه. عن أبِي ذر، قال:
قال رَسُولُ الله: "تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ". ومن خلال إعانة الآخرين من الأطفال اليتامى، "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، ليسعد الجميع بيوم العيد( ):

أقبل العـيد  فأهـلاً  بتـباشير السـعود
جاءنا بـالخير والإسـعاد والعيش الرغيد
ومضـينا بـالتهـانـي لـقريب وبعـيد
ومـددنا لليتامـى كـف إحـسان وجـود

وهذه المفاهيم بعد أن تغرس في نفس الطفل، ويتفاعل معها وتترسخ في أعماقه؛ فإنها ستظهر على سلوك إسلامي يدل على إحساس مرهف، يتأثر بما يشاهد ويرى وتنعكس على مرآة نفسه الطاهرة، فتتحول إلى كلمات معبرة، يصوغوها الشعراء على ألسنة الأطفال في صور شعرية جميلة، ففي أنشودة "اليتيم" لأحمد محمد الصديق في ديوان "أناشيد الطفل المسلم" يتحدث الطفل عن يتيم مَرَّ به، فاستوقفه منظره الحزين، ودموعه التي تهيم على خديه؟!:
سألتهُ باهتمامٍ ماذا به؟ ما دهاهُ؟
عله يشتكي من سَقامٍ أمْ ما لذي أبكاه؟
فقال في انكسارٍ أريد أمي الحبيبَةْ

فتتحرك مشاعر الخير في نفسه، وهو لا يكتفي بالحزن عليه، بل يريد أن يسعفه بعمل ما، ويخفف عنه أحزانه( ):

ذهبتُ أسأل حالاً عنها، وأين تقيمُ؟
فقيل: تبغي محالاً فإن هذا يتيمُ
تراه دومـاً ينادي أريد أمي الحبيبَةْ

إن أدب الأطفال تربية ومسؤولية، وإن كل نشاط بشري، فكري أو فني أو علمي أو عملي، يستند إلى عقيدة ما؛ لذلك وجب علينا أن نحدد هدفنا بوضوح في أدب الأطفال لأهميته ولخطورة النتائج المترتبة عليه.

 ومن المهم أن ينهض المختصون المخلصون بدراسة المضامين الخاصة بأدب الأطفال، والأهداف التي ينبغي أن تهدف إليها على أسس إسلامية واضحة؛ حتى لا تتوزع الجهود أولاً، ثم تضيع الخطوات، وتتعدد الرؤى أو تتضارب بلا معرفة.

وهذا يعكس الأهمية الخاصة بثقافة الطفل، ومضامين أدب الأطفال، وشمولها على عناصر أساسية، تحقق الخير لأبناء المستقبل، وتسهم في إعداد الأجيال إعداداً صالحاً.

- الأغاني الفلكلورية الشعبية:
وهي التي تسعى إلى إدخال البهجة والسرور إلى قلوب الأطفال بالترفيه والتسلية والإمتاع، فضلاً عن القيم التعليمية والتربوية التي تحلها.
والأغنية الفلكلورية أو الأغنية الشعبية هي تجربة فنية صادرة عن إحساس فني في الدرجة الأولى. وهي تجربة شعبية لأنها تضرب بجذور بعيدة في وجدان الشعب. فهي التي تفجر ينابيع الولاء والانتماء لهذه الحياة، وهي التي تصوغ وجدان الشعب مع فنون أخرى تشكيلية وإيقاعية. وهذه الأغنية تشكل في وجدان الطفل قوى الانتماء والارتباط بالحياة وتفجر فيه ينابيع الإبداع والابتكار والعطاء.

تمتاز الأغنية الشعبية ببساطة اللغة والتركيب وهي سهلة من حيث الإيقاع والموسيقى، تساعد الطفل على تكرار كلماتها وحفظها. ورغم ذلك فهي مثيرة لخيار الأطفال وتحمل لهم قدراً كبيراً من الأمان، وتعبر بصدق عن الحسّ الشعبي الكائن في ضمير المجتمع تجاه الأطفال. هذه الخصائص تجعل الأطفال يحفظون هذه الأغاني التي يتوارثونها من التراث الشعبي جيلاً بعد جيل. وهذه الأنماط ترتبط بسّن الطفل وتغنى من قبل الطفل نفسه وهي ترتبط بفصول السنة وبعض العادات والمواسم والأعياد.

ومن الأغاني الشعبية المشهورة لدى الأطفال، والتي يغنيها الطفل مع أقرانه وجيرانه الأطفال أثناء لعبهم في الحارة( ):

يا طالع الشجرة
هات لي معاك بقرة
تحلب وتسقيني
بالمعلقة الصيني


أو قولهم:
يا مطرة رخي رخي
على قرعة بنت أختي
شعرها ضاني ضاني
لفيته على حصاني
وحصاني في الخزانه
والخزانه عايزة سلم
والسلم عند النجار
والنجار عايز مسمار
والمسمار عند الحداد
والحداد عايز قمحه
والقمحه عند القماح
والقماح عايز فرخة

وأيضا قولهم ( ):
طـاق طـاق طـاقية         تعيش الوحدة الوطنية
وطـاق طـاق طاقية         محمد راكـب عـربية
رن رن يـا جـرس         محمد راكب ع الفرس
وفـرسـه الـهنـدي         مشـخـلل بـالوردي
والوردي ما هو عندي         الـوردي عـند الذرة
الله يـضرك يـا ذرة         يـا أم أخدود أمحمرة
والثعلب فـات فـات         فـي ذيـله سبع لفات
فلفل حـر يا فلفل حر        يـا مـزروع بين البر
حلفت عليك مـا تطلع        اطلع بإذن الله واخضر

******
كان عصفور ع الشجرة       قلي عدي للعشرة (1 ....... 10)
عـمي يـا أبو كـرش       عدلي للأحدعش   (1 ....... 11)
      حـادى  ....  بـادي         صلـى النـبي علـى اسـمك
يـا هـادي

والأهالي يغنون لأطفالهم أغنيات شعبية فلكلورية جميلة ومنها:
"خـرفتك بـخراريفهْ       وأذونـاتها مشاريفهْ
فيـها وعواع الوادي       فيـها ميـة صيادي
فيها عمـي أبـو دية       مـد لـحيـته لـيه
أعطاني أرغيف يابس       وزعته على الخنافس
والخنافس فـي الشجر      والشـجر بـده قدوم
والقدوم عـند النجار      والنجار بـدو بيضة
والبيضة فـي الجاجة       والجاجة بـدها علف
والعلف في الأجرون
واطلع يا تيس أقرع بلا قرون
كسر الزبادي على الصحون



خروفي خروفي        لابس بدلة صوفي
أله قرنين              وأله أربع رجلين
حموا حمو السكاكين    ويجيبوا الذابحين
وزعوا لحمة ع المساكين  هم هم هم هم

بابا يصلي صلات العيد       وماما تعمل كعك العيد
وأنا بلبس لبس جديد

وهذه أنشودة شعبية عن المدرسة للشاعر توفيق  الحاج:
صباح الخير مدرستي       مساء الخير مدرستي
أطـير إليـكِ فرحان       فأهـلاً يـا معلمتي

كما كتب الشاعر اسكندر الخولي البتيجالي أغنية شعبية عن الكتاب للأطفال:
رفيقنا الكتاب     يغني عن الأصحاب
يعـلم الآداب     رفيقـنا الـكـتاب

وهذه أغنية شعبية للشاعر علي البيتري:
يا عصفوري ما أحلاك       حين تحط على الشباك
صوتك عذبٌ كم أهواه        لونك يـا سبحان الله!
يرقص قلبي حين يراك       يا عصفوري ما أحلاك!

وكتب الدكتور وجيه سالم في هذا المجال:
مرحى مرحى لمعلمنا      سـيرافقنا في رحلـتنا
هيّا هيّا صـوب البحر     حيث الماء جميلُ يغري
انظر انظر بحرٌ أزرق     فيه الجاهل حتماً يغرق

أما الشاعر مرزوق بدوي فكتب هذه الأغنية للأطفال الأطيار( ):
أنـا طفل أرسـم طيارة       وصديقي يطبع طيارة
أجعل في الصورة أحلا       مي وأزينها بالألواني
أحـلم إلى فـوق القمة       طيار يسمو كـالهرم

أما الشاعر محمد حسن الشافعي في نشيد "رسول الرحمة" ، كتب كلمات رائعة يتغنى بها الأطفال لسلاستها وسهولة مفرداتها( ):
يا فيض عطاء من ربي    يا شمساً تشرق بالحبِ
يا خير الخلق وأرحمهم    ذكراك ربيع في القلبِ

- الأغنية الجديدة:
وهي ما تقدم جديداً للطفل من خلال الكتابات المتخصصة للأغنية الموجهة للطفل عبر أجهزة الإعلام المختلفة( ).
ومن نماذجها نورد ما يلي:
 طيري يـا طيارة طيري       يا ورق وخيطان
بدي أرجع بنت صغيرة       ع سطح الجيران
**********
 تك تك تك يا أم سليمان       قوللي جوزك وين كان
قالتلـي كان في الحقلِ       عم يقطف خوخ ورمان

*********
ماما زمانها جاية   جايا بعد اشوية
جايبة لعبة وحاجات   جايبة معها بطة
تقول وك وك واك

- النشيد الترفيهي أو الفكاهي:
وهو الذي يسعى إلى إدخال البهجة والسرور إلى قلوب الأطفال بالترفيه والتسلية والإمتاع.

فالأطفال في هذه السن يدركون أشعار الفكاهة التي تسري عن نفوسهم، ومن الممكن أن نقدم لهم شيئاً منها، على ألا يحتاج إدراك معناها ومغزاها إلى عمق في التفكير؛ حيث يجتمع الشعر مع الفكاهة في شكل قصة عن حيوان غالباً ما يجتذب الطفل، فالأطفال غالباً ما يقبلون على الشعر البسيط الذي يروي قصة ويكون فكاهياً مرحاً، ويفضلونه في صورة غناء، كما يميلون إلى أن يكون قصيراً ومن أمثلة هذا قول شوقي في "الحمار والسفينة"( ):
سقط الحمار من السفينة في الدجى     فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتـى طـلع النـهار أتـت بـه     نـحو السفينة مـوجه تتقدم
قالت خذوه كـما أتـانـي سالماً     لـم أبتـلعه لأنه لا يـهضم

وقول شوقي أيضاً في السيارة ( ):
لكم في الخطِّ سـيارهْ        حديث الجار والجارهْ
إذا حـركـها مـالت        على الجنبين منـهارهْ
وقـد تحـزن أحيانـا        وتمشي وحدهـا تارهْ
ولا تشـبعـها عـين        من البـنزين فـوارهْ
ترى الشارع في ذعر       إذا لاحـت من الحارهْ
أدنيا الخيل (يا ماكسي)       كـدنيا الناس غـدارهْ

وعلى وجه العموم فإن أغاني الصغار الترفيهية، تتناول أغراضاً عادية وبسيطة، تحمل في طياتها رغبة الأطفال باللعب والتمتع بظواهر الطبيعة الواضحة، كالمطر والشمس والقمر واحتفالات العيد وغيرها.

ومن الأمثلة على أغاني الأعياد، والتي يتغنى بها الأطفال عشية عيد الأضحى، قصة محمود شقير (فستان العيد):
بكرة العيد وبنعّيدْ       بنذبح بقرة سعّيدْ
وسعيد ما له بقرهْ       بنذبح بقرة السيد

وقد وردت هذه الأغنية بصورة مختلفة بعض الشيء على هذا النحو:
بكرة العيد وبنعيد
وبنذبح بقرة السيد
والسيد مالو بقره
بنذبح  بنته هالشقره
والشقره ما فيها دم
بنذبح بنته بنت العم

وأيضا من الأمثلة على الأناشيد الترفيهية:
اشتي يا دنيا وزيدي         بيـتـنا حـديـدي
عـمنا .. عـبد الله        رزقـنا عـلـى الله
شمسي يـا اشميسه        ع عُـروق عيـشة
عـيشة بنت البابـا        بتلعب على الشِّبابـه
يـا قمرنا يا جدع        يا اللي مشنشل بالودع
بـناتك سـتة سبعة        بـلعبن علـى القبعة

*********
أنـا البطة البـلدية        بسبح في وسط المية
لاقوني اثنين يهوديه        قالوا لي وين الهوية
قلت لهم أنا فدائية

**********
طـيري وهـدي          يا وزه
ع بـلادي غـزة          يا وزة
 قطـف العنـب         بالسلة
مقطوف مقطوف        آمنه
يـا معطارتـي          آمنه
دقـت الكـبة           آمنه

ومن الأغاني التي يتعلم الأطفال من خلالها الألوان، ووظيفة كل مهنة وأهميتها لنا، وفائدة الحيوانات للإنسان( ):
اللـبن عـند  البقرة           والبقرة عاوزة برسيم
والبرسيم عند الفلاح           والفلاح عاوز رغيف
والرغيف عند الخباز          والخباز عاوز بيضة
والبيضة جُوّة الفرخة           والفرخة عاوزة قمحة
والقمحة عند القماح           والقماح عاوز فلوس
 والفلوس عند الصراف        والصراف عاوز رغيف
            والرغيف عند الخباز         والخباز عاوز بيضة

**********
صباح الخير
صباح الخير صباحنا        والرز باللبن طبخنا
وكلنا وانشرحنا
صباح الخير وأنا بقول       يا رب يزيد العمر ويطول
صباح الخير صبحنا         والرز باللبن طبخنا
ولقينا الوقت بدري          كلنا وانشرحنا

قيمة الأغنية ووظيفتها في حياة الأطفال:

إن  أناشيد الأطفال وأغانيهم لون من ألوان الأدب، يصور جوانب الحياة، ويعبر عن العواطف الإنسانية، ويصف الطبيعة، ويشرح الحياة الاجتماعية، ويرسم الطريق إلى المثل العليا في أسلوب يصل في تأثيره إلى أعماق النفوس، فيوحي إليها بالعديد من الانفعالات التي تساعد على تكوين اتجاهات وقيم واضحة ومتعددة.

والأطفال ميالون إلى الإيقاع، فالطفل الصغير منذ نعومة أظافره لا يكف عن البكاء، ولا يستسلم للنوم إلا حين تقوم أمه بالربت على ظهره برقة، أو تهز له وهو في مهده وتغني له بحنان.

والشعر يعمل على التسامي بالنفس والرقي بالوجدان والتعاطف مع الناس وهو مصدر لتجارب إنسانية لا تنتهي.
النغم حين يثير انفعالات الطفل ووجدانه، غالباً ما يوحي له بالعديد من الصور التي قد تحدث له مشاركة وجدانية لما تحمله تلك الصور من معانِ وانفعالات. وهنا يكون الشعر قد نجح في بث فكرة أو قيمة أو اتجاه دائم فعال لدى الطفل.

أطفال شعراء
في الحديث عن الطفل، وما يكونه الشعر عنده، ثمة تمييز كبير، بينه وبين الآخر، الشاعر الذي يتجاوز سن الرشد، حيث كل شيء يكون مدققاً فيه، هل يكون له صدى أم لا ، أهي الكلمة الأكثر استثارة للآخرين، تلك التي يستخدمها، أم سواها، وهو يرتبها في نص معين، ماذا لو أنه حذفها.

الطفل ليس لديه خيارات، ليس لديه الصورة الاجتماعية التي يتعامل بها الشاعر الآخر، وهو يتصور القيمة التي ستعطى لقصيدته، إن الخيار الوحيد للطفل، هو أنه يكتب، لأن حالة ما، هي التي دفعته للكتابة، وأنه وضع كلماته، لأنها الوحيدة التي لديه، دون أي تردد، ودون تصور مواقف الآخرين، كون مفهوم "الآخر" يحتاج زمناً طويلاً نسبياً، ليحسن التعامل، وليدقق في الكلمة ويختار كلمة دون أخرى.
إن ما يوضع من كلمات في قصيدة له، يتجاوب مع وضعه النفسي، ولكن، دون نسيان أنه ينطلق من بيئة، ومن وسط اجتماعي، وحتى من تربية معينة، أي لا يمكن اعتبار كل ما هو مكتوب من قبله، جاء دون أي اعتبار للذين يحيطون به.
علينا أن ندرك خاصيته الطفولية فقط، ألاَّ نحاسبه فيما آتاه شعراً، كما هو الحال مع الآخر الأكبر عمراً، بقدر ما يكون الشعر مجالاً رحباً، لمعرفة حالته النفسية، إبداعه، حس المبادرة عنده، فلطالما حدثنا التاريخ عن شعراء كبار تفتحت مواهبهم الشعرية منذ الطفولة.
ومن شعر الطفولة ... "أطفال العرب والعيد" ( ):

يا عيد يا حـلم الطـفولة كن لـنا رمز النضال
وافرش بعطر الصبر درب الصامدين من الرجال

********
يا عيد كن لهم الرسول وكن لنا منهم بشيرا
فهم لنا الأمل الكبير وبوركوا أملاً كبيرا

********

خبرهم يا عيد أنا نرقب النصر المبينا
ونقيم في ساحاتنا أقواس عيد الظافرينا

********
يا عيدنا يا حلو لا تحمل لنا لعباً وحلوى
إنا نريد العيد نصرا لا نريد العيدا لهوا

********
قل للرجال الصامدين الصانعين لنا الصباحا
هذي هدايانا خذوها واشتروا فيها السلاحا

********
يا عيد ساهم في النضال وعد مع النصر الأكيد
فالفرحة الكبرى بيوم النصر تفضل ألف عيد

وفي قصيدة (السلام) ( ):
أجري
كي أمسك
حمامة السلام
لمحها الجندي
أطلق عليها وقتلها
لن يسود السلام أبداً
لا أحد يدع السلام يسود
أبداً
الكلمات بسيطة تماماً، وهي محدودة، ومتسلسلة داخل جمل قصيرة جداً، وهي انسيابية، لكن العلاقة المكانية التي جعلت القصيدة كلاً واحداً، والرؤية الجمالية لفن الشعر هنا، إبداع قائم، الحمامة التي تشير إلى معرفة الطفل للرمز في محيطه، وإلا لقال شيئاً آخر، والسلام الذي يهم الطفل، حيث لم نْذكر السنة التي أبدعَت القصيدة هذه فيها، لنكون أكثر قابلية للحديث عن مدى الصلة بين قصيدة كهذه وزمانها ومحفزها الاجتماعي والذاتي، وثمة الجندي، إنه العدو هنا، والمهدد للطفل أكثر من سواه، لأنه الأكثر تأثراً، من خلال قواه النفسية، أو ضعفه الجسمي، وهو الذي يثير الطفل، باعتباره، ومن خلال مظهره الخارجي، يكون معكر صفو أمنه قبل سواه، ليكون قتل الحمامة، مدخلاً لعالم لا يعود أهلاً للعيش، أو يمكن الاستقرار فيه كذلك.

وكأن الربط بين الحمامة، وهي تطير، كما هو الطفل المتداخل معها، لأنه يطير صوب مستقبله، وذلك الجندي الذي لابد أن يكون قريباً منه، أنه شاهده بطريقة ما، وقد أقلقه، هو لسان حال وضع الطفل.
وفي قصيدة للشاعرة رانيا فوزي:
يا بلادي عشت دوماً حرة طول السنين
عشت فوق الكل فوق الطامعين
عشت دوماً قدوة للعالمين
عشت نيلاً وربيعاً يا بلاد المخلصين

وهذه الشاعرة الصغيرة نفسها هي التي تعبر عن حبها لأبيها وتذكر فضله عليها، فتخاطبه قائلةً:
علمتني حب الوطنْ
علمتني أحب كل الناسِ
أنشد الأملْ
وأن أعيش بالمُثُلْ

وتتغنى هذه الشاعرة الصغيرة بهذه الكلمات تعبيراً عن حبها للأم وتقديرها لعطائها ( )، فتقول:
يا وردة الورد
يا جميلة الصفات
يا من وهبت العمر كله لنا
يا أجمل الزهرات
يا من سهرت الليل كي نرتاح
عشتِ لنا طول الحياة
الخاتمة:
الأطفال يفكرون ويشعرون ويعجبون ويدهشون ويتألمون ويحلمون، وحياتهم مليئة بالحب والخوف، وما أكثر ما يعرفه الأطفال، لكن القليل هو ما يعبرون عنه.
الطفل تواق إلى استكشاف الحياة، ومعرفة عالم الكبار، لكنه بحاجة إلى من يكتب له ويمد عقله بما يحتاجه في طفولته، ليعرف ذاته، ويعرف البيئة المادية المحيطة به. والأدب يساهم في تهيئة تلك الفرص اللازمة لتلك المعرفة، من خلال ما يقدمه من أعمال أدبية خاصة بالطفل.
ومن الملاحظ أن القصة تأتي في المقام الأول من الأدب المقدم للطفل، لما تحويه من عناصر التشويق، والتأثير في وجدان الأطفال وخيالهم، ثم يأتي الشعر في المرتبة الثانية من هذا الأدب.
كما يجب ألا نستهين بالكتابة للأطفال، فهي كما نعتقد، أصعب من الكتابة للكبار. وقد سُئِلَ الكاتب الكبير (صمويل بيكيت) ذات يوم لماذا لا تكتب للأطفال؟ فقال: "لأنني لم أنضج بعد".
وأخيراً: إن مثل هذه الدراسات دعوة للمسؤولين في الحكومة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة ووزارة الإعلام، ودور النشر، والمراكز الثقافية، والجمعيات الأهلية وكل المهتمين بتربية الطفل .. دعوة لكل هؤلاء لتوفير حياة ثقافية أفضل للطفل العربي على وجه العموم، والطفل الفلسطيني على وجه الخصوص. وذلك من خلال إيجاد آلية عمل حقيقية لتوفير ما يحتاجه الطفل من كتب خاصة به، ووسائل تثقيفية وترفيهية بأسعار مخفضة جداً. من خلال دعم تلك المؤسسات لحاجات الطفل، وعمل ملاحق خاصة للأطفال في الصحف والمجلات، تسهم في تحصين الأطفال من الأخطار المحدقة بهم، ومن أي تلوث فكري ونفسي تسببه وسائل الأعلام الصهيونية وغيرها.
المصادر والمراجع


أولاً: المصادر العامة:
1- القرآن الكريم.
2- الحديث الشريف.
أ‌- سنن ابن ماجة: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – دار إحياء التراث العربي – 1975م.
ب‌- سنن الدار قطني – الجزء الثالث ، ص298.
           ج-  شعب الإيمان لأحمد بن الحسين البيهقي 240/325.
3- الصحاح للجوهري – تحقيق أحمد عبد الغفور عطار – دار العلم للملايين – ط2- 1989 – بيروت.
4- القاموس المحيط -  الفيروز أبادي- المطبعة الأميرية – القاهرة – 1301 هـ.
5- المعجم الوسيط – عبد السلام هارون وآخرون - مجمع اللغة العربية – القاهرة – ط2 – 1972م. مطبعة مصر – القاهرة – 1960م – ج1.
6- المنجد في اللغة والأعلام – دار الشروق- بيروت.
7-  خزانة الأدب – الجزء الرابع.
8- لسان العرب: ابن منظور – دار صادر – بيروت.
9- مجمل اللغة – أحمد بن فارس – تحقيق زهير عبد المحسن سلطان – مؤسسة الرسالة – ط1 – 1404هـ.

ثانياً: المصادر والمراجع العربية والمترجمة:
1. إبراهيم صبيح – الطفولة في الشعر العربي الحديث – دار الثقافة – الدوحة – قطر  – ط1 – 1985م.
2. ابن عبد ربه الأندلسي  - تأديب الناشئين بأدب الدنيا والدين– تحقيق محمد إبراهيم سليم – مكتبة القرآن – القاهرة – 1406هـ - 1985م.
3. إحسان عباس – فن القصة  - دار العلم للملايين - بيروت– 1974م.
4. أحمد أبو أسعد – أغاني ترقيص الأطفال عند العرب – مكتبة التراث الشعبي – دار العلم للملايين– (د. ت).
5. أحمد المصلح – أدب الأطفال في الأردن – وزارة الثقافة – عمان – 1989.
6. أحمد حسن حنورة –  أدب الأطفال – مكتبة الفلاح – الكويت.
7. أحمد زلط   - أدب الطفل  العربي – دار الوفاء الإسكندرية – ط2.
8.            -  معجم الطفولة – دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع – الإسكندرية – ط1 – 2000م.               
9. أحمد زياد محبك – الحكايات الشعبية – اتحاد الكتاب العرب - دمشق– 1999م.
10. أحمد علي كنعان – الطفولة في الشعر العربي والعالمي- المطبعة العالمية – دمشق  – ط1 – 1995م.
11. أحمد عيسى – الغناء للأطفال  عند العرب – المقدمة – مطبعة بولاق – القاهرة – 1936م.
12. إسحاق موسى الحسيني – مذكرات دجاجة – دار المعارف – مصر – ط2 – 1943.
13. إسماعيل الملحم – كيف نعتني بالطفل وأدبه – دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة – دمشق – 1994م.
14. إسماعيل عبد الفتاح – أدب الأطفال- الدار العربية للكتاب  –  ط1 – 2000م.
15. الراغب الأصفهاني - محاضرات الأدباء - ج1.
16. المتوكل طه - الكنوز– دار الشروق – عمان- الأردن -  ط1 – 1999م.
17. إميل ناصف – أروع ما قيل من أغانٍ وأشعار – ط1 – 1993.
18. إيليا أبو ماضي – ديوان إيليا أبو ماضي – دارة العودة – بيروت – (د. ت).
19. إيليا الحاوي – في النقد والأدب – دار الكتاب اللبناني- بيروت (د.ت).

20. تزيفتان تودوروف، مدخل إلى الأدب العجائبي – ترجمة الصديق بو علام ، مراجعة محمد برادة – دار شرقيات – القاهرة – ط (1) – 1994م.
21. جابر عبد الحميد وآخرون – الطرق الخاصة بتدريس اللغة العربية وأدب الأطفال – القاهرة – الجهاز المركزي – للكتب الجامعية والمدرسية – 1977م.
22. جمال أبو رية – ثقافة الطفل العربي- دار المعارف – القاهرة – 1987م.
23. جوناثان سويفت – رحلات جوليفر – ترجمة عاطف عمارة – المكتب العربي للمعارف – القاهرة – 2002م.
24. حامد عبد السلام زهران – علم نفس النمو – عالم الكتب -   القاهرة – ط4- م.1982
25. حميد الحمداني، بنية النص السردي- المركز الثقافي العربي - لبنان– ط2- 1993م.
26. حميد قاسم – نسمة الصباح – ثقافة الأطفال – بغداد – 1985م.
27. خالد يوسف – يحيا بلدي – ص 17 – دار ثقافة الأطفال – بغداد – 1981م.
28. دانيل ديغو – ربنسون كروزو – سلسلة المكتبة العالمية – المكتب العلمي للتأليف والترجمة – دار العلم للملايين – بيروت – لبنان – 1998م.
29. رولان بورنوف وريال أوئيليه – عالم الرواية – ترجمة نهاد التكرلي – دار الشئون الثقافية العامة – بغداد – 1991م.
30. سامي عزيز وآخرون – الطفل العربي والمستقبل –  كتاب سلسلة العربي – العدد 23 – الكويت – نيسان 1989.
31. سعد أبو الرضا – النص الأدبي للأطفال- دار البشير – ط1 – 1993م.
32. سليمان العيسى على طريق العمر – معالم سيرة ذاتية – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – ط1 – 1996م .
33. سهير محفوظ – تبسيط أدب الكبار للأطفال- الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1991م.
34. سيسيليا ميرايل- مشكلات الأدب الطفلي – ترجمة مها عرنوق – وزارة الثقافة – دمشق - 1997م .
35. شاكر النابلسي – جماليات المكان في الرواية العربية – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – 1994م.
36. شهاب الدين محمد بن أحمد الإبشيهني- المستطرف في كل فن مستظرف – ج2 – دار الجليل - بيروت – لبنان – (د.ت).
37. طلعت فهمي خفاجي – أدب الأطفال في مواجهة الغزو الثقافي – مكتبة الإشرو- طنطا  – ط1 – 2006م.
38. طه وادي – دراسات في نقد الرواية –  الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة - ط1 – 1981م.
39. عبد التواب يوسف – الطفل العربي والأدب الشعبي – دار الكتاب المصري اللبناني – القاهرة – ط1- 2002م.
40. عبد الرؤوف أبو السعد – الطفل وعالمه الأدبي – دار المعارف – القاهرة – ط1 – 1994.
41. عبد الفتاح أبو معال – أدب الأطفال – دار الشروق للنشر والتوزيع – عمان – ط2 – 2000م.
42. عبد الله أبو هيف – التنمية الثقافية للطفل العربي – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2001م.
43. عبد الملك مرتاض – دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة أين ليلاي لمحمد العيد آل خليفة – ديوان المطبوعات الجامعية الجزائرية – الجزائر – 1992م.
44. عز الدين إسماعيل –  روح العصر- دار الرائد العربي.
45. عزيزة مريدن – القصة والرواية – دار الفكر – دمشق - 1980م.
46. علي الحداد – اليد والبرعم – دراسات في أدب الطفل – د.ت – صنعاء – 2000م.
47. علي الحديدي – في أدب الأطفال – مكتبة الأنجلو المصرية – ط2 – 1976م.
48. علي حمد الله – أدب الأطفال – وزارة التربية – دمشق – ط1- 1987م.
49. علي شلق- نجيب محفوظ في مجهولة المعلوم- دار المسيرة – بيروت - ط1- 1974م.
50. علي محمود الجريري، وعمر حسن شكارنه – أدب الأطفال- أصوله وفنونه – دار الكتاب – القدس – ط2- 1982م.
51. عمر الأسعد – أدب الأطفال – عالم الكتب الحديث – الأردن – 2003م.
52. عيسى الشماس – القصة الطفلية في سورية- وزارة الثقافة – دمشق – 1996م.
53. غسان كنفاني – القنديل الصغير – دار الفتى العربي – سلسلة الأفق الجديد – بيروت – ط3 – 1980م.
54. فرات علي أبو طه- أنا لست عنيفاً – مركز أدب الأطفال – حيفا – 2003م.
55. فلاديمير ألكسندروف – قصائد الأطفال – ترجمة : د. عبد الرحيم أبو ذكرى – موسكو – 1989م.
56. فوزي عيسى – أدب الأطفال  - منشأة المعارف بالإسكندرية – 1998م.
57. كافية رمضان – تقويم قصص الأطفال – الكويت – مطبعة جامعة الكويت – 1979م.
58. ماري جميل فاشة – البيليوغرافيا الفلسطينية لكتب الأطفال- مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي – رام الله – 1997.
59. مجدي وهبة وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربي – مكتبة لبنان – ط1 – 1984م.
60. محسن ناصر الكناني – سحر القصة والحكاية – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000م.
61. محمد إبراهيم حوران – الطفل والتراث – دائرة الثقافة والإعلام – ط1- 1993م.
62. محمد أديب الجاجي  – أدب الأطفال في المنظور الإسلامي – دار عمان – عمان – الأردن – ط1 – 1999م.
63. محمد الظاهر – أغنيات للوطن – عمان – دار الشروق للنشر والتوزيع – 1984م.
64. محمد الهراوي – سمير الأطفال – ط1 – 1928م.
65. محمد جحيرات وسلمان عليان – الأرنب العجوز وأحفاده الخمسة – مركز أدب الأطفال – حيفا (د.ت).
66. محمد حسن بريغش – أدب الأطفال – أهدافه وسماته – مؤسسة الرسالة - بيروت – ط2 – 1997م.
67. محمد صالح جمال وآخرون – كيف نعلم أطفالنا – بيروت – دار الشعب (د.ت).
68. محمد طه عصر – سيكولوجية الموهبة الأدبية والطفولة – عالم الكتب – ط1 – 2000م.
69. محمد عبد الرؤوف الشيخ - أدب الأطفال وبناء الشخصية- دار القلم للنشر والتوزيع – الإمارات المتحدة – ط2 – 1997م.
70. محمد عزام – شعرية الخطاب السردي- اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2005م.
71.             – مصطلحات نقدية من التراث الأدبي العربي – ط1 – 1995م.
72. محمد علي الهرفي – أدب الأطفال- مؤسسة المختار للنشر التوزيع – القاهرة – ط1 – 2001م.
73. محمد محمود رضوان وأحمد نجيب – أدب الأطفال – ج2- دار المعارف – القاهرة – 1988م.
74. محي الدين سليمة – أغاريد الأطفال – دار الفكر – دمشق – ط1- 1983م.
75. مصطفى عبد السلام الهيتي – عالم الشخصية - بغداد – 1985م.
76. مصطفى عكرمة – أجمل ما غنى الأطفال – دار الفكر – دمشق – ط1 – 1987م.
77. مفتاح دياب – مقدمة في ثقافة وأدب الأطفال – الدار الدولية للنشر والتوزيع – القاهرة – 1995م.
78. موسى سليمان – القصص المنقول – دار الكتاب اللبناني – بيروت – 1984م.
79. نادي ساري الديك – في أدب الأطفال (من السومريين حتى القرن العشرين – مؤسسة الأسوار – عكا – ط1 – 2001م.
80. نجيب الكيلاني – أدب الأطفال في ضوء الإسلام.
81. هادي نعمان الهيتي – أدب الأطفال – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1986م .
82.              - ثقافة الأطفال – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت – 1988م .
83. هدى قناوي – الطفل وأدب الأطفال- مكتبة الأنجلو - القاهرة – 1994م .
84. يوسف العظم – أناشيد وأغاريد – المكتب الإسلامي – بيروت – دمشق – 1984م.


ثالثا: الرسائل الجامعية:
1. تيسير عبد الله المغربي – قصص الأطفال في الأدب الفلسطيني - مخطوطة رسالة ماجستير – إشراف د. محمد البوجي – جامعة الأزهر بغزة – 2006م.
2. سمير عبد الوهاب – أحمد – تطور منهج النصوص الأدبية في المدرسة الابتدائية منذ سنة 1925 – 1983 – رسالة ماجستير (غير منشورة) كلية التربية – جامعة عين شمس – 1985م.
3. عبلة ثابت- الطفولة في الشعر الفلسطيني المعاصر – رسالة ماجستير – إشراف الدكتور عدنان قاسم – جامعة الأقصى – غزة – 2002م.
4. عمر علوان – تقويم الأناشيد والمحفوظات في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي – رسالة ماجستير (غير منشورة) جامعة القاهرة – معهد الدراسات والبحوث  التربوية – 1988م.


5. محمد بكر البوجي – محمد عثمان جلال ودوره في الأدب العربي الحديث- رسالة ماجستير – معهد البحوث والدراسات العربية – 1985م.
رابعاً: المجلات والدوريات:
1. أسعد الجبوري – أدب الأطفال (قطار على سكة مثلمة) – مجلة الموقف الأدبي – اتحاد الكتاب – دمشق – العدد  أيار(61) – 1970م.
2. الموسوعة الفلسطينية – القسم الثاني – المجلد الرابع – ط1 – بيروت – 1990م.
3. بول فيريليو – غول العولمة وأسطورة الإبداع الخاص – ترجمة مدني قصري، صحيفة "الرأي" – عمان – الأردن – الاثنين 5 إبريل – 2004م.
4. حسن شحاته – دراسات وبحوث في أدب الأطفال- مكتبة إتنش- القاهرة – 1989.
5. خليل محمد سالم الحسيني – دراسات في أدب الأطفال – وزارة الثقافة الفلسطينية – رام الله – 2001م.
6. رشدي صالح – المأثورات الشعبية – مجلة عالم الفكر – م3- عدد (1)- الكويت – 1972م.
7. روضة فرخ الهدهد – أدب الأطفال في الأردن – مجلة الموقف الأدبي – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – العدد 297 – السنة الخامسة والعشرون – كانون الثاني – 1996.
8. شوقي بغدادي – جماليات الخيال الطفلي – مجلة الموقف الأدبي – العدد 236 – دمشق- تشرين الأول – 1989م.
9. صحيفة الشرق الأوسط – العدد 9700 – الأحد 2005م – ص11.
10. عادل أبو شنب – أدب الأطفال في سورية – مجلة الموقف الأدبي – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – العدد (1-2) – حزيران – 1975.
11. عصام عبد المالك – كتب إلكترونية للأطفال في مكتبات بريطانيا العامة – مجلة العربية – 3000 – النادي العربي للمعلومات بالتعاون مع مركز المعلومات والمكتبة بجامعة الدول العربية- القاهرة –العدد (1) – 2002م.
12. علي حمد الله – ندوة أدب الأطفال في تونس – 5-7 أيار – مجلة الموقف الأدبي – العدد 184- آب – 1986م.
13. عماد زكي – وظائف أدب الخيال العلمي إزاء الطفل العربي – المؤتمر الثامن عشر – عمان 12 – 19- كانون الأول – 1992م، بعنوان: أدب الطفل العربي "الخيال العلمي وأثره في تكوين عقلية الطفل العربي".
14. عمرو خيري – هاري بوتر الساحر الصغير – مجلة العربي الصغير – الكويت – العدد 160 – يناير 2006م.
15. مؤتمر الطفل العربي في مهب التأثيرات الثقافية المختلفة (25 – 27 سبتمبر 2005م) المجلس العربي للطفولة والتنمية – مكتبة الإسكندرية (د.ت).
16. مجلة الأدب الإسلامي – رابطة الأدب الإسلامي العالمي – العدد الحادي عشر، السنة الثالثة – 1996م.
17. مجلة الحرس الوطني –مقالة: بعنوان أدب الأطفال بين النظرية والتطبيق – العدد 24 – 5 – 1995م.
18. مجلة العربي – 17 – إبريل – 1973- ص15.
19. مجلة النهضة – الكويت، العدد 478- السنة التاسعة – 1976م.
20. محمد سعيدي – حركية الشخصية في الرواية الجديدة – مجلة تجليات الحداثة – العدد 3 – معهد اللغة العربية وآدابها – جامعة وهران - الجزائر – 1994م.
21. مصطفى رجب – أدب الأطفال في تراثنا القديم – مجلة العربي – العدد 464 – الكويت، 1-7-1997م – ص26.
22. نجلاء شهوان – أدب الأطفال القصصي – صحيفة الفجر المقدسية (برنامج الفجر الأدبي) - القدس – 1991.






















الفهرس

الموضوع الصفحة

الإهداء .....................................................
ب
المقدمة...................................................... ج

الفصل الأول: أدب الأطفال مفهومه وأهميته
وتطوره وسماته الفنية
مفهوم الأدب ................................................


8
مفهوم أدب الأطفال ......................................... 11
أهمية أدب الأطفال........................................... 13
أهداف أدب الأطفال ......................................... 17
أدب الطفل نشأته وتطوره ................................... 19
أولاً: مرحة ما قبل الكتابة الحديثة للأطفال .................. 19
ثانياً: مرحلة الكتابة للأطفال................................. 20
أ- مرحلة الكتابة للأطفال عند الغرب ....................... 20
ب- مرحلة الكتابة للأطفال عند العرب ...................... 23
ج- نشأة وتطور قصص الأطفال في الأدب الفلسطيني....... 27
مرحلة الطفولة والمعايير التي يتم على ضوئها صناعة أدب الأطفال....................................................
30
السمات الفنية التي ينبغي توافرها في النص الأدبي الخاص بالطفل:...................................................... 30
مراحل الطفل العمرية وعلاقتها بقراءته للقصص............. 33
وسائل تشجيع أدب الأطفال.................................. 41


الفصل الثاني: الفن القصصي للطفل
المعنى اللغوي للقصة........................................

46
المعنى الاصطلاحي لقصص الأطفال......................... 47
نشأة القصة ................................................. 50
نماذج منوعة لقصص الأطفال ............................... 56
العلاقة بين القصة والحكاية في أدب الأطفال ................ 80
أشكال الحكاية في أدب الأطفال ............................. 81
أنواع القصة وموضوعاتها................................... 83
قصص الأطفال في العصر الحديث ......................... 86
البناء الفني لقصص الأطفال ................................. 88
أهداف سرد القصة........................................... 98

الفصل الثالث: الشعر الخاص بالأطفال
الشعر في المنظور العربي ..................................

103
نشأة الشعر ....................................................... 104
تعريف الشعر في أدب الأطفال .............................. 105
مراحل تطور الشعر في أدب الأطفال ...................... 108
شعر الأطفال عند العرب في العصر الحديث ............. 117
أهمية الشعر الخاص للأطفال ................................ 129
خصائص الشعر المقدم للأطفال ............................. 133
أنواع الشعر عند العرب .................................... 134
شعراء لهم إسهامات في أدب الأطفال ....................... 151
أغاني وأناشيد الأطفال وأنواعها.............................. 162
قيمة الأغنية ووظيفتها في حياة الأطفال ...................... 190
أطفال شعراء ............................................... 191
الخاتمة ..................................................... 195
المراجع .................................................... 196
الفهرس ..................................................... 207

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق